نشطت في الأيام الأخيرة حملة ممنهجة لفرض الاعتراف بالمجاهرة بالشذوذ الجنسي والتطبيع مع جهود نشره وتعميمه، وذلك في سابقة لم يشهدها بلد عربي ومسلم، مما يكشف عن حجم الخطر الذي يريد تيار إباحي جر المغرب إليه، مستفيدا في ذلك من الدعم الخارجي والصمت المحلي، ،مستغلا في ذلك جو الانفتاح الحقوقي رغم محدويته، ولهذا كان غريبا أن يجعل البعض الحق في الترخيص لنشاط جمعيات الشذوذ بمثابة امتحان للديموقراطية بالمغرب. ففي اليومين الماضيين أعلن منسق جمعية الشواذ المغاربة كيف كيف بالرباط، عن نيته للتحرك من أجل رفع الصمت عن نشاط جمعيته، والبحث عن الدعم من داخل المجتمع المدني للمطالبة بحق الشذوذ الجنسي في المغرب، ويبرمج لقاءات في هذا الصدد، وذلك في تحد صارخ للقانون وللدولة والمجتمع، ويجعل من المشروع التساؤل عمن يقف وراء هذا الشخص النكرة، والذي يبدو مستقويا بنتائج مؤتمر سابق نظم بإسبانيا السنة الماضية ودرس واقع الشذوذ في العالم الإسلامي والمغرب منه، وكيفية دعمه التطبيع معه. طبعا السلطات المسؤولة لا يمكن أن تنفي علمها بأهداف جميعة كيف كيف، وهي بلا شك على علم بأن منسقها حل بالمغرب ليس للسياحة، ولكن لخدمة أجندة عبر عنها إعلاميا بكل وضوح، وشرع في تنزيلها من خلال لقائه بالجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وجمعية بيت الحكمة، ولا شك أن السلطات تابعت بدقة تصريحاته التي نشرتها بعض الصحف الوطنية، وهذا ما يطرح علامات الاستفهام على الموقف الحيادي للسلطات إزاء هذه الجمعية تهدف إلى تجميع المغاربة الشواذ، وتعبر في تصريحاتها الإعلامية عن نيتها التحرك بقوة في المغرب لتثبيت الحق في الشذوذ الجنسي، وهو ما يجعل الموضوع يتجاوز الحدود الفردية للمشكل، باعتبار أن من استتر فأمره موكول إلى خالقه، لكن ما يجري حاليا هو محاولة نقل قضية الشذوذ الجنسي إلى الفضاء العام، واستغلال التطور السياسي والحقوقي للمغرب من أجل فرض الاعتراف به، وعدم إنكارالمجاهرة بالفاحشة وإعلان الشذوذ المنظم، مما يشكله ذلك من تحد لهوية البلد وحصانة نسيجه المجتمعي. بل إن ما أثاره هذا الشخص النكرة من وجود سياسية تدعمه يجعلنا نتساءل عن وجود مسار لتشكيل لوبي سياسي للضغط لمصلحة هذا التوجه، خاصة وأنه يدعي أن سياسيين من أتباع جمعيته، فهل هناك سياسية لفرض الأمر الواقع على المغرب، واستغلال تقدم علاقته بدول الاتحاد الأوروبي لجعل مسألة الاعتراف بالشذوذ الجنسي أحد شروط تطوير العلاقة. الواقع أن المغرب يجد نفسه اليوم أمام فتنة الدفاع عن المجاهرة بالشذوذ الجنسي، والمفاجئ أن تصبح الديموقراطية المغربية المغربية معلقة على ذلك، فهل نسي هؤلاء أن أبسط مقتضيات الديموقراطية هي الخضوع لحكم الشعب، وهل من الديموقراطية أن يفرض عليه ما يعارض قيمه وأخلاقه ودينه، إن الذين يرون أن الديمقراطية لا يبقى منها شيء إن تدخلت الثقافة والقيم لمنع هذه الظاهرة وتلك، يحتاجون أن يعيدوا قراءة مفهوم الديمقراطية، فالديمقراطية لا تتأسس خارج الأطر المرجعية، وإذا كان البعض يعتقد أن الديمقراطية تعني عنده الحق في المجاهرة بالشذوذ وفرض الاعتراف العلني به والسماح لأهله بتأسيس جمعيات علنية لهم، فذلك أقصر طريق لفضح حقيقة إيمانهم بالديموقراطية، والتي يردون ربطها قصرا بالمجاهرة بالشذوذ. ختاما، أين هم من يقفون رافعين أصواتهم خوفا على الأمن الروحي والوحدة المذهبية، أليس فيما يقع أكبر تهديد لذلك؟