يرى محللون اقتصاديون أن مؤشرات انعكاس الأزمة المالية العالمية بدأت معالمها تظهر بالمغرب في عدد من القطاعات. وأبرز رضوان زهرو أستاذ الاقتصاد الجامعي أن الأزمة المالية العالمية أزمة بنيوية ستدوم عدة سنوات، من ثم فإن هناك تراجع المؤشرات في عدد من القطاعات المتعلقة بالاستثمار وتحويلات المغاربة المقيمين بالخارج ومداخيل السياحة، بالإضافة إلى قطاع العقار والبناء والسياحة والبورصة.وهبطت أسهم بورصة الدارالبيضاء إلى أدنى مستوى لها في عامين وقال محللون، حسب ما أوردته رويترز، إن من المرجح أن تواصل التراجع في الأسابيع المقبلة بسبب الشكوك التي تحيط بالقطاع العقاري والصادرات. وتراجع مؤشر مازي في بورصة الدارالبيضاء، حسب نفس المصدر، عن مستوى 10 آلاف نقطة الثلاثاء الماضي للمرة الأولى منذ يناير 2007 ليغلق منخفضا بـ3,3 في المائة عند 9765,89 نقطة. وأوضح زهرو أنه في ظل الأزمة المالية لا تكون هناك مغامرات في الاستثمار في السندات والأسهم، وستتأثر مؤشرات البورصة لذلك. وتراجعت التحويلات السنوية للمغاربة المقيمين بالخارج بأزيد من 629 مليون درهم، إذ تراجعت هذه من 50 مليار و389 مليون درهم إلى 49 مليار و759 مليون درهم ما بين يناير وفبراير لسنتي 2007 و.2008 ويأتي هذا الانخفاض الذي سجل لأول مرة بعد الارتفاعات المتتالية منذ سنة ,2003 إذ بلغ المعدل السنوي ما بين 2003 و2007 ما يناهز 39 مليار و389 مليون درهم، حسب إحصاءات مكتب الصرف لشهر نونبر الماضي. وقال إدريس بن علي المحلل الاقتصادي في تصريح سابق لالتجديد إن نتائج الأزمة المالية ستترجم على مستوى تراجع تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج والصادرات، والسياحة. من جهته استبعد بوشعيب الرامي، رئيس نادي المستثمرين المغاربة بالخارج، أن تكون للأزمة المالية التي تعرفها الدول الأوربية من بين أسباب هذا التراجع، مشيرا إلى أن الفترة الأخيرة عرفت تزامنا لمجموعة من المناسبات التي أثرت على الجالية. وأضاف المصدر ذاته، أن انعكاس الأزمة سيسجل على مستوى تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج، من ثم دعا إلى تدخل الدولة والمجتمع المدني من أجل أن توظف هذه الشريحة أموالها في المغرب من جهة، والعمل على التخفيض من كلفة هذه التحويلات التي تبقى مرتفعة. وسبق لمحمد عارف حساني، المدير بالانابة للوكالة المغربية لتشجيع الاستثمارات، التصريح لرويترز بأن المغرب سيواجه صعوبة هذا العام في تحقيق نفس المستوى القياسي للاستثمار الأجنبي المباشر الذي بلغه العام الماضي وهو4,5 مليار دولار في وقت تقلص فيه بعض الشركات أو تؤخر مشروعات بسبب الأزمة المالية العالمية. من جهته أبرز زهرو أن هناك انخفاض في الطلب العالمي، مما سيساهم في الخفض من نسب منح القروض، وبالتالي تراجع الاستثمار، وعلى اعتبار أن أول شريك للمغرب هو الاتحاد الأوربي فإن المغرب سيتضرر لأن هذا الشريك في عمق الأزمة. وتراجع طلبيات قطاع النسيج، فضلا على الصعوبات التي بدأت تعترض القطاع سيما أن نهاية أكتوبر الماضي عرفت تراجع الصادرات ب6,6 في المائة مقارنة مع نفس الفترة من سنة .2007 وفيما يتصل بقطاع السياحة أبرز محمد بوسعيد وزير السياحة أنه ليس لديه تفسير لزيادة عدد السياح سبعة في المائة سنة 2008 مع بقاء الإيرادات دون تغيير، وقال إن إيرادات السياحة هذا العام ستكون في حدود إيرادات العام الماضي التي بلغت 59 مليار درهم، بزيادة 12 في المائة عن عام .2006 وأكد أن صناعة السياحة في البلاد بحال طيبة رغم الأزمة المالية العالمية وأن من المتوقع أن يصل عدد السياح إلى7,9 مليون سائح للمرة الأولى هذا العام.وأنها ستظل المورد الرئيسي للنقد الأجنبي والاستثمارات الأجنبية.ويخشى محللون ومسؤولون بصناعة السياحة أن يؤدي الركود الاقتصادي في أوروبا وغيرها إلى تعطيل خطط المغرب الطموح لتطوير الصناعة. وأكد بن علي أن السياحة ضمن القطاعات التي ستتأثر من الأزمة المالية التي تعصف بالعديد من الدول العالمية، مشيرا إلى أن ذلك راجع إلى تراجع الطلب الخارجي على المغرب، وإلى القدرة الشرائية التي ستتراجع للعدد من المواطنين الأوربيين، وهم أبرز السياح الذين يزورون المغرب. من جهة أخرى أكد بعض المسؤولين المغاربة أن المغرب في منأى عن تداعيات الأزمة المالية، على اعتبار أن القطاع المالي لم يعرف أي تداعيات، ويمكن للمغرب أن يستفيد من الأزمة. وأشار أحمد العليمي لحليمي المندوب السامي للتخطيط الاثنين الماضي أن تأثير الأزمة المالية يبقى محدودا في المغرب، ذلك أن نسبة التضخم، التي لن تتجاوز نسبة 4% ببلادنا سنة ,2008 بلغت 8,15% بالأردن و1,5% بتونس و4,9% كمعدل في الدول الصاعدة والسائرة في طريق النمو.وأكد زهرو على ضرورة أن تنتهج الحكومة برامج وسياسات قطاعية بدل السياسات العامة، وإعطاء الأولوية للقطاعات التي ستتضرر. خالد مجدوب