انطلقت فعاليات الملتقى الوطني للحوار التلمذي الذي تنظمه جمعية الشبيبة المدرسية تحت شعار « من أجل مدرسة مغربية تحمي الهوية الوطنية « في الفترة الممتدة مابين 9 و 20 غشت 2009 بالمهدية، ويهدف هذا اللقاء، إلى فسح المجال للقاء بين الشبيبة التلمذية المغربية وتوفير كافة الشروط من أجل جعلها فاعلا أساسيا في التحولات التي تعرفها منظومة التربية والتكوين بالمغرب. كما يأتي تنظيم هذا الملتقى بالنظر إلى الحاجة الماسة لفتح نقاش وطني عمومي حول واقع وآفاق المدرسة المغربية، وما تواجهه الهوية الوطنية من تحديات كبيرة في ظل التحولات العالمية. وقد أعطيت انطلاقة هذا الملتقى صباح يوم الاثنين إثر لقاء مفتوح أجراه الأخ عبد القادر الكيحل عضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال و الكاتب الوطني للجمعية، مع المشاركين في هذه الدورة ، وحضر إلى جانبه كل من الأخ المفتش الإقليمي لحزب الاستقلال بالقنيطرة محمد حمور ومجموعة من الفاعلين الجمعويين وممثلي العديد من المنابر الإعلامية . و استهل الأخ عبد القادر الكيحل كلمته بإبراز الدور التاريخي الذي لعبته الجمعية منذ تأسيسها على يد الزعيم الراحل علال الفاسي سنة 1956 باعتبارها الحاضن الشرعي للنقاشات الوطنية الكبرى حول واقع التعليم و آفاق المدرسة المغربية ، بحيث كانت انطلاقة أساسية للمناضل... فمن خلالها كانت تلقن المبادئ الوطنية و الهوية المغربية , و تكتسب قواعد النضال الحقيقي قصد الانخراط في قضايا و هموم الوطن, علاوة على استماتتها في الدفاع عن مصالح التلميذ المادية و المعنوية , إذ تعد مدرسة للعلم و التضحية و الجد و المثابرة . وأضاف أن اختيار شعار هذا الملتقى نابع من النقاش الوطني الدائر حول الإصلاحات التي تهم المدرسة المغربية, مؤكدا ضرورة استحضار موضوع الهوية باعتباره موضوع ارتكاز أساسي في العملية التربوية, وأن الارتباط بالوطن والتشبع بقيم المواطنة لا يمكن أن ينطلق, على الخصوص، بعد الأسرة، إلا من خلال العملية التعليمية. و أكد الكاتب الوطني للشبيبة المدرسية على الأهمية البالغة التي يحظى بها الملتقى الوطني للحوار التلمذي الذي يفسح المجال للحوار الجاد و المناظرة المسؤولة بين التلاميذ من أجل بلورة شخصية تلمذية قادرة على الخلق و الإبداع ، وجعلها فاعلا أساسيا في التحولات التي تعرفها منظومة التربية و التكوين ، وقال إن» الملتقى مدرسة تعلم التلميذ كيف يقتنع بذاته و كفاءاته و ينخرط في المجتمع و يصبح قادرا على مواجهة المشاكل التي قد تعترض سبيله في الحياة المدرسية وكذا في الحياة اليومية من خلال التشبع بقيم المواطنة و الديمقراطية و التضامن و المسؤولية و احترام الأخر» . و تطرق الكيحل إلى الضعف الذي عرفته المدرسة المغربية نتيجة الإفلاس السياسي الذي عرفه المغرب في فترة معينة حيث أضحت المدرسة تعيش وضعا متأزما لايسمح لها بأن تلعب الأدوار المنوطة بها و على رأسها حماية الهوية المغربية. وفي ظل هذا الوضع كان لزاما على الشبيبة المدرسية أن تدق ناقوس الخطر إيمانا منها بالحاجة إلى أن تلعب المدرسة دورا حاسما لمواجهة التحديات التي تواجه هويتنا المغربية وهكذا تم اختيار شعار الملتقى الذي ينطلق من المبادئ و الثوابت و القيم التي أرستها الحركة الوطنية . وطالب باستعجال كل الإصلاحات التي من شأنها أن تعيد للمدرسة المغربية دورها في ترسيخ الهوية الوطنية و مبادئ الديمقراطية و المسؤولية و كرامة الإنسانية. وأكد أنه لا يمكن أن نتحدث عن هوية وطنية في غياب ممارسة ديمقراطية لأن الهوية لا ترتبط بالبرامج و المقررات الدراسية إنما