هدد حزب الأصالة والمعاصرة بالعمل على «إسقاط» الصيغة التي تم بها «تمرير» تعديل على قانون المالية للسنة المقبلة يقضي بإحداث «صندوق التكافل العائلي»، ويُنشأ بناء على ذلك، وابتداء من فاتح يناير من السنة المقبلة، حساب خصوصي للخزينة يسمى «صندوق التكافل العائلي»، يكون وزير العدل عبد الواحد الراضي هو الآمر بالصرف فيه. وصادق مجلس النواب، قبل أسبوعين في جلسة عامة مخصصة لمشروع قانون المالية، على تعديل تقدم به فريق العدالة والتنمية، وافق عليه 37 نائبا عن فريق العدالة والتنمية وعارضه 31 نائبا عن الأغلبية الحكومية، فيما امتنع عن التصويت 20 نائبا، منهم نواب من الفريق الاشتراكي، وهو ما أثّر سلبا على أغلبية الحكومة، التي ينتظرها «نقاش حاد» بخصوص الموضوع في الغرفة الثانية، كما وعد بذلك فريق الأصالة والمعاصرة. وتوعد رئيس فريق الأصالة والمعاصرة بغرفة المستشارين ونائب الأمين العام لحزب «التراكتور»، عبد الحكيم بنشماش، الحكومة ب«معركة أخرى» بالغرفة الثانية من أجل إعادة الأمور إلى نصابها وجعل هذا الصندوق يخدم حقيقة الأهداف التي وُضع من أجلها، بعيدا عن «الاستغلال السياسوي»، لمثل هذه الصناديق ذات الطابع الاجتماعي، ومن منطلق الأهمية الاجتماعية للصندوق الذي جاءت به مدونة الأسرة لحل إشكالية النفقة ودعم أيتام الأرامل وأبناء المطلقات، متهما الوزير عبد الواحد الراضي باستعمال عبارات ذات «حمولة قدحية» في حقه لمجرد أنه دافع عن ضرورة إعادة النظر في الصيغة حتى يستجيب الصندوق لأهدافه الاجتماعية النبيلة، وملوحا في الوقت ذاته بإمكانية استعمال التسجيلات الصوتية للراضي «عند الضرورة». وأضاف بنشماش في تصريح ل«المساء»، في سياق شرحه لما وصفه ب«المفارقة الغريبة» التي جعلت وزير العدل يقبل بتمرير تعديل تقدم به حزب العدالة والتنمية ولم يصوت عليه الفريق الاشتراكي، أن الصيغة التي تم قبولها من طرف وزارة العدل لن تكون ناجعة وقد تنعكس سلبا على عمل الصندوق، وهو ما «يؤكد بأن حرصنا على الطابع العملي لهذا الصندوق إنما هو الدور الاجتماعي الحاسم الذي سيقوم به، مما يفترض توفير كل الشروط اللازمة لإنجاحه وضمان استمرارية نشاطه». وأرجع رئيس فريق الأصالة والمعاصرة بالغرفة الثانية انتقاده تلك الطريقة إلى اعتبارات عدة، أهمها أن «تصور التعديل مناقض للمبادئ التي تؤطر هذا النوع من الحسابات الخصوصية، التي تنص على ضرورة وجود علاقة متلازمة بين المداخيل والنفقات، وهو ما لا نجده في حساب صندوق التكافل الاجتماعي، حيث تعتبر المداخيل المقررة في المادة انطلاقا من الرسوم القضائية فقط غير كافية لسد نفقات هذا الحساب». وأشار رئيس فريق الأصالة والمعاصرة، الذي اتهم الحكومة بأنها لم تكن «جريئة» لتطبيق الفصل 51 من طرف وزير المالية، إلى أن حكومة عباس الفاسي، بما فيها وزير العدل المشرف على جهاز القضاء (وبطبيعة الحال على تطبيق مقتضيات مدونة الأسرة)، لم تدرج هذا الموضوع ضمن مشروع قانون المالية للسنة المقبلة، وأن التصويت لفائدة إخراجه بالطريقة التي تمت بمجلس النواب، سيقود إلى فشل المشروع في تحقيق الغايات النبيلة التي كانت وراء التنصيص عليه كإحدى الآليات الكفيلة بضمان تطبيق سليم لما وصفه ب«المقتضيات الثورية» لمدونة الأسرة، مشيرا إلى ضرورة أن لا يكون الموضوع «مواجهة حزبية وتنافسا سياسيا»، بل يجب أن ينأى عن الصراعات الضيقة وعن منطق الربح والمزايدة السياسيين، وداعيا في نفس السياق إلى تفعيل ما ذهب إليه وزير العدل نفسه بمجلس المستشارين، عندما أقر بعدم نضج ظروف إخراج صندوق التكافل العائلي، وهو ما تكلف مكتب للدراسات بالبحث في وسائل وطرق ومصادر تمويله ومعايير الاستفادة والمناطق المستفيدة منه.