في سابقة خطيرة لم يشهدها المغرب، دافعت بعض المنابر الإعلامية المغربية المتغربة عن الشذوذ الجنسي وحق الشواذ في الاختلاف وضرورة التسامح معهم، تحت زعم أن المغرب عرف هذه الآفة منذ زمن بعيد في قطاع الصناع التقليديين، وزعمت صحيفة أوجوردوي لوماروك أن قصائد الملحون حافلة بمقاطع تمجد الشذوذ الجنسي، وأن المغاربة غضوا الطرف عن هذا مادامت القضية تتم في الخفاء دون أن تتجاوز عتبة الظهور، واستشهدت الصحيفة المذكورة بنموذج أبي نواس في تاريخ الثقافة العربية دون أن تستشهد أيضا بخواتيم حياته وتوبته الشهيرة، وخلصت تلك الجريدة إلى أن لا شيء يمنع المغرب والمغاربة من الاستمرار في نهج التسامح مع الشذوذ والشاذين الجنسيين. هذا على الرغم من أن الخبيرة النفسية غيتة الخياط التي حاورتها الجريدة ذهبت إلى عكس ذلك مؤكدة أن المغرب لم ولن يتسامح مع هذا الانحراف. وتأتي هذه المحاولة التطبيعية مع الشذوذ الجنسي في سياق الفضيحة التي شهدتها مدينة تطوان مطلع شهر يونيو الجاري حيث ألقي القبض على خلية للشذوذ الجنسي متلبسة بالمنكر وفيها بعض أبناء الذوات وأشخاص أجانب قادمون من سبتةالمحتلة، ثم ما لبثت السلطات أن أخلت سبيلهم بأوامر فوقية دون أي متابعة قانونية. وقد اتضح بالفعل أن جهات عدة تستهدف المغرب وتريد اختراق نسيجه الديني والاجتماعي عن طريق االضغط المتوالي للاعتراف بحقوق الشواذ الجنسيين تحت راية حقوق الإنسان المتعارف عليها دوليا. وتمضي تلك الجهات في ضغطها على بلادنا عن طريق فرض الأمر الواقع واستنبات خلايا للشذوذ الجنسي والدفاع عنها والصراخ المتواصل ضد الاضطهاد المسلط عليها من قبل السلطة والمجتمع المتدين والركوب الإعلامي على الحدث. ومنذ أكثر من عشر سنوات، والمغرب يوجد على رأس اللائحة السوداء لمنظمات الشذوذ الجنسي الدولية التي استطاعت تمرير مفهوم النوع وثقافة الجندر عبر الهيئات التابعة للأمم المتحدة -خاصة لجنة السكان- ثم طالبت وما تزال تطالب الهيئة الأممية بالضغط على دول العالم باحترام الميول الجنسية للأفراد وإعطاء الحرية للشذوذ الجنسي. وتعمل هذه المنظمات في تنيسق متكامل مع كثير من المنابر الإعلامية للضغط على المتدينين والمعارضين في العالم كله وإسكات أصوات النقد والإنكار، وتسعى تلك الهيئات بكل الوسائل الممكنة لنقل المعارك والقضايا المرتبطة بالشذوذ الجنسي من الغرب إلى دول العالم الإسلامي كما وقع في مصر منذ بضع سنوات. الآن بدأت تتضح الرؤية في المغرب بعد أن ارتفعت بعض الأصوات داخل المغرب وخارجه مطالبة بالتسامح مع الشاذين وتمكينهم من حقوقهم، وعندما نعلم أن شخصا مثل أنس الجزولي منظم ما سمي ملكة جمال المغرب في الأعوام الماضية تهجم على بلادنا، إلى جانب منظمات الدفاع عن الشذوذ الجنسي الإسبانية والفرنسية، نفهم بسرعة ما ذا يجري وماذا يراد للمغرب. فالقوم لم يكتفوا بالمطالبة بإطلاق سراح الشاذين وهو ما تحقق لهم، بل يريدون فوق ذلك الاعتراف بحقهم في الوجود وحرية الإعلان عن هواهم ومنكرهم. يحدث هذا في وقت يستمر فيه هجوم إعلامي مليء بالتلفيق والبهتان تقوده القناة الثانية وبعض المنابر المتغربة على مناهج التربية الدينية والمؤسسات الدينية مثل دور للقرآن ومادة التربية الإسلامية، حيث تتهم بتخريج المتشددين والإرهابيين، من أجل المضي في حملة تجفيف لمنابع التدين على الطريقة التونسية. وإذا كان القوم يعتبرون أن هذه قضية هامة ومعركة لا بد من خوضها، فإن هذا ما ينذر بشر مستطير ينتظر بلادنا إن سكت العلماء والمسؤولون.