مع اقتراب موعد امتحانات الباكالوريا، يعيش عدد من التلاميذ ومعهم أسرهم وعائلاتهم قلقا وحيرة بوجهين، يرتبط الأول بانتظار نتائج مستوى الامتحان وبعده نتائج عام كامل من البذل والعطاء في المال والجهد والوقت، لكن الوجه الثاني يرتبط بكثير من الخوف من المستقبل الممزوج بالأمل في فتح أبواب جديدة للتحصيل العلمي المؤدية إلى ضمان مكان ما في سوق الشغل. علما أن العديد من التلاميذ التي التقتهم التجديد يجهلون الكثير عن هذه الأبواب أو يظنون أنها مخصصة لفئة دون أخرى، سواء لغياب توجيههم أو لشروطها المجحفة. النجاح أولا التلميذ فريد يدرس في المستوى الأخير من قسم الباكالوريا، باغتته بسؤال عن ما بعد الباكالوريا فكان جوابه بحسرة أنا أفكر في النجاح الآن وفرصي قليلة لأن ليس لدي المال الكافي لكي احضر في ساعات إضافية مقابل 400 درهم لكل مادة، ولكي أحصل على معدل عال يمكنني من ولوج معهد أو مدرسة عليا، وأضاف ليست كل الفرص متكافئة كما في الماضي، قبل أن يسكته صديقه عادل الذي يبدو أنه ينحدر من عائلة ميسورة، بالقول حتى توفرك على معدل عال لا يكفي، وجب انتظار الاختيار والمباراة، وأنا سأعتمد على خالي من تسهيل دخول مدرسة وطنية في مدينة الرباط لأتخرج بوظيفة بمرتب عال. مهندس مع وقف التنفيذ أما خالد في قسم الباكالوريا أيضا والذي قضى كل سنواته الدراسية دون فشل في بلدة جبلية ضواحي مدينة مراكش، لكن دائما بمعدلات متوسطة إلى لا بأس بها بالرغم من جهوده المبذولة في تحسين مستواه الدراسي، عدل من جلسته أمام الثانوية ينتظر الحصة القادمة، يرى أن الأفق مغلق تقريبا في الحصول وظيفة المهندس التي كان يحلم بها دائما، تفوقه في الرياضيات لم يشفع له في ولوج شعبة الرياضيات، لأن مستواه في الفيزياء أقل، لذا هو يتابع دراسته في العلوم التجريبية، ولا يريد ولوج أي كلية تبلع سنوات إضافية من حياته ويجد نفسه في الأخير بدون عمل، لذا هو يفكر أن يسأل الموجه التربوي عند لقائه في الصباح ما هي أسهل الطرق للحصول على وظيفة عمومية، طبعا وإن كانت بأجر منخفض، مستعد للعمل في التعليم أو في الجيش أو التمريض أو حتى تقني في عمالة. من جهته يتذكر بحسرة كبيرة عبد الغني تلميذ بثانوية محمد الخامس بمراكش، وهو الآن يستعد لامتحان الباكالوريا كيف كان من الأوائل على مستوى امتحان الشهادة الابتدائية في الجهة كلها، ويتذكر كيف استدعاه مدير المؤسسة من أجل أن يخبره بإمكانية ولوجه لمعهد وطني منذ سنته الأولى في الإعدادي، يتذكر كيف ضاعت عليه فرصة ذهبية في ذلك بسبب جهل الأبوين وعدم حماس الإدارة التي لم تتابع الموضوع ولم تستشر الموجه التربوي. هو الآن يفكر في لوج معاهد التكوين المهني ليتيا أو ليستيا ، ويترك حلمه في أن يصبح مهندسا بيطريا. اختيار فاشل من جهته اكتشف أنس الذي يبحث عن وظيفة بعد أن حصل على دبلوم في الفندقة ، أنه كان ضحية اختيار خاطئ حين دخل إلى كلية العلوم للتقنيات وقضى بها عامين دون جدوى، حيث عمل أبوه المستحيل من أجل أن يلجها، لكن مع مرور الزمن أتصح أنه ميولاته واختياراته لا تناسب مع يدرس له، وانه الآن غادر مؤسسة فندقية كان يعمل ليل نهر بأجر زهيد، كما أن حلمه في أن يصبح صحفيا مهنيا قد تبخر. هي نماذج إذن تظهر مدى الخلل الحاصل في ميدان التوجيه التربوي ويترك التلاميذ يتخبطون في موجه العالي، ويرى عبد الله بلحاضي مستشار بالتوجيه التربوي بجهة مراكش تانسيفت أن مشكل التوجيه التربوي مرتبط بالمنظومة التربوية التي تفتقد إلى الشروط الذاتية والموضوعية لاستغلال كفاءات ومهارات التلميذ من أجل توجيهه التوجيه الصحيح، ولا يترك حائرا في الاختيار، وقد لا يكون للمهنة التي سيق لها أي رغبة سو أنها تعتبر موردا لبعض المال، وبالتالي لن يكون قادر على أثبات نفسه فيها ولا على تطوير مهاراته المرتبطة بميوله النفسية والاجتماعية، نحن نرى الآن كم من مجاز في العلوم الرياضية يشتغل معلما، وكم دكتور يتظاهر أمام البرلمان. ويضيف لعل من معالم فشل الوزارة في