تتواصل فعاليات الملتقى الوطني للحوار التلمذي الذي تنظمه جمعية الشبيبة المدرسية بالرباط، تحت شعار «ملتقى للمواطنة» في الفترة الممتدة بين 19 و 30 غشت الجاري. ويحتضن هذا الملتقى طيلة هذه الفترة لقاءات متعددة يؤطرها مجموعة من الفاعلين السياسيين والحقوقيين. وفي إطار البرنامج العام احتضنت قاعة المحاضرات بالملتقى التلمذي الصيفي لقاءين متميزين يوم الاثنين 25 غشت. الأول حول موضوع «الدفاع عن الوحدة الترابية» حاضر فيه الأستاذ حسن عبدالخالق عضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال والثاني تناول إشكالية «التربية على حقوق الانسان» أطره الأستاذ عبدالقادر العلمي رئيس العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الانسان. وخلال العرض الأول تناول الأستاذ حسن عبدالخالق قضية الدفاع عن الوحدة الترابية من جميع الجوانب التاريخية والسياسية. وحف الموضوع بمعطيات وحقائق تاريخية تؤكد عدالة قضية الوحدة التربية المغربية. وأشار الأستاذ حسن عبدالخالق الى أن موضوع الوحدة الترابية ظل من بين القضايا التي استأثرت باهتمام مناضلي حزب الاستقلال منذ تأسيسه، حيث طالبت وثيقة المطالبة بالاستقلال، استقلال المغرب بكل أراضيه. كما أن الزعيم الراحل علال الفاسي، ناضل من أجل تحرير مغرب غير قابل للتجزيء. وأشار الى أن المغرب ناضل من أجل استرجاع عدة مدن جنوبية كطرفاية وسيدي إفني، واليوم يعمل من أجل حل النزاع المفتعل حول قضية الصحراء المغربية من خلال اقتراح المبادرة الوطنية للحكم الذاتي. واستعرض الأستاذ عبدالخالق مجموعة من الحقائق والمحطات التاريخية المرتبطة بقضية الوحدة الترابية كملحمة المسيرة الخضراء التي نظمت مباشرة بعد أن قضت محكمة لاهاي بمشروعية تمسك المغرب بأقاليمه الجنوبية معتمدة في ذلك على جوانب سياسية واجتماعية توطد الروابط التاريخية التي تربط الصحراء وأبنائها بالمغرب وكذا الجواب عن سؤال هل الصحراء كانت أرضا خلاء. وانطلاقا من الرأي الاستشاري لمحكمة لاهاي والقاضي بانتماء الصحراء الى باقي ربوع المملكة المغربية، تم تنظيم معجزة القرن العشرين والملحمة التاريخية المسيرة الخضراء التي أجبرت الاستعمار الاسباني على الخروج من الاراضي المغربية الجنوبية في 26 فبراير 1976. وأفاد حسن عبدالخالق بأن تدخل الجزائر بعد هذه المرحلة ماهو إلا تدخل استعماري كان موجها من طرف إسبانيا، حيث قامت الجزائر باحتضان مايسمى بالبوليساريو وتموينهم بالمؤونة والسلاح. وأعلنت بذلك عن عدائها لقضية الصحراء المغربية ولوحدة المغرب الترابية. وأوضح أن المغرب كان سباقا في كل الفترات الى اقتراح حلول موضوعية تجلت في طرح المغفور له جلالة الملك الحسن الثاني لحل الاستفتاء. وكانت الأممالمتحدة أنذاك قد أقرت مشاركة سكان الأقاليم الجنوبية في هذا الاستفتتاء بالاعتماد على إحصاء سنة 1974 الذي قام به الاستعمار الاسباني، وهو مالم يقبله المغرب نظرا لأن هذا الأخير كانت تعتريه عدة اختلالات. وأضاف حسن عبدالخالق أن جيمس بيكر اقترح بعد ذلك مخطط اتفاقية الاطار. ثم اقترح بعده الرئيس الجزائري بوتفليقة سنة 2002 مخطط تفريق الصحراء الذي أبان عن نوايا الجزائر ومطامعها. ثم اقترح مرة أخرى جيمس بيكر مخطط ثاني تم رفضه من طرف المغرب. وأقر بعد ذلك مجلس الأممالمتحدة ضرورة التفاوض بين الأطراف المتنازعة. وتظل المبادرة المغربية للحكم الذاتي من بين المقترحات التي لقيت ترحيبا من طرف المنتظم الدولي. حيث أكد الأستاذ حسن عبدالخالق