بعد نهاية الانتخابات الجماعية الأخيرة، التي نظمت يوم 12 من شهر يونيو ,2009 قامت الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري بإعداد تقرير كامل، تقدم فيه حصيلة المتعهدين في المجالين الإذاعي والتلفزي، سواء تعلق الأمر بالمجال السمعي البصري الخاص أو العمومي، ولم يتلق التقرير أي ردود فعل في الساحة السياسية من قبل الفاعلين أو الأفراد في المشهد السياسي. غير أن الطريقة التي أعد بها التقرير تتضمن نوعا من التحايل، بقصد أو بدونه، بإعطاء نسب الأحزاب السياسي بشكل عام، مما أدى إلى فهم عام داخل الأحزاب السياسية بكونها قد استفادت بشكل عادل يحترم التعددية، والأصل أن فصل كل مؤسسة إعلامية على حدا سيوضح بجلاء طبيعة توزيع النسب بين الفرقاء السياسيين، فإجمال النسب بما فيها المحلية يغطي على التوزيع الحقيقي، ذلك أن الإذاعات التي تستهدف مجموعة سكانية محدودة تختلف عن المؤسسات الإعلامية الوطنية. وقد أوضحت الدراسة أن حزب الاستقلال احتل الرتبة الأولى في إطار تدخلات الأحزاب السياسية في وسائل الاتصال السمعي البصري متعددة الجهات( أطلنتيك، أصوات، كاب راديو)، يليه حزب الأصالة والمعاصرة ثم حزب العدالة والتنمية ثالثا. كما يسجل أن إذاعة أصوات تحتل الرتبة الأولى في تناول قضايا الأحزاب السياسية ضمن برامجها بحجم زمني وصل في النصف الأول من 2009 (دون نشرات الأخبار) 502214 ساعة. في المقابل احتل حزب العدالة والتنمية المرتبة الأولى من حيث التناول ضمن خانة الإذاعات ذات التغطية الجهوية أو المحلية. وفي المقابل، من خلال التقريرين التركيبين، يسجل أن حزب الأصالة والمعاصرة(يشغل عضوين من الهاكا منصبين قياديين في حزب الأصالة والمعاصرة، يتعلق الأمر بصلاح الوديع وإلياس العماري) حظي بالمرتبة الأولى ضمن وسائل الإعلام السمعية البصرية العمومية. من خلال التقريرين التركيبيين اللذين أنجزتهما الهاكا بخصوص ضمان تعددية الفكر والرأي داخل وسائل الإعلام السمعية والبصرية العمومية والخاصة، سواء في نشرات الأخبار أوضمن المجلات والبرامج الأخرى نسجل الملاحظات التالية: - الهاكا سجلت في كثير من محطات التقريرين أن هناك خللا في تدبير مسألة التعددية داخل جل هاته الوسائل الإعلامية، لكن الغريب أن الهاكا خلصت في نهاية تقريرها بخصوص التعددية ضمن المجلات والبرامج الأخرى إلى أن هناك عموما إنصاف في تدبير العلاقة بين تدخلات الحكومة وأغلبيتها مع تدخلات المعارضة. دون أن تحاول الهاكا معالجة إشكالية التعددية داخل كل وسيلة إعلامية على حدة. ذلك أن هناك إذاعات خاصة أمست تدخلات المعارضة تكاد لاتحصى أمام حصص الحكومة والأغلبية. - لقد اشتغل التقرير الخاص بنشرات الأخبار على الفترة الممتدة بين فاتح أبريل إلى 30 يونيو ,2009 والتقرير المرصود للمجلات والأخبار الأخرى على فترة فاتح إلى 30 يونيو ,2009 وخلال هاته الفترة عرف المغرب استحقاقات الجماعات المحلية ل 12 يونيو ,2009 مما يفسر من جهة حجم الساعات المرصودة للشأن الحزبي في برامج الإذاعات الخاصة، ويعطي أهمية من جهة أخرى لدور الهاكا في رصد الخروقات المتعلقة بعدم ضمان الإنصاف في الولوج إلى وسائل الإعلام بهدف شرح الخطابات الحزبية وبث المعلومة. و تؤكد الدراسة وجود أخطاء منهجية وقع فيها التقريران هو التعميم، فعندما تحقق المعدل المرسوم من قبل الهاكا للإنصاف بين المعارضة والحكومة داخل وسائل الإعلام بشكل عام، مما لا يعني بالضرورة ضمانا لتعددية الفكر والرأي، خاصة في ظل الإستفهام الحاصل حول كل محطة على حدا الشيء الذي تجنبته الهاكا، خاصة أن تأثير محطة وطنية أو متعددة الجهات لا يعادل تأثير إذاعة محلية أو جهوية. وخلصت الدراسة إلى تسجيل أن مبدأ الإنصاف وضمان تعددية الفكر والرأي، من خلال التقريرين، اخترق داخل جل وسائل الإعلام السمعية والبصرية، وهذا يطرح سؤال جدلية السياسي والإعلامي في تجربة تحرير قطاع السمعي البصري في المغرب، فلا يعقل مثلا أن تتفوق بعض الإذاعات الخاصة على الإذاعة والتلفزة المغربية في تمجيد الحكومة وأغلبيتها وتهمش أطراف المعارضة البرلمانية وتقصي صوت الأحزاب غير الممثلة في البرلمان. وهذا يستدعي من الهاكا الانكباب على موضوع التعددية وفق معايير ومنهجيات علمية، تستحضر الخاص ضمن العام، وبعيدا عن الهواجس السياسية.