يرى الكاتب المغربي عبد الفتاح كيليطو أن اللغة العربية منذ وقت طويل أصابت كثيرا من جمهور القراء والكتاب بعقدة جعلت البعض يتصور أن الأدب هو ما يأتي من خارج العالم العربي. وقال كيليطو حتى اليوم بالنسبة للعديد من القراء في المغرب لا يزال الأدب هو ما يأتي من الخارج. من جغرافيا غريبة وتاريخ بعيدة. في بعض الأوساط ليس من النادر أن تلاحظ تباهيا باحتقار الكتابات المحلية. وأضاف في مقالة عنونها ب بعيدا عن القريب. قريبا من البعيد.. بأي لغة نكتب؟ متسائلا: هل هناك أدب مغربي؟، ويجيب: نعم على ما يبدو، وان لم يكن رائجا من قبل. ونشرت مقالة كيليطو في العدد الجديد من مجلة فكر وفن التي يصدرها معهد جوته الألماني، ويحررها شتيفان فايدنر والناقد السوري أحمد حسو الذي كتب في العدد جانبا من ذكرياته مع الروائي السوداني الراحل الطيب صالح الذي كان حقا ضحية للعنة اسمها مصطفى سعيد في إشارة إلى بطل روايته الشهيرة موسم الهجرة الى الشمال. ويقول كيليطو إنه كان يقرأ روايات مصرية في الستينيات، ويلاحظ أن السرد بالفصحى وبعض الحوارات بالعامية المصرية، مبررا إحالته الى الرواية المصرية في قضية الفصحى والعامية بطرح سؤال: هل يوجد أدب مغربي في تلك الفترة؟. ويجيب: لست متأكدا من ذلك، إذ كان الكتاب العرب المفضلون لجيله من المغاربة في منتصف الخمسينيات ينتمون إلى الشرق. ويضيف أنه وجيله حسب مصادفة التكوين تعلمنا القراءة وتتلمذنا على المصريين والفرنسيين، إذ كانت باريس والقاهرة وعرضيا دمشق وبيروت تشكل أصواتا ونماذج يتم تقليدها، وبدا الأدب المغربي كأنه صدى. ويقول كيليطو لم نكن نعلم شيئا عن الأدب المغربي قديمه وحديثه. كنا نعتقد أن اللغة التي ولدنا في أحضانها لغة هجينة منحطة غير لائقة بالكتابة والأدب، ورغم حفظهم الحكايات والأحاجي في البيوت فهم كانوا يتصورون أن الأدب يأتي من فضاء آخر، ويكتبه مبدعون مختلفون، وأن المغاربة غير مؤهلين لإنجازه. ويشير إلى أن بعض الأعمال التي كتبها مغاربة بالفرنسية، لقيت اهتماما وصدى عربيا لافتا، مثل كتاب الايديولوجية العربية المعاصرة لعبد الله العروي، إذ كانت الفرنسية جسرا لوصول الكتاب إلى الشرق عن طريق الغرب. ويفسر ذلك قائلا: إن معرفة القريب بالمرور عبر البعيد لعنة تثقل كاهل العرب منذ وقت طويل، مضيفا أن بعض الروايات العربية لو كتبت بالفرنسية لأثارت اهتماما أكبر في العالم العربي وخارجه ولترجمت إلى العربية على الفور. ويصف حالة الفخر والتباهي لدى البعض حين يترجم له عمل بأنه ينم عن قدر غير قليل من الخسة والتفاهة... أنا مترجم فأنا إذا موجود، مشددا على أن هذا الأمر لا يتصور وجوده في فرنسا أو الولاياتالمتحدة، إذ لا تستمد الكتابة أهميتها من ترجمتها بل من قيمتها.