أن هذا المقترح جسد بالفعل رغبة المغرب الجادة في حسم النزاع المفتعل في قضية الصحراء المغربية ودحض مزاعم خصوم الوحدة الترابية للمغرب، وأبان عن أن المغرب ظل جادا في تعاطيه مع قضية الصحراء المغربية وهو الأمر الذي جعل المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة المكلف بملف الصحراء يصرح بأن خيار استقلال الصحراء غير واقعي وتبين للمنتظم الدولي بالواضح أن ادعاءات البوليساريو واهية ، وقد تراجعت عدة دول في آسيا وأمريكا اللاتينية وأروبا عن اعترافها بالجمهورية الوهمية وهو ما يؤكد أن المشروع الانفصالي آخذ في التآكل. وبعد هذا العرض المهم الذي لقي استحسانا من طرف المشاركين في الملتقى قدم الأخ عبد اللطيف الحياني عضو المكتب الوطني للشبيبة المدرسية خلاصات عن هذا العرض ونوه بقدرة الأستاذ حسن عبد الخالق على التجاوب مع المداخلات التي طرحها المشاركون. وفي نفس اليوم ألقى الأستاذ عبد القادر العلمي رئيس العصبة المغربية لحقوق الإنسان محاضرة حول موضوع التربية على حقوق الانسان ونشط محاورها الأخ فؤاد مسرة. واستهل الأستاذ عبد القادر العلمي هذه المحاضرة بالتأكيد على الأهمية البالغة للموضوع لاسيما في علاقتها بالشباب التلمذي، وتوقف الأستاذ عبد القادر العلمي عند مفهوم ومبادئ حقوق الإنسان في مختلف المواثيق والعهود الدولية، وعرج بعد ذلك على خصائص حقوق الإنسان باعتبارها تولد مع الإنسان متميزة بكونيتها وأنها حقوق غير قابلة للتجزئة بجميع أنواعها. وأشار رئيس العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان إلى الصكوك الدولية لحقوق الإنسان باعتبارها خلاصة لما وصلت إليه الإنسانية وحضاراتها وكذا ما جاء به الإسلام الحنيف. كما قام بالتذكير بمختلف الأجيال القانونية التي عرفها مجال حقوق الإنسان، ابتداء من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان إلى الحق في التنمية. وذكر الأستاذ العلمي أن المرجعية الدولية للتربية على حقوق الإنسان تؤكد التنمية الشخصية الإنسانية مشيراً إلى أن الأممالمتحدة قررت تخصيص عقد أممي للتثقيف والتربية على حقوق الإنسان (1995 2004)، وكذا برنامج عالمي من أجل تعميق ما تم إقراره في العشرية السابقة. وفي نفس السياق قام الأستاذ العلمي بتعريف وتحديد مفهوم التربية على حقوق الإنسان وكذا خصائص هذا المفهوم مؤكدا على أنها تربية إنسانية تنويرية، لا تتعلق فقط بتوفير المعارف والمهارات فقط بل بترسيخ التسامح وغرس المواقف والسلوكات المؤهلة للشباب من خلال تكوينه وتربيته بشكل سهل وسلس وواقعي. وقد قام الأستاذ بالتعريج على مجالات التربية على حقوق الإنسان مشيرا إلى أن ذلك يضم المناهج والرامج المتعلقين بالتأطير وكذا تأهيل المجتمع والاعلام وغيره... وأبرز العلمي واقع التربية على حقوق الإنسان بالمغرب والتطورات التي يعرفها في هذا المجال مشيراً إلى ما وصلت إليه الخطة التي تم وضعها بما تضمه من مناهج ومصنفات ووحدات للتكوين تشير إلى ضعف النتائج المحصل عليها لوجود عدة صعوبات وإشكالات منها المرجعية الدولية لحقوق الإنسان وتعارضها مع ما يسميه البعض بالخصوصية، ومنها العقلية المغربية وما ترسخ فيها من خنوع ومن طرق تقليدية في التدريس ومحدودية الدورالضعيف للجمعيات الحقوقية. ورغم الخطة التي تم إعدادها للنهوض بحقوق الإنسان أكد عبد القادر العلمي أنه لابد من إرادة سياسية تقوم بتقييم موضوعي لأسباب القوة وأسباب الفشل بما في ذلك أدوات تنفيذ البرامج الموضوعة.