لم تتجاوز عدد الزيارات التفتيشية للمحاكم في سنة 2008 من قبل المفتشية العامة 40 محكمة، وذلك بحسب ما كشفه المفتش العام في اللقاء الدراسي حول إصلاح القضاء الذي انتهى يوم الأربعاء 1 أبريل 2009 ، وهو عدد قليل بالنظر لتوسع الخريطة القضائية بالمغرب والتي تبلغ 694 ما بين محكمة ابتدائية وتجارية وإدارية ومحاكم استئناف ومراكزو للقضاة ومحاكم مقاطعات، وهو ما يفسر تفاقم الرشوة والفساد في القضاء، رغم الشعارات المرفوعة منذ سنوات لمحاربة الظاهرة. فقد كشف تقرير للمركز العربي لتطوير قواعد القانون والنزاهة صدر سنة 2007 على أن 51 في المائة من المتقاضين قدموا أو طلب منهم تقديم رشاوى أو إكراميات للجهاز الإداري، في حين أعلن 50 في المائة على أن سلوك المحامي تجاههم غير نزيه، فقد قدم 25 في المائة من المتقاضين هدايا أو مبالغ مالية للقضاة الذين يبثون في قضاياهم. كما ذكرت نشرة لترانسبرانسي في أبريل 2008 عن أن استطلاعا ميدانيا أبرز أن 88 في المائة من أصحاب المقاولات يعتبرون الرشوة متفشية في القضاء، وأن 72 منهم يعتبرون الفساد أصبح منتشرا في جسم المحامين. وتقدم أسباب ضعف الإمكانات البشرية بالمفتشية العامة لوزارة العدل، وارتباط عمل المفتشية بالسلطة التنفيذية لوزير العدل، وغياب أدوات تتيح للمواطنين التبليغ الآمن عن جرائم الرشوة كأحد أسباب استفحال الظاهرة، لاسيما وأن عدد الشكايات أو الوشايات الموجهة ضد القضاة بلغ 387 شكاية أو وشاية، أنجزت بشأنها الأبحاث الضرورية، ورفع بخصوصها 32 تقريرا، وكان من نتائج ذلك أن أحيل على المجلس الأعلى للقضاء 14 قاضيا للتأديب، فيما اقترح حفظ ما لا يقل عن 80 شكاية لعدم جديتها، كما أحيلت 70 شكاية على المديريات المختصة والباقي في طور الإنجاز، وكان الراضي قد صرح خلال تقديمه للميزانية الفرعية للوزارة أنه تم تسجيل 68 قضية كبرى في ميدان الرشوة، و6000 قضية من حجم أقل، مشيرا إلى تصاعد مثل هذه القضايا. وانتقدت الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة (ترانسبارنسي المغرب) جهاز القضاء، على اعتبار أنه يخل بمهمته في المراقبة وحماية سيادة القانون حينما يسمح بتأثير سلطة المال والمحسوبية على سير العدالة، حسب بلاغ لها آنذاك، كما لاحظت أن جهاز القضاء لم يقدم أي إشارات لحماية الشهود على وقائع الرشوة، ولم يتخذ أي تدابير لتشجيع التبليغ عنها أو مكافأة من يتعاون مع القضاء؛ مما يفقد المبادرات الحكومية في هذا الاتجاه فعاليتها ومصداقيتها. وقال عبد اللطيف النكادي، عضو تراسبرانسي المغرب، إن استقلال القضاء لا يتطلب أموالا ولا دراسات، بل يتطلب إرادة سياسية حقيقية تمارس من خلال القانون الذي يجب أن يفرق بين عمل القضاء وهيمنة وزارة العدل والمتدخلين الآخرين في عمل القضاة. وأكد النكادي في تصريح لـالتجديد على ضرورة الاهتمام بالشهود وحماية فاضحي الفساد؛ مشيرا إلى ما حدث لمحامي رسالة إلى التاريخ، إذ أصر القضاء على التشطيب على المحامي قنجاع، مع العلم أن الوقائع أثبتت أن ما تحدث عنه المحامون من فساد ورشوة ومحسوبية فعلا موجود، وفي كل حين تظهر فضيحة أبطالها قضاة في المنقطة.