فشل والداي في زواجهما..فهــل أفشـل أنا أيضا؟ السلام عليكم ورحمة الله؛ أنا فتاة في الثامنة عشر من عمري، عانيت كثيرا من طلاق أبي وأمي منذ أزيد من 10 سنوات، وقبل شهر واحد تقدم لخطبتي رجل فيه كل المواصفات المؤهلة لقبول الزواج، لكن العقدة التي سببها لي طلاق والدي جعلتني أتخوف من نجاحي في الحياة الزوجية، وأرفض التفكير في موضوع الزواج، لدرجة أنني أحاول أن أقنع نفسي بأن كل المتزوجين فاشلين وأنه علي أن أعتاد الحياة لوحدي، لكن الفطرة تدفعني للعكس، غير أن الخوف الذي أشعر به وذكريات المشاهد الأليمة التي كنت أرى عليها والداي لا تفارقني، أرجوكم أخبروني كيف أتغلب على هذا الشعور؟، وهل اختياري للعيش وحيدة أسلم لي، أم أنه بإمكاني أن أعيش حياة أفضل من والداي؟ كما أرجوكم أن تعطوني الوصفة السليمة للنجاح في الحياة الزوجية؟، فأنا لا أستطيع أن أثق في نصائح والدتي حول الزواج لأنها فشلت فيه، كما أن كل حديثها منصب عن لوم والدي مع العلم أن الخطأ يتحملانه معا. ريم ـ مراكش *** استفيدي من أخطاء أبيك وأمك عزيزتي ريم؛ أولا: أحيي فيك هذه الروح التي صغت بها رسالتك والتي تدل على نضج ورغبة شديدة في عدم الفشل في بناء أسرتك إن شاء الله. ثانيا: أكيد أن الطلاق الذي حصل بين أبيك وأمك سيكون له تأثير عليك، لكن ليس إلى الدرجة التي تفقدين معها التوازن واتخاذ قرارات هامة في حياتك. أما التخوف من الدخول في الزواج فهو أمر طبيعي لكن أن يتحول الأمر إلى خوف مرضي يجعلك ترفضين التفكير في الزواج مطلقا أو يجعلك تتصورين أن كل المتزوجين فاشلين ومحاولة التعود على العيش وحدك، فهذا أمر غير طبيعي، وغير صحي. إن الله عز وجل شجع على يالزواج، بل وأمر به قائلا: وانكحوا الأيامى منكموللزواج فوائد متعددة للفرد والمجتمع، أهمها الإحصان والعفة والاستقرار النفسي والاجتماعي، والذرية الصالحة، وإعداد أجيال راشدة. وهذه كلها أمور لا يمكن أن يقوم المجتمع بدونها، فالزواج إذن سنة الحياة، فالله عز وجل، خلق الرجل والمرأة وخلق في كل منهما دوافع عاطفية، نفسية واجتماعية اتجاه الآخر، وهذا دليل حاجة أحدهما للآخر. هذا من جهة، ومن جهة أخرى ففي المجتمع الكثير من الأسر المستقرة والناجحة والتي تنعم بالسعادة الأسرية، فالله عز وجل خلقنا وسخر لنا الكثير من النعم في هذا الكون لنسعد في الدنيا والآخرة؟. والسعادة والنجاح، نحن من يهيء لها الأسباب، ونحن من يحققها، إذن الأمر يحتاج الإرادة والعزيمة القوية، ويحتاج كذلك إلى تعب وكد واجتهاد، خذي على سبيل المثال، النجاح في الدراسة مثلا؛ لا بد من كد واجتهاد، وتعب وسهر، وخوف في حدوده الطبيعية، ومثابرة لكي نحقق النتيجة المرجوة، وكذلك السعادة الزوجية. فالحياة بحلوها ومرها، عبارة عن امتحان، والمطلوب منا أن نجتاز هذا الامتحان بنجاح وبتفوق ما أمكن. والتجارب التي نمر بها، رغم قسوتها تزيدنا خبرة، وحكمة في اتخاذ قرارات أفضل، وفي التعامل مع أمور حياتنا، بقدر كبير من الاتزان. والمثل يقول: الضربة التي لا تكسر ظهرك تقومه، لذاا عزيزتي أنصحك بما يلي: ـ اجعلي من هذه التجربة التي مرت منها أسرتك، نقطة قوة بدلا من أن تكون نقطة ضعف. ـ استفيدي من الأخطاء التي ارتكبتها أمك مثلا وحاولي أن لا تقعي فيها. ـ حاوري نفسك بشكل إيجابي للتخلص من الماضي، انسي أو تناسي هذا الأمر، وحاولي ذلك مرات ومرات، فالعقل الباطن لا يفرق بين الحقيقة والخيال، لذى حاوري نفسك بالنجاح في زواجك وبالسعادة الأسرية وبالأمل في حياة أفضل. ـ إذا رأيتي في هذا الخطيب كل المؤهلات المطلوبة فلا تتردي، وركزي خلال مرحلة الخطوبة على معرفة مستوى تدينه وأخلاقه، وأسلوب تفكيره ونظرته إلى الحياة، وعن اتفاق العادات بينك وبينه، واحرصي على طرح بعض الأسئلة الأساسية التي ينبغي أن تؤطر حواراتكما؛ ماهو هدفك في الحياة؟ كيف تخطط لمستقبلك؟ ما هي مواصفاتك في شريكة حياتك؟ ماذا تحب وماذا تكره؟ ماهي نظرتك للتدين؟....؟ ـ لا بد أن تحددا أهدافكما معا من الزواج، حتى يتم التوافق على نفس الأهداف. لا تنسي أن هناك العديد من الضوابط الأخلاقية في العلاقة الزوجية، أهمها الاحترام، فالذي يحترمك أهم من الذي يحبك، وإن اجتمع الاحترام والحب فذلك هو الأفضل. ـ ولا بد للزوجين المقبلين على الزواج من الاتفاق على خطوط حمراء لا يجب الوصول إليها، وهي؛ السب، والشتم، والضرب، واستغلال الماضي، والاحتقار. أخيرا: أهمس في أذنك؛ حاولي جاهدة أن لا تتكلمي عن تجربة أسرتك لزوجك، وحتى إن طلب منك ذلك فاعتذري بلطف بأن ذلك يسبب لك ذكريات مؤلمة. وقبل كل ذلك لا تنسي الاستعانة بالله، والاجتهاد في الدعاء.