عقد مجلس شورى حركة التوحيد والإصلاح اجتماعه العادي الثاني يومي السبت والأحد تاسع وعشرون وثلاثون جمادى الأولى 1425 ه الموافق لسابع عشر وثامن عشر 2004 م بالمقر المركزي للحركة بالرباط. وقد تميز الاجتماع بمدارسة عمل الحركة خلال العام المنتهي وتحديد جدول أعمالها خلال السنة المقبلة كما ينص على ذلك القانون الداخلي للحركة. وعلى مدى يومين من المدارسة والمناقشة صادق المجلس على الأوراق والوثائق المعروضة عليه، ويتعلق الأمر بالتقريرين الأدبي والمالي لسنة 2003,2004 والبرنامج السنوي لموسم 2004,2005 وورقة حول المشاركة السياسية، وورقة أخرى حول التوجهات المستقبلية لجريدة التجديد. وصادق المجلس أيضا على البيان الختامي (انظر رفقته). وكان مجلس الشورى قد افتتح أشغاله بكلمة توجيهية ألقاها رئيس الحركة الأستاذ محمد الحمداوي، حث فيها أعضاء المجلس على إدراك اللحظة التي يمر بها المغرب والعالم وانعكاسها على الواقع المغربي والعالمي أفرادا وجماعات، وقال الحمداوي إننا نجتمع اليوم في ظل عدد من التحولات والتطورات التي شهدتها بلادنا، لعل من أبرزها في الآونة الأخيرة ما تم بخصوص تدبير الشأن الديني على المستوى الرسمي والذي ثمناه واعتبرناه إيجابيا. كما نجتمع في ظل استمرار حملات الاستئصاليين على الدعاة والعلماء عموما وعلى حركتنا في محاولة منهم للتشويش والتشويه والإقصاء ليخلو لهم المجال للقضاء على مظاهر التدين وعزل الدين عن الحياة. ومرة أخرى يستهدف توجهنا وأداؤنا مما يستدعي منا مزيدا من التعبئة لطاقاتنا وجهودنا لأداء واجبنا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والصدع بالحق. وركز رئيس حركة التوحيد والإصلاح، وهو يستعرض التحديات التي تعترض سبيل العمل الدعوي والتربوي على التحديات الداخلية، خاصة استهداف الرصيد التربوي وصلاح واستقامة الأعضاء، نظرا لما يمكن أن يشكله الخلل الداخلي من خطورة على المسار. الوضعية العامة للحركة تناولت ورقة الوضعية العامة للحركة عددا من النقاط الهامة، كالسياسة الدينية الجديدة ببلادنا وكيفية التعامل معها والعلاقات العامة ومواجهة الميوعة والعمل الإعلامي، ووضعية التخصصات والتنسيق بينها والوضعية الداخلية لتنظيم الحركة وآفاقها المستقبلية. واعتبرت الورقة أن التطورات والتدابير المتخذة في مجال التدبير الديني بالمغرب إيجابية، لما فيها من تقوية مكانة الإسلام في الدولة والمجتمع ومن خدمة واسعة للتدين والثقافة الإسلامية، ولأجل ذلك أعربت الورقة عن دعم الحركة لهذه التدابير والتعاون والإسهام في إنجاحها. كما ثمنت الورقة بصفة خاصة مبادرة العناية بالتعليم العتيق وما ستتيحه له من إنعاش وتطوير ولتلاميذه من فرص الاندماج في التعليم العام والحياة العامة. ورفضت الورقة التجاوزات الصادرة عن بعض السلطات المحلية في التعامل مع بعض دور القرآن، ودعت المسؤولين إلى ضرورة التبين والتمييز. وأعربت عن أنها مع إخضاع دور القرآن للمراقبة والالتزام بالمقتضيات القانونية ثم محاسبتها بناء على ذلك، أما إغلاقها أو تأميمها والانسياق وراء بعض الدعوات لتصفيتها، فهذا موقف غير حكيم وغير قانوني. ودعت الورقة إلى المعالجة العلمية والفكرية لبعض القضايا التي يتم تداولها حتى يكون الناس على بينة ورشد فيها، مثل المذهب