أجمع المتدخلون خلال الفترة الصباحية من الملتقى التكويني الحادي عشر الذي ينظمه مركز نماء سنويا، على أن دعم المجمع المدني أصبح ضرورة ملحة، لأن الدولة، كما يؤكد المحاضرون، لن تستطيع حل مشاكل المجتمع بمؤهلاتها الذاتية. و أشار الأستاذ عبد ربي بن صحراء، الذي حاضر في موضوع أهمية تدبير الموارد البشرية في المنظمات ومكوناتها الأساسية، إلى أن المجتمع المدني في أمريكا يوظف 7 ملايين شخص، وترصد له الدولة ميزانية تقدر بـ500 مليار دولار، وأضاف أن المجتمع المدني الفرنسي تشكله مليون جمعية. غير أن الميدان تتقاسمه خمسة حقول تتحكم في الموارد البشرية داخل منظمات وهيئات المجتمع المدني، كما يوضح ذلك الدكتور محمد الخمسي، أستاذ التعليم العالي، ويدعوا إلى الانتباه إليها في العمل الجمعوي، وهذه الحقول هي: الحقل الارتزاقي، ويمثله صنف من البشر له طبيعة مصلحية، ويتخذ من العمل الجمعوي وسيلة لتحقيق أهدافه ومطامعه الشخصية، والحقل القبلي أو الطائفي، وهو الذي تكون له نزعة عنصرية نحو غير جنسه، مما يدفعه على إقصاء غيرهم واستبعاده، والحقل الآلي التاريخي، وهو صنف من الناس يجمد على الموروث، ويرفض كل جديد، ويتخذ لنفسه موانع تحول دون دخول أي نفس تغييري إلى المؤسسة، والحقل الشخصاني، وهو صنف من المؤسسات قائم على مركزية الشخص، وتبعية الكل له، مما يقتل الإبداع داخل المؤسسة، ويجعلها تابعة لأفكاره وآرائه بالكلية، وهذه النماذج الأربعة كلها لاتصلخ في العمل الجمعوي، وينبغي على العامل في هيئات المجتمع المدني محاربة هذه الأصناف كما يقول الدكتور الحمسي، والعناية بالحقل الخامس وهو الحقل المؤسساتي، لأنه يشتغل بعقل جمعي قائم على النقد والتجاوز. ودعا الدكتور أمال بنيس، رئيس مركز نماء، إلى إعادة النظر في طرق وأساليب التدبير الحالية، واستعمال أسلوب أفضل للإشراك والتحفيز، وإطلاق القوة الإبداعية، والدفع في استقلالية الأفراد والتحرك من تلقاء الذات، وإعطاء مساحات لاتخاذ القرار، والتفوض الفعال مع المراقبة، وتأسيس ثقافة التقييم بعد الاتفاق على أهداف محددة سلفا، ومراعاة التطلعات الفردية بعين الاعتبار، وتنويع المداخيل... وقد عرفت هذه الدورة التي نظمت يومي السبت والأحد الماضيين بالمركب الدولي للشباب والطفولة مولاي رشيد ببوزنيقة حضور 200 مشارك من 80 جمعية من مناطق مختلفة من المغرب. وتم توزيع أنشطة الملتقى بين محاضرات علمية، وموائد مستديرة ودوائر للتفكير وورشات تطبيقية.