يبدو أن الإساءة إلى الإسلام، وخصوصا إلى رسوله الكريم، أصبحت تجارة رابحة لدى بعض الصحف الغربية. وبالأخص منها تلك الصحف المغمورة التي صارت تتوسل إلى الشهرة والربح السريع والسهل باستفزاز المسلمين بالتهجم على شخص الرسول لما تعرفه من تقدير خاص له عندهم جميعا. ومن ذلك ما نشرته المجلة الإسبانية الساخرة إل خويبيس الخميس الماضي في عددها الأخير. يأتي هذا التهجم الجديد متزامنا مع توجيه القضاء الدانماركي تهمتين بمحاولة القتل إلى الصومالي الذي حاول قتل كورت فسترغارد رسام الكاريكاتور الذي أثارت رسومه المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم زوبعة منذ سنوات. ما قامت به المجلة الإسبانية تهجم مجاني على الإسلام والمسلمين. فالطعن في الرسول صلى الله عليه وسلم خط أحمر ينسف كل دعاوى الحوار بين الأديان والشعوب والحضارات، لكن ما العمل إزاء ذلك؟. فهل نسكت عن الطعن في نبينا حتى نفوت على المغرضين فرصة تحقيق أهدافهم الخبيثة؟ أم ندافع عن رموز ديننا الحنيف مهما كان الأمر؟ نعم، لا يجوز السكوت على مثل هذه الاستفزازات كما يدعو إلى ذلك البعض مفضلين نهج خيار النعامة؛ لكننا في حاجة إلى رد حضاري وفعال في الوقت نفسه الذي يحفظ لرموز ديننا الاحترام اللازم. ولا يتيح لبعض وسائل الإعلام فرصة تصوير المسلمين كما لو كانوا همجا يلجئون إلى العنف وإحراق المباني والسفارات عند أول استفزاز. مجلة الخميس الإسبانية لم تكن معروفة عند العرب. ولكن يبدو أن تجاوزها للخط الأحمر في الإساءة إلى الإسلام وإلى رسول الإسلام قد يحقق لها بعض ما تصبو إليه من شهرة إلا أنها تعكس توجها متناميا في الغرب يعمل على إدامة التوتر مع العالم الإسلامي، وتعميق الشرخ معه وقطع الطريق على أي امكانية للتعايش والحوار. كل ذلك بهدف توفير الشروط الثقافية والاجتماعية التي تجعل دعاة العداء للإسلام يكسبون استفتاءات قد تنظم حول قضايا الاسلام، مثل ما حصل مع قضية المآذن السويسرية والانتباه إلى هذه الخلفية العميقة شرط في بناء رد حضاري فعال. المطلوب هو استراتيجية متكاملة تتوجه لتلك البلدان نفسها وتخاطب مختلف الدوائر المسؤولة والمدنية والدينية فيها من أجل الانتباه لخطورة هذا المد العنصري الذي يأخذ طابع السلوكات الفردية المعزولة لكنه أخذ يتطور إلى تيار ممتد ينبغي مقاومته بمختلف الوسائل المدنية السلمية، ولا تفوت الفرصة للإشادة بموقف الحكومة الدنماركية التي منعت نشر هذه الرسوم.