يتوفر إقليم طاطا على الكثير من المقابر المنتشرة عبر ربوع المنطقة المترامية الأطراف هنا وهناك، البعض منها يعود تاريخها إلى قرون من الزمان، إذ تعتبر شاهد عصر على مرحلة عاشتها المنطقة، إذ يوجد إلى جانب مقابر المسلمين مقابر لليهود في كل من أقا وإسافن وتكموت، وتعد آثارا تاريخية تزخر بها المنطقة. وعلى إثر الحروب التي عرفتها طاطا وكذلك فترة الاستعمار تم دفن الأموات بشكل عشوائي، وهذا ما أدى إلى ظهور مقابر غير منظمة، وتتوزع أغلبها بالإقليم حسب التجمعات السكانية وخاصة الدواوير، فقد عملت الجماعات السلالية وأرباب الأراضي على تخصيص قطع أرضية وقفا على هذه المقابر لتدفن فيها الأموات، وبذلك تشكلت أغلبها بشكل عشوائي ولم يعتمد في وضعها على معايير ولا شروط قانونية معينة، وهذا ما نشاهده في أكثرها، إذ توجد بالوسط القروي نسبة كبيرة منها، وخصوصا الدواوير والواحات، ونسبة قليلة في المجال الحضري وفي بعض الأحيان تبعد بمسافة قصيرة عن الساكنة. ومع الزيادة التي عرفها المجال العمراني بمدينة طاطا، أخذ البناء يتجاوز المساحة المخصصة له، وتم اختراق المقابر من قبل بعض المواطنين دون رادع من قبل السلطات ولا الساكنة كما هو الحال في مقبرة ايت بومحند بمنطقة إسافن، إذ قام أحد المواطنين بإخراج شرفة إلى جهة المقبرة، وتوجد أسفلها بعض القبور ليستغل بذلك الطابق العلوي لفائدته. كما تحولت بعضها إلى مزبلة يرمى فيها روث الأبقار والأغنام كما هو الشأن بالنسبة لمقبرة محند أو يوسف بدوار الجديد بطاطا، إذ تحولت هذه المقبرة إلى طرقات يقطعها بعض المارة ذهابا وإيابا حتى أصبحت الطريق الرئيسية للراجلين إلى مركز المدينة، ودكت بعض قبورها دكا حتى سويت بالأرض، فلا تكاد تميز هل هي مقبرة أم طريق. إضافة إلى التهميش الذي يتجلى في عدم وجود سياج يحيط بأكثرها، فعلى سبيل المثال مقبرة سيدي محند أحماد بأكادير الهناء، ومقبرة دوار السونح، ومقبرة تغرمت، ومقبرة الدوار الجديد، ومقبرة تزمكت أكاد ير الهناء فهي غير مسيجة ولم تكن هناك أي مبادرة من الساكنة أو جهة معينة لإنقاذها من عبث العابثين ومن الكلاب الضالة التي تتخذها مرتعا لها، وكذا انجراف التربة التي يعاني منها بعضها بسبب الأمطار. وقد استنكر مندوب الأوقاف والشؤون الإسلامية بالإقليم ما وصفه بالإهانات التي تتعرض لها المقابر، موضحا في تصريح لالتجديد أن الكل معني بالحفاظ على حرمتها، وأن المندوبية تقوم بواجبها في التدخل كلما توصلت بشكاية في الموضوع، على حد تعبيره.