عاتبت لجنة التحكيم إدارة مهرجان الرباط الدولي لسينما المؤلف على غياب توجه موحد في الأفلام المشاركة في المسابقة، من حيث إدراجها لأفلام لمخرجين مبتدئين مع أفلام لمخرجين كبار، مما يعني أن الأفلام المشاركة في المسابقة لم تكن كلها في المستوى المطلوب. كما و جهت اللجنة نقدها أيضا بخصوص المشاكل اللوجيستيكية و التنظيمية التي عانى منها المهرجان في دورته ،51 و تمنت أن تكون هذه الدورة محطة انتقالية حتى يتمكن المهرجان من أخذ المكانة اللائقة به. جاء هذا خلال سهرة اختتام المهرجان مساء السبت الماضي بالمسرح الوطني محمد الخامس، التي عرفت الإعلان عن الأفلام الفائزة. وهكذا عادت جائزة أحسن ممثل (54الف درهما) للممثل الإيطالي ريكاردو سكامرسيو عن دوره لمهاجر تركي سري في فيلم عدن في الغرب للمخرج الفرنسي كوستا كافراس. و جائزة أحسن ممثلة عادت للممثلة الإنجليزية بريندا بليثين في دورها المتميز في الفيلم الجيد لندن ريفر للمخرج الفرنسي رشيد بوشارب الجزائري الأصل، الذي يتحدث عن الأحداث الدامية للندن 2006 والعلاقات بين الجالية المسلمة والبريطانيين. وعادت جائزة أفضل سيناريو (60 الف درهما) للشريط البلجيكي ـالفرنسي-السويسري هوم للمخرجة ارسيلا مايير، وهو يحكي قصة أسرة تعيش في البادية كيف تغيرت و أصبحت جحيما مع افتتاح طريق سيار من قرب منزلها. الشريط وإن كان يطرح قضية إنسانية فإنه لم يخل من مشاهد العري الكامل للأب ولابنتيه؛ باعتبار أن الفيلم يقدم نموذج أسرة قروية منحدرة من جميع القيود الأخلاقية. في حين عادت جائزة التحكيم (80الف درهما) للشريط العراقي فجر العالم لمخرجه عباس فاضل، الذي تميز بالفعل بجودة فنية و موضوعاتية، حيث يدين الفيلم حرب الخليج و الدمار الذي لحق بالعراق بطريقة شاعرية و رمزية أعطت للفيلم عمقا فكريا. أما الجائزة الكبرى جائزة الحسن الثاني (100الف درهما) فحاز عليها الشريط الروسي لا تفكر في القرود الثلاثة، لمخرجه يوري مامين الذي تعتمد قصته على حكاية خرافية حول خلق الكون، محققا بذلك المفاجأة أمام الشريط المكسيكي المتميز قفر داخلي و شريط لندن ريفر. و للإشارة فان لجنة التحكيم غاب عنها المخرج الفلسطيني مشيل خليفه و مسؤولة الوكالة الروسية للثقافة مارينا بلاطوفا. و عرف حفل الاختتام كذلك تكريم شخصيات أدبية فلسطينية: الروائية و الإعلامية ليلى الأطرشو، والفنان التشكيلي زهير أبو شايب و الأديب رشاد أبو شاور الذي ألقى كلمة مؤثرة نادى فيها الجمهور العربي لتحمل مسؤوليته اتجاه القدس الذي ينادي أي ضمير حي، مشيرا إلى أن من حق أطفال فلسطين و أطفال غزة أن يستمتعوا بالصيف و بالبحر كباقي الأطفال الآخرين، عوض أن يقتلوا على الشواطئ بنار الاحتلال. كما أكد على أن القدس تتعرض لخطر الاحتلال و النسيان. و قد جاء هذا التكريم في إطار احتفال المهرجان بالقدس عاصمة للثقافة العربية، من خلال معرض لصور القدس نظمه بيت مال القدس، إضافة إلى معرض كتاب و أمسيات شعرية و ندوات. لكن للأسف كانت الأجواء التي عرفها هذا الاحتفال مثل المهرجان باردة رغم حرارة الصيف، حيث كان إقبال الجمهور ضعيفا. هذا الضعف هو الذي عرفته جل عروض الأفلام إلا ما كان من بعض الأفلام المغربية و المصرية. لا سيما و أن قاعات العروض كانت متعددة عوض التركيز على فضاء واحد أو اثنين يسهل معهما استقطاب الجمهور. مما يعني أن مشكل التنظيم كان مطروحا بقوة إلى جانب مشكل الدعاية و التواصل. فضلا عن أن معظم الأشرطة المقدمة أسهمت فيها المراكز الثقافية بالمغرب بشكل كبير، إلى درجة أن بعضها تم استخدامه عن طريق جهاز دي.في.دي. هذا جعل البعض يتساءل حول ميزانية المهرجان أين تصرف، وهناك من قال إنها ذهبت لحفلات العشاء المغلقة الخاصة بالضيوف، وبالأخص الضيوف المصريين. أسدل الستار إذن عن مهرجان الرباط على إيقاع العتاب و النقد الذي لم يرض الحاضرين لحفل الاختتام، لأن المهرجان ما زال يتخبط في مشاكله السابقة المتعلقة بالتنظيم و بغياب المتخصصين في الشأن السينمائي عوض أن نرى منظمة غير قادرة على إعطاء تعريف لسينما المؤلف مباشرة على أمواج الإذاعة الوطنية الدولية.