أسدل الستار، مساء يوم السبت الماضي، عن منافسات المسابقة الرسمية للدورة ال15 من مهرجان الرباط لسينما المؤلف، التي انطلقت يوم العشرين من الشهر الجاري وستستمر إلى غاية يوم أمس توج الشريط الروسي «لا تفكر في القردة البيضاء»، لمخرجه يوري مامين، كأحسن فيلم في الدورة، ليحصل على جائزة الحسن الثاني الكبرى للمهرجان، الذي تميز أيضا بتتويج أسماء ثقافية فلسطينية تفاعل معها الجمهور عندما استحضرت القضية الفلسطينية والدور التاريخي للمغرب في سبيل تحرير الأرض المحتلة. واعتبر رئيس لجنة التحكيم في المسابقة الرسمية للدورة ال15 لمهرجان الرباط الدولي لسينما المؤلف، البريطاني موريتز هاديلن، أن الدورة الحالية المستمرة إلى غاية 30 من الشهر الجاري، عرفت عدة مشاكل من حيث الدعم اللوجيستيكي وضعف مستوى الأفلام العربية المشاركة في المسابقة الرسمية، إضافة إلى غياب التنسيق بين أعضاء لجنة التحكيم وعدم وجود خيط رابط لدى الأعضاء في اختيار الأفلام المشاركة في المسابقة الرسمية للمهرجان، ما يدعو إلى الأسف كما قال، مؤكدا على وجود اختلاف واضح بين مستويات هذه الأفلام، ومعبرا في نفس السياق عن أمله في تجاوز المنظمين لنقط الضعف المسجلة في المهرجان هذه السنة. وفاز الشريط العراقي «أوب دي موند»، بالجائزة الكبرى للجنة التحكيم، والتي تقدر قيمتها ب80 ألف درهم لمخرجه عباس فاضل، الذي أكد على أنه سيَطير بها إلى بغداد، هذا الأسبوع، ليؤكد للعراقيين أن هناك من بين أبنائهم من يريد بناء دولة الرافدين، على عكس أولئك الذين يعملون على تدمير حضارتها، كما قال، قبل أن يضيف أن الفوز بجائزة مهرجان الرباط، له طعم خاص لا يمكن إلا أن ينير طريق أي فنان مهما كان مجال اشتغاله، موجها شكره إلى أعضاء لجنة التحكيم، الذين كان من بينهم الفنان جواد الأسدي، والذي أشار إليه مازحا بأنه كان له الدور في التأثير على باقي أعضاء لجنة التحكيم وبالتالي استحق الفوز. وعادت جائزة أحسن سيناريو، والتي تُقدر قيمتها المالية ب 60 ألف درهم، للسيناريست أورسولا ميير، عن فيله الذي يحمل عنوان «هوم»، وهو شريط مشترك بين بلجيكا وفرنسا وسويسرا، في الوقت الذي آلت فيه جائزة أحسن دورين رجالي ونسائي، والتي تبلغ قيمتها 45 ألف درهم، على التوالي إلى كل من الممثل الإيطالي ريكاردو سكامارسيو في فيلم «إيدن ألويست»، والممثلة بريندا بليثن، عن دورها في فيلم «لندن ريفير» للمخرج الجزائري رشيد بوشارب. في سياق ذلك اعتبر مدير المهرجان، عبد الحق منطرش، أن مهرجان الرباط الدولي لسينما المؤلف كرس الرباط كقبلة للفنانين والمبدعين، مشيرا إلى أن هذه التظاهرة الثقافية، التي جاءت بتزامن مع تسمية مدينة القدس عاصمة للثقافة العربية لهذه السنة، تبرز مدى الدور الفعال الذي يمكن أن تلعبه الثقافة في النهوض بعاصمة البلاد، ومؤكدا في نفس السياق على أن مثل هذه التظاهرات من شأنها أن تساهم في التنمية المحلية على مستوى مدينة الرباط. وتميز حفل توزيع جوائز المسابقة الرسمية لمهرجان الرباط الدولي لسينما المؤلف، بتكريم أسماء فلسطينية ارتبطت بالمجال الثقافي عن طريق فن التشكيل والرواية والشعر؛ وقُدمت، في هذا الصدد، جوائز إلى مثقفين فلسطينيين يشاركون في فعاليات المهرجان وهم صاحبة روايتي «وتشرق غربا» و«مرافئ الوهم»، الروائية والإعلامية الفلسطينية ليلى الأطرش، التي عبرت عن إعجابها بالمغرب، الذي يسكن في وجدان كل فلسطيني، كما قالت، مضيفة أن الفلسطينيين يفتحون أعينهم على الدور الفعال الذي يلعبه المغرب في حياة الفلسطينيين وفي سبيل تحرير أراضيهم، وهو امتداد للدور الذي لعبه عبر أجيال هذا المغرب في الدفاع عن مقدسات العرب والمسلمين، ما جعل أحياء وأماكن بفلسطين تحمل اسم هذا البلد. كما تم تكريم الشاعر الفلسطيني وعضو الاتحاد العام للكتاب والأدباء العرب، زهير أبو شايب، صاحب «جغرافيا الريح والأسئلة»، و«سيرة العشب»، بالإضافة إلى الروائي والكاتب الصحافي الفلسطيني، رشاد أبو شاور، صاحب الروايات العديدة، ك»أيام الحب والموت» و«البكاء على صدر الحبيب»، و«العشّاق» و«الرب لم يسترح في اليوم السابع» و«شبابيك زينب»، وغيرها من المؤلفات التي تبرز مدى غزارة عطاء هذا الكاتب والروائي، الذي يمارس العمل الصحافي أيضا، وتقلد لسنوات عدة أيضا مناصب المسؤولية السياسية في فلسطين، وبالخصوص في المجلس الوطني الفلسطيني. أبو شاور الذي فوجئ بتكريم مهرجان الرباط له، والذي بدا متأثرا أكثر من زملائه، تلا قولا مأثورا للروائي الفلسطيني الراحل جبرا إبراهيم جبرا، الذي كان يردد دوما بأن «القدس ليست مكانا فقط ولكنها زمان أيضا»، قبل أن يوجه دعوة إلى كل المثقفين، ومن خلالهم إلى شعوب العالم المحبة للسلام، للتنديد بجرائم الاحتلال الإسرائيلي والوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني، مشيرا في نفس السياق إلى الدور المغربي البارز في القضية الفلسطينية.