المالكي والعقيدة الأشعرية والتصوف ودور العلماء والإفتاء في الدين ودور المجتمع وهيئاته المدنية في خدمة الدين ودعوته. كما تطرقت الورقة إلى ظاهرة الفساد الأخلاقي والميوعة التي كادت تصبح فجورا وسلوكا، تتقاطع في إنتاجه ورعايته ومحاولة إدامته جهات ودوائر عديدة. ودعت الورقة إلى مقاومة هذه الظاهرة بأسلوبين اثنين: أسلوب وقائي يرمي إلى رفع رصيد المناعة في المجتمع، خاصة لدى فئة الشباب، عبر التصدي للدوائر التي ترعى هذه الظاهرة وفضح رموزها ومحاولة إفشال مخططاتها، وذلك بتفعيل آليات المواجهة بالعرائض والوقفات الاحتجاجية ومكاتبة المسؤولين، والاتصال بجميع الهيئات المعنية، مع استثمار الجانب القانوني والتشريعي. الأسلوب الثاني:أسلوب بنائي يرمي إلى تقوية التدين السليم ونشر قيم العفة والأخلاق الفاضلة. واستعرضت الورقة الوضعية الداخلية للحركة، خاصة التأطير التربوي والحزم التنظيمي، وأشادت بنجاح حملة القرآن الكريم داخل الحركة، وتوقفت عند التحدي التربوي الذي كان وسيظل دائما تحديا أساسيا في مشاريع الحركات الإسلامية عموما لما يشهده الواقع من حولنا من تطورات متسارعة على جميع المستويات. ويزداد الأمر صعوبة بالنسبة لحركتنا التي اختارت أن تكون رسالية بالاندماج في مجتمعها والانفتاح على طاقاته ومؤسساته من خلال عدة تخصصات وأعمال مما قد يستهلك رصيد التربية لدى الأفراد عند الاختبار والتجربة بسبب الانشغال عن الاهتمام بتزكية النفس والابتعاد عن أجواء المناخ التربوي الإيماني. وقالت الورقة، وهي تتحدث عن الحزم التنظيمي، إن الانتماء إلى الحركة ليس مجرد انتساب تاريخي، وليس مجرد تسجيل في لوائحها بل هو التزام مبدئي يتبعه التزام عملي. وانتهت الورقة بالتأكيد على إعداد الخلف وبناء جيل التحديات المستقبلية، لمواجهة ما يتهدد الشباب من مشاريع الإفساد والتي أصبح ينتج عنها ما نراه من آفات وانحرافات وما يظهر يوما عن يوم من تيارات هدامة أو مجموعات للغلو والتطرف وسط هذه الفئة، ناهيك عن حاجة حركتنا إلى دماء جديدة، خاصة بعد انخراط الجيل المؤسس في مهام ومسؤوليات جديدة داخل المجتمع مع وجود حاجة واضحة وملحة للكفاءات القيادية التي يمكن أن تملأ مواقع المسؤولية داخل الحركة في مختلف المستويات. الإصدار اليومي للتجديد وفي المجال الإعلامي أشاد المجلس بالعمل الرائد الذي قامت به جريدة التجديد وصادق على الاستمرار في إصدارها اليومي مع الدعوة إلى تطويرها وتكوينها وتأهيلها كمؤسسة إعلامية متكاملة، وتوفير الدعم اللازم لها. المشاركة السياسية استعرضت ورقة المشاركة السياسية دواعي المشاركة السياسية لحركة التوحيد والإصلاح، وذكرت بأهدافها المتمثلة في سعي الحركة إلى الانخراط في الحياة الوطنية، والإسهام في المحافظة على مكتسبات الصحوة وتنميتها، والمشاركة في تدبير الشأن العام قصد الإسهام في الإصلاح قدر الإمكان. كما استعرضت الورقة تطور صيغ هذه المشاركة السياسية وكذا المراحل التي مرت بها علاقة الحركة بحزب العدالة والتنمية. وتوقفت الورقة عند رصد وتقييم هذه العلاقة بمكتسباتها وإشكالاتها وتحدياتها. وبناء على هذا الرصد والتقييم خلصت الورقة إلى ضرورة التوجه نحو مزيد من التمايز في الوظائف والخطاب بين الهيئتين مع التأكيد على الشراكة الاستراتيجية بينهما.