السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛ أتخبط في دوامة أفكار لا أستطيع الخروج منها، الشيء الذي بات يؤرقني وأنا في حاجة ماسة إلى نصيحة أخت. مشكلتي هي أنني لا أستطيع اتخاذ قرار بشأن الزواج، نعم لا أرفض الفكرة، بل أطلب من الله أن يرزقني الزوج الصالح، ولكن إعطاء جواب حاسم هو ما لا أقدر عليه. طبعا بحكم مجتمعنا المغربي المنفتح كما تعرفين لا تتم الخطبة مباشرة بل يستشير الشاب الفتاة أو أحدا من معارفها قبل الإقدام. مشكلتي هي أنه كثيرا ما اقترحوا علي الزواج وأنا أجيب بـ اللي فيه الخير، إن كان من نصيبي فسأتزوجه، ما هو مقدر سيحصل، لأني فعلا لا أعرف الرد، فأنا أخاف أن أقول لا لشاب مقبول من جميع النواحي وأحاسب عليها في الدنيا قبل الآخرة وربما لا تأتيني فرصة أخرى، كما أخاف أن أقول نعم وأندم لأني غير مقتنعة بنسبة كبيرة بالشاب نفسه، وليس هو ما أتمنى فعلا، ستقولين لي صلي صلاة استخارة، ولكن الأمر لا يتعلق بخطبة رسمية بل هي فقط إبداء رغبة في الزواج، وبعدها إن وافقت تتم رسميا. أتعرض للوم كبير من صديقاتي لأني حسب ما يقال إن ردي القسمة والنصيب وعدم إجابتي بنعم أو لا هو بمثابة إعطاء أمل للشخص، وإن الإنسان مخير وإنني أنانية أضع الشاب على جانب وأتلاعب به .... لا أحد يتفهم وجهة نظري، وأنا مؤمنة أن الأقلام رفعت والصحف جفت، وأن الله هو من سيختار لي، لذا لا أحرك ساكنا. ولكني لا أعرف كيف أتصرف هل أتخذ كلمة نعم كمبدأ وبعدها إن كان من نصيبي فهو ما سيحدث؟ أرجو النصيحة، وجزاكم الله خيرا. *** لا تتعاملي مع هذه المسألة بنوع من السلبية عزيزتي، قضية الزواج هي مسألة مصيرية في حياة الإنسان، واتخاذ القرار في هذا الموضوع تجد فيه الفتاة نوعا من الصعوبة بشكل طببعي. أنا أتفق معك أن ما هو مقدر لك هو الذي سيصلك وأنه فعلا رفعت الأقلام وجفت الصحف، لكن أنا لا أتفق مع التعاطي السلبي مع الحالات التي تعرض عليك. ينبغي أن تحركي ساكنا، كل حالة تعرض عليك ينبغي أن تدرس، هل تتوفر فيها الشروط التي ترغبين فيها أم لا؟ والشروط عموما حددها الشرع الغسلامي في الدين والخلق. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه وهذا أمر.. معنى ذلك إذا توفر في الشاب الذي تقدم لك شرط التدين الذي بطبيعة الحال سوف تعرفينه من خلال السؤال عنه.. وشرط الخلق أي طريقة تفكيره وتعامله والتربية التي تلقاها في أسرته وعلاقته بوالدية وإخوته خصوصا هل يحترم المرأة أم لا؟ .. هل يلتزم بالمبادئ في التعامل مع الناس أم لا؟ .. وهذا يقتضي ان نسأل عن أصدقائه في العمل وعن أصدقائه خارج العمل، ولا نكتفي بسؤال فرد واحد بل نسأل أفرادا متعددين ونجمع المعطيات قبل اتخاذ القرار. مسألة الاستخارة بعد وجود خطبة رسمية بل تكون بمجرد ما تطرح عليك الفكرة ولو قبل أن تريه أصلا.. تستخيرين ليس مرة واحدة فقط بل مرات متعددة، ولتحرصي على صلاة الاستخارة في أوقات الإجابة.. في الثلث الأخير من الليل أو وأنت صائمة أو غير ذلك.. يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ما خاب من استخار ولا ندم من استشار. وفي الأخير احرصي على أن لا تتعاملي مع هذه المسألة بنوع من السلبية إذا ظهر لك بعد الاستخارة والاستشارة تتوفر جل الصفات والشروط التي تطمحين أن تكون في زوج المستقبل فلتتوكلي على الله دون تردد، ولتعلمي أنه بعد الزواج لا ينبغي أن نلوم أنفسنا هل اخترنا جيدا ام لم نختار. يدخل الناس إلى الزواج ولا يجد كل فرد ما يريد مائة في المائة في الآخر لأنه لا يمكن أن تعرفي كل شيء إلا بعد الدخول في الزواج والمعاشرة الزوجية. واحرصي تماما أن تكون مرحلة الخطوبة مرحلة اختبار للخطيب، وتعرف على أخلاقه وطرق تفكيره واهدافه في الحياة وطريقة تعامله، ولأجل ذلك وجدت الخطوبة. والله الموفق مدربة في الجمعية المغربية للتربية ورعاية الأسرة