بالممارسة الفعلية ، « فالحل ليس في الإصلاح التعليمي و إنما في فهم كيفية التعامل و التعاطي مع هذا الإصلاح « ، مسجلا أن الحكومة عززت في السنوات الأخيرة المنظومة التربوية بتوظيف عدد كبير من الأساتذة رغم أن هذا لا يعني انه سيتم القضاء على الخصاص في التعليم بشكل كلي لأن إصلاح المنظومة التربوية مرتبط بإصلاحات سياسة و إصلاح المدرسة مرتبط بالأسرة. وأشار إلى أن الحاجة تبقى ماسة إلى الاستمرار في مقاربة مختلف القضايا و الأسئلة التي أصبحت تطرحها علاقة المدرسة بالهوية ، ذلك أن التحولات التي تمس القيم داخل المجتمع تضع الهوية الوطنية في قلب تغيرات عاصفة لذا كان لزاما على الشبيبة المدرسية و هي التي حملت لواء الدفاع عن التلميذ المغربي منذ عقود أن تقدم اقتراحات ورؤية واضحة المعالم لجعل المؤسسات التعليمة جبهة الدفاع الأولى عن الهوية و القيم المغربية الأصيلة . ودعا الأخ الكيحل المشاركين في أشغال الملتقى إلى العمل على انجاز تقرير تركيبي يتضمن توصيات محدد و دقيقة بخصوص النهوض بأدوار المؤسسات التعليمية في هذا الجانب ، لتعمل قيادة الشبيبة المدرسية على تقديمها إلى وزارة التربية الوطنية و التعليم العالي و المجلس الأعلى للتعليم كما سيعتبر هذا التقرير وثيقة مركزية في أشغال المؤتمر الوطني الذي تعتزم الجمعية تنظمه في غضون السنة المقبلة . وشدد الأخ الكاتب الوطني على الأهمية القصوى لانجاز دليل عملي واضح محدد المعالم حول كيفية الاحتفاء بالهوية داخل المؤسسات التعليمية و هو ما سيمكن المشاركين في أشغال هذا الملتقى من خلفية واضحة للعمل على النهوض بمختلف إبعاد الهوية الوطنية لاسيما أن الحاجة تبقى ماسة لفتح نقاش و طني عمومي بين مختلف الفرقاء المعنيين بقضايا التربية و التكوين و من اجل وضع «ميثاق الهوية» ، يشكل أرضية وطنية متوافق عليها من طرف الجميع لجعل المدرسة باعتبارها أهم مؤسسات التنشئة الاجتماعية و السياسية في طليعة المؤسسات التي يجب أن تحفض الهوية . وانتهى الأستاذ الكيحل إلى أن موضوع هذا الملتقى وروح المجهود السياسي و التربوي الذي قدمه حزب الاستقلال مند تأسيسه من اجل صون الهوية الوطنية و الدفاع عنها ضد مختلف محولات السطو و الطمس التي بدأت مع الاستعمار السياسي و العسكري و مازلت تحاول تحقيق أهدافها عبر محولات الاستلاب الثقافي. ثم اختتم هذا لقاء بإجابة الأخ عبد القادر على أسئلة التلاميذ المشاركين في الملتقى التي تمحورت حول المشاكل التي تواجههم في مسيرتهم الدراسية مستفسرين عن كيفية التعامل معها و التغلب عليها و قد كانت مناسبة لتجديد أفكارهم والإنصات لهم و تقوية روح الجماعة و المسؤولية لديهم على أن ينقلوا كل ما سيتعلمونه في هذه المدرسة التلمذية إلى فروعهم حتى تعم الفائدة . وسيعرف الملتقى الوطني للحوار التلمذي تنظيم عدة ندوات وعروض تتناول بالخصوص مواضيع «المدرسة العمومية وسؤال التعدد اللغوي بالمغرب»و»الحقوق الثقافية في المنظومة الدولية والوطنية لحقوق الانسان» و»الاعلام والهوية ..أية علاقة», و»الهوية في المشروع المجتمعي لحزب الاستقلال». كما يتضمن برنامج هذه التظاهرة, خرجات استطلاعية لبعض المآثر التاريخية وتنظيم تظاهرات رياضية وورشات في المسرح والموسيقى ومسابقات ثقافية،وسهرات فنية إبداعية تمثل كل فروع الجمعية بالمغرب بالإضافة إلى لقاءات مفتوحة مع فنانين ورياضيين . كما سيعرف مشاركة باحثين في قضايا التربية والتكوين وجامعيين وحقوقيين وفعاليات سياسية ومدنية،وسيتم الاشتغال على «دليل ترسيخ أسس الهوية المغربية داخل المؤسسات التعليمية» سيوضع رهن إشارة المهتمين.