قال محمد العربي المساري إن المشاركة في الانتخابات لطالما كانت قضية مخدومة من لدن وزارة الداخلية، وأرجع المساري ضعف المشاركة في الانتخابات، في مائدة مستدير تدارست التأثيرات الممكنة للقوانين الانتخابية على الإصلاح السياسي في العالم العربي نظمها مركز الدراسات والأبحاث في العلوم الاجتماعية، إلى التعثرات السياسية الناتجة عن عدم نجاح القوى الديمقراطية في التفاوض مع الحكم على قواعد صريحة وواضحة للإصلاح السياسي. وأكد المساري في هذا السياق أن السبب الأساسي لضعف المشاركة، الذي سيكون تحديا للدولة في الانتخابات القادمة، هو أن فعل انتخب، ينتخب هو فعل لازم في تفكير الدولة، أي لا ينتج عنه حكومة ومؤسسات قوية ذات صلاحيات معقولة، ومن هنا فالمواطنون لا يثقون في المجالس المنتخبة الموجودة حاليا وبالصلاحيات المعطاة لها. وذكر المساري في هذا الصدد بمطالب الكتلة الديمقراطية في بداية التسعينات، التي كانت تؤكد على ضرورة وجود قضاء انتخابي مستقل يشرف على الانتخابات، بعيدا عن إشراف وزارة الداخلية، وأكد في هذا السياق أن التفاوض مع الحكم لم يكن جيدا، كما أن التفاوض على دستور 1992 ودستور 1996 لك يكن جيدا، لأن الماء دخل بين مكونات الكتلة حينها، وأضحى كل واحد منهم يبحث عن موقع لنفسه. من جهته، قال علي كريمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الحسن الثاني بالبيضاء، إن المشاركة في الانتخابات التشريعية أخذت منذ 1963 منحى تراجعيا إلى اليوم، بحيث انتقلت من 98 في المائة إلى 37 في المائة سنة .2007 وقال كريمي إن تفسير هذا التراجع يعود إلى أكثر من سبب، غير أن جوهره برأيه سياسي، مؤكدا أن الباحثين المغاربة يجمعون على أن هيمنة وزارة الداخلية على كل العملية الانتخابية بموجب آلية سياسية وأخرى قانونية طالها الفساد بدون استثناء وذلك منذ أول انتخابات تشريعية في سنة .1963 وإذا كانت وزارة الداخلية هي المسؤولة عن الفساد الانتخابي في المغرب، وبالتالي ضعف المشاركة، كما يقول علي كريمي ، فإن عدم الاستقرار السياسي نتيجة الانقلابات العسكرية المتكررة كما في موريتانيا، أو التحكم العسكري في كل شرايين الحياة السياسية كما في الجزائر، هو ما يحول دون أي تأثير للقوانين الانتخابية على الإصلاح السياسي، في كلا البلدين على التوالي.وقال الباحثة بالمركز المذكور، خديجة بنطالب، التي تقدمت بمداخلة في هذا السياق، إنه منذ إقرار التعددية بموجب دستور 1989 في الجزائر، مرت الجزائر بثلاث مراحل منذ ذلك الحين، الأولى من 89 إلى 90 سيطرت فيها جبهة التحرير كحزب تاريخي، أما الثانية فتمتد من 90 إلى 97 سيطر فيها الجيش بعد الانقلاب الذي قام به على نتائج الانتخابات الديمقراطية في ,1991 وشكلت الأحزاب مجرد واجهة له، وفي المرحلة الثالثة التي تمتد من 1997 إلى اليوم، فهي التي تقول الجزائر إنها مرحلة الانتقال الديمقراطي بها، وقالت الباحثة إن هذا الانتقال غير واضح المعالم بعد، نتيجة عوائق كثيرة منها الصلاحيات الضعيفة للمؤسسات المنتخبة، وإفشال النظام السياسي للتعددية السياسية، وسيادة السلطوية، وسيطرة البيروقراطية والفساد، وغياب ديمقراطية داخلية حزبية. أما في موريتانيا فإن عدم الاستقرار السياسي نتيجة الانقلابات العسكرية المتكررة منذ 1978 إلى اليوم هو ما يحول دون أي انتخابات ديمقراطية وشفافة. وذكرت بنطالب في هذا الصدد بالانتخابات الرئاسية لسنة 2005 والتي أشاد فيها العالم بموريتانيا، غير أن الانقلاب بعد 18 شهرا منها، أفرغ كل شيء من محتواه. واستبعد الباحثون بالمركز أي تأثير للقوانين الانتخابية على الإصلاح السياسي بالمغرب، وخلصوا في مداخلاتهم إلى ضرورة إقرار إصلاح سياسي يكون له نتائج ملموسة على العملية الانتخابية، ما دام أن القانون، حتى لو كان جيدا، ليس كاف أبدا لتكون الانتخابات شفافة ونزيهة، والمؤسسات فاعلة.