المصادقة التي تمت في الجلسة العامة لمجلس النواب على تعديل فريق العدالة والتنمية القاضي بإحداث حساب خصوصي لصندوق التكافل العائلي ضمن مشروع قانون المالية ل 2010 يترجم تطورا دالا في الحياة السياسية الوطنية، يجعل من قبول التعديل ورفض وزارة المالية اللجوء إلى الفصل 51 لمنع التعديل وامتناع أحزاب من المعارضة عن إعاقة التعديل رغم الخصومة الحادة بينها وبين العدالة والتنمية، كل ذلك يؤشر على إرهصات صحوة ضمير نتمنى لها أن تستمر؛ خاصة في القضايا التي توجد خارج مجال المزايدات السياسية والصراعات الإيديولوجية. سنويا تتجاوز حالات الطلاق ما يفوق 28 ألف حالة، وبالرغم من مرور خمس سنوات على اعتماد مدونة الأسرة فإن الحكومة السابقة، والتي تلتها، لم تعمل على إخراج صندوق التكافلي العائلي باعتباره صمام أمان لضمان الحد الأدنى من التماسك الأسري، وكان من الممكن أن يكون الصندوق قائما وفعالا كما حصل مع حساب المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وبعدها المبادرات التي أعلنت من قبل بعض الوزارات كبرنامج تيسير الخاص بدعم تمدرس أطفال الأسر الفقيرة، والذي انطلق بإشراف من وزارة التربية الوطنية، لكن بقي الصندوق معلقا دون أن يبادر أي طرف أو منظمة نسائية معنية بقضايا المرأة لطرحه، ضدا على الأساس الذي بنيت عليه المدونة، أي تقوية التماسك الأسري. إن قضية الأسرة قضية وطنية، ولئن كان لتجربة المشاركة السياسية الإسلامية أن تصدت للدفاع عنها وتدقم مقترح تعديل يهم إحداث صندوق التكاف العائلي؛ فإن ذلك لا يطعن في الأطراف السياسية الأخرى، فالرابح من نجاح التعديل هو المغرب بكل مكوناته، وإن كشف التعديل وجها من أوجه فعالية المشاركة السياسية في الدفاع عن التصورات والبرامج ذات العلاقة بالمرجعية الإسلامية للمغرب، ويضاف إلى ذلك ما حمله التعديل من رد على الأطروحة المبخسة للعمل البرلماني ككل، والتي تحرص على القول بأن العمل البرلماني لا جدوى منه وأن البرلمان تحول إلى مجرد غرفة تسجيل، وهو ما كذبه التعديل السابق الخاص بمراجعة الضريبة على القيمة المضافة الخاصة بالمرابحة، ثم لاحقا التعديل الخاص بصندوق التكافل العائلي، دون أن يعني ذلك غياب وجود معيقات بنيوية تعوق الفاعلية الكاملة للمؤسسة التشريعية في القرابة والتشريع. الحكومة الآن أمام امتحان تجسيد التعديل وتحويله إلى واقع عبر وضع كافة الإجراءات الكفيلة بتطبيقه ومأسسة اشتغاله، حتى لا يكون حبرا على ورق، والانفتاح في ذلك على تجارب مختلف الدول، كما أنه امتحان آخر للمنظمات النسائية لمتابعة فعالة لمدى الالتزام الحكومي بذلك، فالنضال ليس مجرد احتجاج بل هو مراقبة واقتراح وإنجاز.