الاستقلال يشكك في دستوريته وال"بام" يحذر من إقراره والإسلاميون يحتجون على معارضيه بعد نجاح فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب في تمرير تعديل في قانون المالية ينص على إحداث صندوق التكافل العائلي الذي جاءت به مدونة الأسرة، تدل المؤشرات على أن المقترح قد يسقط من ميزانية العام المقبل لدى مناقشتها في مجلس المستشارين. فبعد افتتاحية جريدة "العلم"، الناطقة باسم حزب الاستقلال، والتي قالت إن "إحداث صندوق التكافل العائلي يجب أن يأتي في إطار قانون، وأن إدراجه ضمن قانون المالية يطرح عدة صعوبات وتحديات"، عاد قياديو حزب الأصالة والمعاصرة، الذي يرأس الغرفة الثانية، ليحذروا وزير العدل من إقرار مشروع الصندوق كما اعتمده مجلس النواب، ودعوا وزير العدل إلى تكليف مكتب دراسات ببحث وسائل ومصادر تمويل الصندوق، من أجل إنضاج شروط إحداث الصندوق. وهو ما اعتبرته افتتاحية يومية "التجديد"، المقربة من حزب العدالة والتنمية، في عدد أمس محاولة ل"التآمر" على مشروع إحداث الصندوق، و"التطلع للقيام بالمهمة القذرة، أي إسقاط التعديل الذي أحدث هذا الصندوق". مصادر مطلعة من وزارة العدل قالت إن لجنة مصغرة تعكف بجدية على إعداد تصور متكامل حول الصندوق، وأضافت مصادرنا أن اللجنة قامت بزيارة لمصر من أجل الاستفادة من تجربتها في هذا المجال، إضافة إلى دراسة نماذج دولية أخرى. كما التقت اللجنة مع ممثلين عن صندوق الإيداع والتدبير، من أجل بحث سبل تمويل الصندوق وضمان توازنه ودوام خدماته. المصادر ذاتها قالت إن التحفظ الأساس لدى الوزارة على مقترح حزب العدالة والتنمية يتمثل في نقطة التمويل والتوازن بين الموارد والنفقات. فيما أوضح نجيب بوليف، من الفريق النيابي للعدالة والتنمية، أن التعديل الذي مرره الفريق بمجلس النواب لم يتضمن تفاصيل حول عملية تمويل الصندوق، "لأننا لم نكن نتوقع أن يُقبل التعديل ولا يستعمل ضده فيتو الفصل 51 من طرف الحكومة. أما الآن وقد مرّ من الغرفة الأولى فقد أعددنا وثيقة مفصلة سوف تعرض على مجلس المستشارين، وفي حالة تمريرها يمكن أن تصبح في متناول العموم". غير أن محمد الأنصاري، رئيس الفريق الاستقلالي في مجلس المستشارين، قال إن الصندوق كما جاء في تعديل العدالة والتنمية بمجلس النواب "وُلد ميتا، لأن الطريقة التي جاء بها غير قابلة للتطبيق، بسبب عدم تحديد المداخيل والمستفيدين وأمور كثيرة أخرى. وكان الأجدى أن يتم إنشاء الصندوق بقانون خاص. لكنه الآن أصبح تحصيل حاصل، وسنحاول إدخال بعض التعديلات على المشروع لضبط عملية تمويله والمستفيدين منه". من جانبه، قال الباحث أنس يكور، الذي أعد بحثا جامعيا حول الصندوق، إن الخطاب الملكي لافتتاح الدورة البرلمانية أكتوبر 2003 كان قد أوصى بإحداث الصندوق، وأمر بفرض رسوم جديدة من أجل توفير التمويل اللازم. رسوم قال الباحث، الذي أنجز بحثا جامعيا حول الصندوق، إنها تتمثل في رسوم يمكن فرضها على عقود الزواج وعمليات تسجيل المواليد في الحالة المدنية والدعاوى المرفوعة من أجل الطلاق... وأضاف يكور أن النموذجين المصري والتونسي يعتمدان نوعين من الموارد: "موارد داخلية تتمثل في المصادر الذاتية من قبيل ما يستخلصه الصندوق من الأزواج المتأخرين في أداء النفقة والاستثمارات... ثم موارد خارجية مثل مساهمة الدولة والهبات والقروض". صندوق الإيداع والتدبير ورد على لسان جميع من اشتغلوا حول موضوع الصندوق، من باحثين وسياسيين، "لأنه الصندوق الذي يمثل النموذج الأمثل لتدبير واستثمار أموال صناديق الضمان الاجتماعي والصناديق المماثلة، والذي يماثل الصناديق التي تدعم مؤسسة التكافل العائلي في تجارب دول مثل تونس ومصر" يقول أنس يكور. الطريقة التي تمكن بها فريق العدالة والتنمية من تمرير تعديله القاضي بإحداث الصندوق من خلال ميزانية العام المقبل جعلت مكونات الأغلبية الحكومية وحزب الأصالة والمعاصرة تستعد لإبطال ما قد يجنيه حزب المصباح سياسيا من هذا الإنجاز التشريعي. فبعد أيام من حدوث مشادة كلامية شديدة اللهجة بين كل من حكيم بنشماس، من فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس المستشارين ووزير العدل، حول التأخر في إحداث الصندوق الذي نصت عليه مدونة الأسرة، قام فريق العدالة والتنمية بتقديم مقترحه في مجلس النواب. مما جعل برلمانيي حزب الجرار يقعون في حرج منعهم من التصويت ضد المقترح، فامتنعوا رفقة برلمانيي حزب الاتحاد الاشتراكي، ليتمكن العدالة والتنمية من تحصيل الأغلبية لمقترح تعديله. غضب مكونات الأغلبية عكسته افتتاحية يومية "العلم"، التي قالت إن "الموضوع يكتسي أهمية بالغة جدا ولا نعتقد أنه صالح للمزايدة أو إدراجه في إطار عمل شعبوي لن يفيد بشيء"، وألمحت اليومية الناطقة باسم حزب الاستقلال إلى إمكانية اللجوء إلى المجلس الدستوري من أجل إلغاء التعديل في حال تمريره في مجلس المستشارين "بحك