لجأت الولاياتالمتحدةالأمريكية بعد الكشف عن جريمة تدنيس المصحف الشريف في قاعدة غوانتانامو العسكرية من طرف الجنود الأمريكيين إلى استراتيجية ذكية لامتصاص غضب العالم الإسلامي، وهي التي تقول بأنك عندما توجه بعض اللوم المتحفظ إلى نفسك تزداد مصداقيتك لدى الآخرين. بهذه المقدمة افتتحت يوميةلوفيغاروالفرنسية مقالها عن تدنيس القرآن الكريم يوم أول أمس السبت تعليقا علىاعترافاتالبنتاغون بوجود بعض حالات التعدي على المصحف قام بها جنود أمريكيون في معتقل غوانتانامو العسكري في كوبا، بعد افتضاح أمر تلك الجرائم عقب التقرير الذي نشرته أسبوعية نيوزويك الأمريكية في الأسبوع الماضي، قبل أن تتراجع عما نشرته وتنفي وقوع أحداث كتلك، بهدف نزع فتيل التوتر في اللحظة الأخيرة بعد انتشار موجة الغضب الشعبي ضد الولاياتالمتحدة في عموم العالم العربي الإسلامي ووسط الجاليات المسلمة في الغرب، واستندت الأسبوعية الأمريكية في نفي ما نشرته إلى غياب وجود البراهين على ذلك، حسب زعمها. فقد قال قائد القوات الأميركية في قاعدة خليج غوانتانامو جاي هود إن التحقيقات الأولية لم تعثر على أية أدلة موثوقة تشير إلى أن أياً من أفراد القوات العسكرية العاملة هناك قد ألقى بنسخة من المصحف الشريف في المرحاض، وأن البحث في حوالي 31 ألف وثيقة أدى إلى التأكد من أنه لم يتم تسجيل أي حالةذات مصداقيةللتعدي على القرآن الكريم، وأردف هود أنه تعرف على بعض حالات تدنيس المصحف الشريف غير المقصودة، وهي خمس حالات من بين 13 حالة مزعومة تأكد أنها ليست كلها صحيحة، وقد أسفرت في حالة واحدة عن اتخاذ بعض الإجراءات التأديبية بحق من قاموا بها، أما النائب الأول لمساعد وزير الدفاع للشؤون العامة دي روتا، فقد قال إن إحدى هذه الحالات ربما وقعت بصورة غير متعمدة عندما ألقي بالمصحف إلى الأرض. وسبق أن أعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر يوم الخميس ما قبل الماضي، أنها أبلغت السلطات الأمريكية في عدة مناسبات بين مطلع سنة 2002 ومنتصف 2003 بأن معتقلين في قاعدة غوانتاناموالأمريكية أكدوا لها حصول أعمال تدنيس للقرآن، وقال الناطق باسم اللجنة سيمون شورنو إن السلطات الأميركية اتخذت إجراءات تصحيحية على ما يبدو لأن المعلومات عن تدنيس القرآن توقفت بعد منتصف 2003.ويشير هذا التصريح النادر من قبل اللجنة الدولية للصليب الأحمر التي تحيط عادة بسرية تامة التقارير التي ترفعها إلى الحكومات يشير إلى أن تدنيس القرآن من قبل الحراس أوالمحققين في غوانتانامو كان مشكلة دائمة خلال أول سنة من عمل السجن. يذكر للإشارة أن المعلومات التي نشرت عن تعدي الجنود الأمريكيين على المصحف الشريف وتدنيسه قد أثارت غضبا واسعا واحتجاجات شعبية في المغرب ومصر وأفغانستان تطورت إلى أعمال عنف ومواجهات في هذه الأخيرة في الأسبوع الماضي، حيث إدت إلى مقتل 15 شخصا. ويوجد في معتقل غوانتانامو بخليج كوبا أزيد من 400 معتقل من مختلف أنحاء العالم الإسلامي المعتقلين على خلفية تفجيرات نيويورك وواشنطن في 11 سبتمبر 2001, لكنهم لم يقدموا للمحاكمات حتى الآن بعد مضي أكثر من ثلاث سنوات على احتجازهم في ظروف لا إنسانية ولا قانونية كشفتها عنها تقارير منظمات حقوقية دولية متعددة. إدريس الكنبوري