يعتبر إحداث الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري في المغرب قرارا تاريخيا بكل المقاييس . فبعد عقود من احتكار الدول لوسائل الاعلام السمعية البصرية يأتي الظهير الشريف رقم 212/ 02/1 الذي نشر أول أمس الاثنين بالجريدة الرسمية ليضع حدا لهذا الاحتكار الذي تجاوزته الظروف سواء السياسية أو الاجتماعية أو حتى الاقتصادية. ويعكس الظهير الشريف القاضي باحداث هذه الهيأة العليا بصفة أساسية الرغبة في خلق موءسسة توفر جميع ضمانات التجرد والنزاهة والحياد والنفوذ المعنوي والتقني والقانوني لادارة القطاع السمعي البصري الخاص والعام وكذا حرص جلالة الملك محمد السادس على تأهيل قطاع الاعلام السمعي البصري لينهض بدوره كاملا في بناء المشروع المجتمعي الديمقراطي الحداثي الذي يقوده جلالته ورفع تحديات العصرنة والمنافسة وتوفير ضمانات تعددية الاعلام وحريته ووضع الضوابط التنظيمية اللازمة . وفي غياب تنصيص الدستور على أحكام تتعلق باحداث الهيئة المعنية وتحديد اختصاصاته وعلاقتها مع الحكومة والبرلمان والسلطة القضائية فان مسألة استقلالية الهيأة حتمت جعل هذه الاخيرة تحت الرعاية الملكية السامية لتتوفر فيها كل اسباب التجرد والنزاهة والحياد خاصة وأن الفصل 19 من الدستور يخول لجلالة الملك ضمان الحريات وحقوق الافراد والجماعات وتسهر الهيئة العليا على تطبيق واحترام مبادىء حرية التعبير والتعددية وحياد الفاعلين في مجال الاتصال السمعي البصري فيما تكمن صلاحياتها في ممارسة مهام استشارية وتنظيمية ورقابية.. فبخصوص المهمة الاولى تكمن صلاحيات الهيأة العليا في مهمة استشارية لدى جلالة الملك والحكومة والبرلمان. ويمكن ان تكون هذه المهمة اختيارية مرتبطة بارادة السلطات المعنية غير أن من الضروري الحصول على رأي الهيئة العليا في مشاريع المراسم ومشاريع القوانين ومقترحات القوانين المتعلقة بقطاع الاتصال السمعي س البصري كي يتيسر لها التأكد من ان مضمونها يحترم مبادىء الحرية والحياة التعددية ضمن الحدود المشار اليها.إحداث الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري.. وتزاول الهيئة العليا نشاطا شبه تنظيمي باعداد ودراسة دفاتر التحملات الخاصة بمن يطلبون استغلال اذاعة او تلفزة وتكتسي هذه الدفاتر ة أهمية بالغة نظرا لما تحدده في غياب نص تشريعي أو تنظيمي عام من قواعد تعلق بالاشهار ومضمونه وطريق وتتضمن دفاتر التحملات من جهة اخرى العقوبات المقررة للالتزامات المبنية فيها والصادرة عن الهيأة العليا ما عدا اذاكانت العقوب راجعة لنظر السلطة الفضائية الزجرية تطبيقا للقوانين الجنائية العامة أو الخاصة أو لسلطة حكومية عملا بنص قانوني وتقترح الهيئة العليا على الحكومة الرخص اللازمة لاحداث واستغلال المنشآت التي تقدم خدمات الاتصال السمعي س البصري في القطاع الخاص وتمنح الموجات المخصصة للقطاع السمعي س البصري من لدن الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات مما يؤكد دور التنسيق الذي تقوم به في تدبير الموجات الراديو كهربائية وتمارس الهيئة العليا من جهة اخرى مراقبة خاصة على القطاع السمعي البصري العام نظرا لتمويله من لدن المجموعة الوطنية ولضرورة قيامه بمهام المرفق العام بكل ما يلزم من الصرامة واعتبارا لاستمراره كافضل مجال للتعبير عن التعددية ونتيجة لذلك ستصادق الهيئة العليا على دفاتر التحولات الخاصة بالقطاع العام التي تعتبر بمثابة رخصة للشركات الوطنية علما بان الحكومة تظل مختصة وحدها بتسليم رخص القطاع الخاص. واخيرا فان الهيئة العليا ستتولى في انتظار صدور نصوص تشريعية عامة تحديد كيفية ولوج المجال السمعي س البصري العام من لدن الاحزاب او المترشحين للانتخابات وتقوم الهيئة العليا بأعمال المراقبة وتعاقب أو تقترح العقوبات المقررة في شأن المخالفات للقوانين أو الانظمة أو دفاتر التحملات وتوجه على الخصوص اعذارا الى منشآت الاتصال السمعي س البصري لبث ردود الحكومة أو الجواب المسموح به للاشخاص المرتكب القذف في حقهم وتتوفر الهيئة العليا لهذا الغرض على مجموعة مراقبين يزاولون مهامهم سواء بالنسبة الى المنشآت التي تقدم خدمات الاتصال السمعي س البصري قصد التأكد من مطابقة أنشطتها للقوانين والانظمة ودفاتر التحملات أو بالنسبة كذلك الى الاشخاص الذين ألحقوا مساسا بحقوق هذه المنشآت عن طريق التسويق التدليسي لوسائل استقبال البرامج الموءدي عنه. فبإحداث الهيئة العليا للاتصال السمعي وتتألف الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري من مجلس أعلى ومديرية المجلس الاعلى .. هو الجهاز التداولي للهيأة العليا .ويضم تسعة اشخاص هم الرئيس واربعة اعضاء يعينهم جلالة الملك وعضوان يعينهما الوزير الاول وعضوان يعين احدهما رئيس مجلس النواب والاخر رئيس مجلس المستشارين لمدة خمس سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة وضمانا لاستقلالية المجلس لا يمكن عزل الاعضاء المعينين طوال مدة انتدابهم وبادائهم جميعا القسم بين يدي جلالة الملك بالالتزام باداء المهام بتجرد ونزاهة وكتمان السر المهني وعدم اتخاذ مواقف علنية بشأن قضايا من اختصاص المجلس . ويخضعون كذلك لمختلف أوجه التنافي سواء ازاء السلطة العامة او المصالح المالية الخاصة. كما أن ميزانية الهيأة يعدها المدير العام ويتداول بشانها المجلس ويصادق جلالة الملك عليها وتدرج في ميزانية البلاط الملكي ويراقبها المجلس الاعلى للحسابات وينعقد المجلس مرة واحدة في الشهر على الاقل ويجتمع بدعوة من رئيسه تبعا لفترات محددة في نظامه الداخلي المديرية العامة.. هي الجهاز المكلف باعداد وتنفيذ قرارات المجلس الاعلى ويوجد على رأسها مدير عام يعين بظهير شريف وتتوفر المديرية العامة على جميع الوسائل البشرية والمادية والتقنية لدراسة واعداد وتنفيذ قرارات المجلس الاعلى ودراسة دفاتر التحملات الخاصة بالانشطة والمنشآت المتعلقة بالقطاع السمعي البصري ومراقبتها وفي ما يخص هيكلة الهيأة والنظام الاساسي فانه يتم اقراره من قبل جلالة الملك بناء على اقتراح من الرئيس مرفوق برأي الحكومة بشأنه إعداد ع. الهرتازى