بإعلانها وقف إطلاق النار من جانب واحد تكون دولة الصهاينة من جهة، قد ردت لمحور مصر والسعودية جميل جهودهما لتعطيل أية مبادرة عربية جادة ضد العدوان، ومن جهة ثانية جنبت قمة الكويت حرج التعامل مع السقف الحد الأدنى الذي رسمته قمة الدوحة قبلها وتنقد من جهة ثالثة مبادرة السلام العربي ، المصرية السعودية، التي أفرغتها سياسة الأمر الواقع الإسرائيلية من محتواها بعدما استنفذت مصالحها المرتبطة به دون تقديم أية تنازلات تذكر. وينتظر أن يقدم اعتدال وواقعية قمة الكويت أول شهادة حسن السيرة لإسرائيل وأن تفتح باب نسيان ما جرى وفتح صفحة جديدة والتأكيد على أن النظام العربي غفور رحيم. وأول الغيث لقرار وقف إطلاق النار هو إطلاق عقدة لسان محور دعاة السلام العربي التي عقدها الأمر الواقع الذي مارسته إسرائيل في غزة لأزيد من 3 أسابيع قتلت فيه الأطفال والشيوخ والنساء والصحافيين والطواقم الطبية... ودمرت بشكل همجي المدارس والبيوت والمستشفيات... انطلقت إذن آلة الكلام العربي تحاول الركوب على النصر الذي حققته المقاومة الفلسطينية والشعب الفلسطيني في غزة، وتنافس الزعماء في ندواتهم الصحافية يدعون فيها وصلا بالانتصار في انتظار أن يركبوا خيل البطولة في ساحة قمة الكويت على هامش الهم الاقتصادي الذي خصصت له. لن نستغرب إذن أن يدعي هؤلاء أن وقف إطلاق النار تتويج لجهودهم السلمية الكبيرة، والواقع أن محرقة غزة ومثيلاتها كانت دائما تتويجا لتلك الجهود الاستسلامية. ولن نستغرب أيضا أن ينطلق لسان الجبناء الطاعنين في الظهر من الإعلاميين وأنصاف المثقفين وشبهي المفكرين العرب في جلد الذات وتحميل المسؤولية للمقاومة ولحركة حماس بالخصوص. وقد بدأت فصائل المنهزمين في شن غارات الخذلان على الشعوب مستخفة بمسيراتها واحتجاجاتها، متصيدة للهفوات ومركزة بالخصوص على بعض الشعارات التي تهدد الأمن العالمي وتحث على الحقد والكراهية مستهدفة القضاء على قيم المقاومة والممانعة في الأمة الإسلامية بدعوى نشدان السلام والاستقرار العالميين. وتتفنن فصائل المنهزمين في اعتبار كل الخسائر البشرية والمادية في غزة فاتورة وجود المقاومة وقيم الممانعة. وبالنسبة لهؤلاء الجبناء ميتي الضمير والذاكرة فقصة فلسطين لم تبدأ عندهم إلا بسقوط بعض صواريخ المقاومة على المستوطنات اليهودية أياما قبل رد الفعل الإسرائيلي. لتكون محرقة غزة من جنايات المقاومة على نفسها وعلى سكان غزة. أما تاريخ العدوان الإسرائيلي الحافل بالمجازر والدماء والدمار فهو حكاية تاريخية تقتضي الحكمة وضرورات التعايش الإنساني نسيانها. الم ننس صابرا وشاتيلا ومثيلاتها الكثيرة؟ لقد انتصرت المقاومة في ساحة النيران في غزة واهزم الخونة والجبناء في فراش نومهم تؤز ضميرهم المريض صور أشلاء الأطفال وصرخات النساء ودخان الفوسفور الأبيض. إن الالتزام بقضايا الأمة يقتضي من حاملي فكر الممانعة الاستمرار في دحض الفكر الانهزامي وعدم الوقوع في موسمية لا تكون فعالة إلا على ضوء المجازر والمحارق.