لا تتردد بعض الكتابات التي تدعي العلمية في الإقدام على ممارسة التضليل الممنهج والتشويه غير المحترم لأدنى قواعد العمل العلمي والنزاهة البحثية، وذلك من أجل إشاعة مزاعم وأحكام مسبقة تسهم في إضعاف المعرفة العلمية المطلوبة لبناء تصورات سليمة حول الواقع والفاعلين فيه، وإنتاج معرفة معاقة عوض ذلك؛ تكون سببا في قرارات وسياسات معوجة. مناسبة هذا التقديم هو المقالة التي نشرت في عدد يوم الإثنين 29 دجنبر 2008 بـليكونومست في منبر رأي لكاتبها محمد بنجلون، وهو مدير سابق لمكتب الصرف، ومدير مركزي سابق لبنك المغرب، خصصها لحزب العدالة والتنمية ومواقفه منذ المؤتمر الأخير، كما ضمنها فقرة تحدث فيها عن حركة التوحيد والإصلاح، ليقول بدون تردد إن هذه الحركة لا تعترف بإمارة المؤمنين، كما أنها تضع الشورى في مرتبة سامية مقارنة مع الديموقراطية، وكل ذلك في سياق تحليل سياسي يهدف إلى التدليل على التراجع الميداني لحزب العدالة والتنمية، والذي أضاف له اتهاما بالتكفير من قبل الحزب للأحزاب السياسية الأخرى. وبغض النظر عن مجموع المغالطات التي حبل بها المقال، إلا أن المثير فيما حرره مدير سابق لمكتب الصرف يفترض فيه الدقة في سرد المعطيات، وتقديم الأدلة في إصدار الأحكام والتوثيق والإحالة على أي استشهاد يقدم، وهي ثلاثة أمور افتقدت في ذلك المقال، والذي تحول بسبب ذلك إلى مجرد هجاء وتشهير بحركة إسلامية وطرف سياسي، ولهذا نكتفي بتذكير كاتب المقال بمجموعة من المعطيات المناقضة بشكل كلي مع ما سرده من مغالطات حول موقف حركة التوحيد والإصلاح من إمارة المؤمنين موقف واضح، ويكفي أن نحيل هنا على بعض بيانتها: الأول: بيان أصدرته حركة التوحيد والإصلاح بعد وفاة الراحل الحسن الثاني يوم 24 يوليوز من سنة 1999 تعلن فيه تأييدها للملك محمد السادس، وتأييدها للبيعة التي تمت له على أساس العمل بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والطاعة في المعروف. الثاني: أكدت الحركة خلال جمعها العام الثالث خلال سنة 2006 على التزامها بالعمل في إطار المقومات الأساسية لبلادنا، وعلى رأسها الإسلام والوحدة الوطنية والملكية الدستورية القائمة على إمارة المؤمنين. الثالث: رفعت حركة التوحيد والإصلاح يوم 15 نونبر من سنة 2006 برقية إلى جلالة الملك محمد السادس، بمناسبة انعقاد الاجتماع الأول للمكتب التنفيذي المنبثق عن الجمع العام للحركة أيام 4و5و6 نونبر من سنة ,2006 قالت فيها أرفع لجنابكم الشريف هذه البرقية لأعبر لجلالتكم عن صادق الولاء وخالص الوفاء؛ تأكيدا من جهتنا لرابطة البيعة الشرعية القائمة بينكم وبين شعبكم الوفي؛ على أساس كتاب الله تعالى وسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم. أما حكاية اتهام الحركة بالموقف من الديمقراطية فهذه أضحوكة بعد أن شهد القاصي قبل الداني بالنموذج الديمقراطي الذي جسدته.