يعتبر معهد المسعى الأمريكي من أبرز الواجهات التي تطرح توجهات مثلث جماعة المحافظين الجدد واللوبي الإسرائيلي وصقور الإدارة الأمريكية وعلى خلفية أزمة المواجهة بين إسرائيل وحماس الدائرة حالياً في قطاع غزة، لم يهتم خبراء المعهد بمتابعة وتحليل التطورات الميدانية الجارية وإنما ركزوا على ملف مستقبل الأراضي الفلسطينية. * بشارة جون بولتون الجديدة: في مطلع العام 2009م: نشر الموقع الإلكتروني الخاص بمعهد المسعى الأمريكي مقالاً من إعداد السفير الأمريكي السابق في الأممالمتحدة جون بولتون حمل عنوان «خيار الدول الثلاثة» أشار فيه إلى النقاط الآتية: • إن الحرب الدائرة حالياً بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة هي حرب تثبت أن أسلوب الحكم الفلسطيني –السلطة الفلسطينية- قد فشل. • لقد انكسرت السلطة الفلسطينية تماماً ولم يعد من مجال للحديث عن قيامها بدور في التنمية والتطور الاقتصادي الفلسطيني. • تعاني إسرائيل من مشاكل الإرهاب ومن وجود الإرهابيين في غزةوإيران وغيرهما من بلدان الشرق الأوسط والأدنى. • لقد عانت مصر كثيراً من خطر الإرهاب واضطرت إلى بناء جدار عازل يفصلها عن قطاع غزة. • ما زال لبنان تحت خطر نفوذ انقلاب حزب الله المدعوم إيرانياً. • ما زالت سوريا تنخرط في تنسيق وانسجام مع إيران. • أصبح الأردن واقعاً في مصيدة الدائرة المغلقة. • بقية البلدان العربية تسعى للبحث عن الحلول ولكن مساعيها اصطدمت بخطر إيران وبصدمة انخفاض أسعار النفط العالمية. وبعد الإشارة إلى هذه النقاط ينتقل بولتون قائلاً بأنه على خلفية هذا المشهد فإنه يتوجب على الإدارة الأمريكية أن تسأل نفسها لماذا ما تزال تصر على ضرورة حل الدولتين كخيار وحيد يؤدي لعيش الفلسطينيين في سلام جنباً إلى جنب مع الإسرائيليين؟ ويضيف بولتون قائلاً: بأن ما هو واضح أن الإدارة الأمريكية لم تستطع إحراز أي تقدم وما حدث هو الارتداد والرجوع للوراء. إن منطق الإدارة الأمريكية قد بني على مواقف انتهت صلاحيتها منذ فترة طويلة وتجاوزته الأحداث والوقائع والمعطيات. * اقتراح حل الثلاث دول بدلاً من الدولتين: يرى بولتون أن محاولة إقامة سلطة فلسطينية تنبثق من منظمة التحرير الفلسطينية هي محاولة يتوجب الاعتراف بفشلها وبالتالي فإن حل الدولتين القائم على وجود السلطة الفلسطينية كمقدمة له هو حل فاشل بالضرورة، وذلك لأن حماس قد قتلت فكرة حل الدولتين تماماً وحتى الأراضي المقدسة لم تعد صالحة لـ وحي واحد فقط. وتأسيساً على ذلك، كما يزعم بولتون، فإنه من الضروري أن يتم النظر في إقامة ثلاث دول ولكن وفقاً للآتي: • أن يتم إعادة قطاع غزة للسيادة المصرية وترك السلطات المصرية تتصرف مع حركة حماس. • أن يتم إعادة الضفة الغربية للسيادة الأردنية وترك السلطات الأردنية تتصرف مع حركة فتح. • أن تستمر إسرائيل في التفرغ لتعزيز علاقاتها وروابطها مع مصر والأردن. يقول بولتون بأن هذا الحل هو الأفضل ويضيف أن مصر والأردن ظلتا بعيدتين عن مواجهة المشاكل وحاولتا المراوغة وغسل أيديهما من مشاكل الأراضي الفلسطينية إضافة لذلك، يرى بولتون أنه يتوجب الضغط على مصر والأردن بواسطة المجتمع الدولي وأمريكا لكي توافقا على القبول بإدماج الأراضي الفلسطينية ضمن سيادة مصر بالنسبة لغزة، والأردن بالنسبة للضفة. ويرى بولتون أن على الإدارة الأمريكية إلزام الدول العربية بتوفير الدعم والمال اللازم لعملية الإدماج هذه إضافة إلى إقناع دول الاتحاد الأوروبي بضرورة تقيم المساعدات لإنجاح عملية الدمج. ينظر الكثير من المحللين السياسيين إلى بولتون باعتباره يشكل ظاهرة كاريزمية سياسية أقرب إلى اللامعقول والجنون وإن كان ذلك كذلك فإننا نقول بإمكانية الرهان على مقولة خذوا الحكمة من أفواه المجانين والحكمة لا تتمثل هنا في أن مزاعم بولتون هي الصحيحة أو الصائبة وإنما تتمثل في أن كل الإدارة الأمريكية الحالية والسابقة قد عودتنا على التزامها تبني الأجندة المثالية التي لا تنسجم مع الواقع القائم.