جاء في مخطط التجريب لبيداغوجيا الإدماج للمركز الوطني للتجديد التربوي والتجريب والذي يدخل ضمن الإصلاح المرتقب للمخطط الاستعجالي لوزارة التربية الوطنية التعريف التالي لبيداغوجية الإدماج: إنها الإطار المنهجي والعملي لتطبيق المقاربة بالكفايات. ولعل هذا المخطط التجريبي الذي يرمي إلى تحسين التعلمات لدى التلاميذ قد جاء لإعطاء جواب عن سؤال محير ظل يراوح مكانه لعقد من الزمن، وكان لغزا لدى الباحثين والمفتشين التربويين والأساتذة وكل الفاعلين في الميدان: كيف يمكن تحديد كفاية؟ وما حدود التطبيق والتقويم والمعالجة، خاصة وأن المرجعيات النظرية قد اختلفت وتباينت لدى كل مهتم، مما جعل البرامج الدراسية نفسها تتبنى تصريفيا من خلال تأليف الكتب المدرسية تعددية في المقاربات النظرية للكفايات، وطغى الجانب المرجعي الذاتي لدى المشاركين في التأليف (بيرنو ـ تشومسكي ـ دوكيتيل ـ ميريو...)، وقد انعكست هده التعددية غير المؤطرة منهجيا على تخطيط التعلمات، فأصبح الاشتغال بإحدى المقاربات داخل الحجرات الدراسية غير واضح المعالم إن لم نقل أصبحنا نشاهد ارتباكا منهجيا يجمع خليطا من الأهداف والكفايات (نظريا)؛ يتم تصريفها في تفاعل مع المنهاج الضمني لكل أستاد:Curriculum occulte وبتزايد الإقبال على المراجع والدوريات والمجلات التربوية في بداية كل موسم دراسي خاصة مع اقتراب مواعيد امتحانات الكفاءة المهنية يلاحظ ترديد العديد من التعاريف النظرية للكفايات دون القدرة على بلورتها على أرض الواقع داخل الحجرات الدراسية، ودون أن تبدو انعكاساتها جلية على مردودية المتعلمين وهذا هو الأهم. ولعل بيداغوجيا الإدماج كأحد الأوجه التطبيقية للمقاربة بالكفايات تعطي بعض الأجوبة على الكثير من التساؤلات، وتسهم في توحيد المرجعية النظرية على الأقل، مما جعل الوزارة الوصية على القطاع التربوي تتبنى المشروع التجريبي من خلال أكاديميتي مكناس والشاوية ورديغة في ثمانية عشرة مؤسسة ابتدائية؛ انطلاقا من الموسم الدراسي الحالي، على أن يتم التجريب الموسع في باقي الأكاديميات في مستهل الموسم المقبل. وبإلقاء نظرة على المخطط التجريبي سيصبح كل أستاذ يشتغل مع تلاميذه خلال سنة دراسية كاملة حول كفايتين أساسيتين فقط؛ واحدة لغوية شفوية والأخرى كتابية، بالإضافة إلى كفايات التفتح والرياضيات. وقد تم خلال الصيف الماضي تجميع فريق من المؤلفين يضم مفتشين تربويين وأساتذة التعليم الابتدائي والمراكز لإعداد العدة البيداغوجية، منها وضعيات إدماجية خاصة بكل مستوى وفي كل مرحلة تدرجية من مراحل تحقق الكفاية الأساسية. وقد أشرف على تأطير هذه العملية فريق من الخبراء الدوليين المنتمين إلى معهد هندسة التربية والتكوين الدولي بدعم تقني من قبل اليونسكو. وبدخول هذا المخطط مرحلة التجريب في أكاديميتي مكناس وسطات تلقى كل أساتذة التجريب تكوينا لمدة 5 أيام، كما خضعت عملية تتبع أساتذة التجريب لبرمجة دقيقة أسهم فيها الخبراء الدوليون والوطنيون ومفتشي المناطق التجريبية، وهي عملية غير مسبوقة عكس الإصلاحات السابقة التي كانت تنزل من فوق دون تجريبها فيكون مصيرها الفشل (تجربة النشاط العلمي 1979 و بيداغوجية الأهداف في مستهل تسعينيات القرن الماضي). ولا يسع المقام هنا لكي نقدم مرتكزات هذه البيداغوجية فنترك ذلك لمقالات لاحقة، إنما أود أن أعطي بعض الإشارات التي تعرف بمفهوم الإدماج وبيداغوجية الإدماج منها: 1 ـ السياقية: أن يصبح التعلم في سياق محدد، فإذا كنا في التعلمات السابقة نلجأ إلى الاسياقية أو إلى سياقات معزولة تتطلب تعبئة محدودة للموارد عبر أنشطة غالبا ما تكون تمارين، فإن بيداغوجيا الإدماج تشترط سياقا محددا: اجتماعي ـ ثقافي ـ مدرسي ..... وتعبئة للموارد يجندها المتعلم متعددة ومقترنة وضمن أنشطة مهمة وهي الوضعية المشكلة المركبة . 2 ـ التركيب: ويتطلب من المتعلم تعبئة للموارد المختلفة قصد حل مسألة هندسية وقياسية مثلا في الرياضيات ضمن وضعية مركبة ذات مهام لا تقل عن ثلاثة كشرط أساسي. ففي التعلمات المجزأة يطلب من المتعلم الإجابة عن تمارين غير مترابطة كالإتيان بجملة إسمية تتكون من المبتدأ والخبر مع النواسخ الفعلية أو الحرفية في حين أن عملية الدمج تتطلب وضعية مركبة يوظف من خلالها المتعلم الجملة الإسمية في إنتاج نص أو كتابة رسالة أو تقديم نصائح شفوية .... 3 ـ دمج الموارد: وعملية الدمج لا تكون ضمن الموارد المجزأة والمعزولة من خلال تمارين بسيطة ولكن ضمن وضعيات إدماجية يستـنــفـر من خلالها المتعلم كل موارده: معارف ،مهارات ،سلوكات ... قصد إيجاد الحلول للتعليمات المذيلة للوضعيات الإدماجية المركبة. حسن بلقزبور- مفتش تربوي ضمن فريق التأليف الوطني لبيداغوجيا الإدماج