هذا الباب أنها لم تعد قادرة على إخراج الوكالة الوطنية للتقويم والتوجيه للوجود والتي جاء بها الميثاق، والتي يمكنها أن تحل الكثير من المشاكل في هذا الباب ، حيث سيصبح ولوج أي مؤسسة عمومية أو خاصة مبني على الشفافية وعلى تقويم مردوديتها، لا أن يترك التلاميذ والآباء منبهرين بأسماء بعض المؤسسات وهي في الغالب لا تنتج إلا البطالة ، أو أفاقها محدود أو مردودها على الاقتصاد التنمية ضعيف. أهمية الاستشارة والتوجيه المدرسي وأشار إلى أن أهم المشاكل تتمثل في غياب آلية واضحة ومعروفة للتواصل بين التلميذ أو وليه والمستشار في التوجيه، حيث تنعدم ظروف مناسبة للاستشارة وتحل محلها طريقة التلقين في أحسن الأحوال. فالموجه يفتقر إلى الآليات المادية للتلقين والإخبار نظرا لان لكل تلميذ استفساراته وتطلعاته تختلف من تلميذ إلى أخر، كما أن العدد الكبير للتلاميذ بالنسبة لكل مستشار - يتعدي 1000 تلميذ،وتعدد المؤسسات لا يسمح بان يكون المستشار رهن التلاميذ أو إبائهم أو الشركاء الآخرين.ومن جهته فان التلميذ لا يعرف أين ومتى يمكنه الاتصال بالموجه لهذا نقترح -في الظروف الحالية تفعيل دور الأستاذ الرئيسي كأداة للتواصل بين الموجه والتلميذ. ويوضح أن الأستاذ الرئيسي معمول به في فرنسا مثلا وجاء به الميثاق والمخطط الاستعجالي لكنه لا بفعل،ويتركز أساسا أن كل قسم معين له أستاذ خاص يتكلف بالتواصل بين الإدارة وتلاميذ هذا القسم نظر لأنك تجد في الثانوي كل قسم يدرس عند 7 او8 أساتذة والتلاميذ لا يجدون محاورا يهتم بهم ويجيب عن تساؤلاتهم. تحرك الوزارة غير كاف من جانبها أنتجت خلية الإعلام في الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين جهة الرباط قسم الخريطة المدرسية والإعلام والتوجيه بمصلحة الخريطة المدرسية و الإعلام و التوجيه دليل للمؤسسات التعليم العالي وتكوين الأطر تحت عنوان ما بعد الباكالوريا وهو عبارة عن مجموعة من البطاقات التعريفية لبعض مؤسسات التعليم العالي وتكوين الأطر، ترمي التعريف بالآفاق التعليمية والتكوينية المتوفرة للتلاميذ المقبلين على اجتياز امتحان الباكالوريا أو الحاصلين عليها، وذلك لأجل مساعدتهم على اختيار مسارهم الدراسي والتكويني. و تقول الوثيقة أنه تعميما للفائدة، يمكن استغلال هذه البطاقات على شكل ملصقات مستقلة بالثانويات ومراكز الاستشارة والتوجيه ومكاتب الإعلام والتوجيه، مضيفة نتمنى أن يجد في هذه الوثيقة، كل المهتمين بالإعلام الجامعي من أطر التوجيه التربوي ،تلاميذ وأولياءهم وتربويين ما يمكنهم من التعرف على إمكانات متابعة الدراسة العليا بالمغرب ( التعليم العالي العمومي ).وسنعمل مستقبلا على إغناء هذه الوثيقة وذلك بإدراج مؤسسات أخرى للتكوين والتعليم العالي كلما أمكن ذلك، وكذا تعديل البطاقات وتحيينها مواكبة للمستجدات التي تعرفها الساحة التربوية. لكن بسؤالنا لمجموعة من التلاميذ تبين أنهم لا يعرفون عنها شيئا، في قال أحد أطر التوجيه والتخطيط مهتم إن الوزارة لم تعمل على تعميمها، وتركت الاجتهاد للموجهين لصرف المال من جيوبهم لطبعها وتوزيعها ، وهو ما يقوم به البعض لكن الأغلبية تتحفظ على هذا الاختيار، ومع ذلك يضيف المصدر أن الوثيقة تفتقد إلى الإبداع ولا نزيد الطالب إلا حيرة. والوثيقة التي تضم 103 من الصفحات تحتاج إلى كثير من الوقت لفهمها وهضمها من قبل التلاميذ قبل اتخاذ أي قرار، حيث أن طبيعتها المبسطة في بعض الأحيان تفوت على التلاميذ فرص الاختبار الحقيقية، كما أن الموجهين يكونون غير قادرين على مساعدة التلميذ ويبقى دورهم مقتصرا على عرض الموجود فقط، دون عرض الممكن وكيفية الوصول إليه حسب ميولات التلاميذ، حيث تقول الوثيقة مثلا إن الإجازة المعنية تتيح الولوج إلى سوق الشغل ، دون أن تحدد أي شغل و، لا أعداد المقاعد المتوفرة، كما أن البطائق التقنية معقدة أحيانا ومبسطة أحيانا دون تفسير وتحتاج إلى حصص محددة لتوضيحها ، ويبقى التلميذ والطالب حائرا لا يعرف من أين يبدأ.