حط المهرجان الوطني للفيلم في نهاية هذا الأسبوع رحاله بطنجة في دورته العاشرة، بعدما كان يتنقل من مدينة إلى أخرى. كما أن هذه التظاهرة أصبحت سنوية متخطية بذلك ما كانت تعرفه سابقا من تعثرات بسبب ضعف الإنتاج. فخلال هذه الدورة، التي جاء ملصقها ضعيفا على المستوى الجمالي و الفني الذي من المفروض أن يعكس روح المهرجان، سيتم الاحتفال بخمسينية السينما المغربية التي تؤرخ لأول فيلم مغربي هو الابن العاق للراحل محمد عصفور الذي أخرجه سنة ,1958 رغم أن هناك من يرى أن الانطلاقة الحقيقية للسينما المغربية كانت سنة .1968 وفضلا عن الأفلام المشاركة في المسابقة الرسمية والتي تصل إلى 28 فيلما ما بين قصير و طويل، سيعرف المهرجان تنظيم ندوة تحت عنوان السينما المغربية:الواقع والأفاق باعتبار أنها تأتي في ظرف حرج تمر به السينما المغربية، لهذا نتمنى أن تنكب على المشاكل الحقيقية للسينما ببلادنا والتي سنتطرق لها فيما بعد، وأن تجد الحلول الواقعية لها عوض السقوط في الحديث عن كمية الأفلام المنتجة في السنة، والتستر وراء خطاب تهويلي حول الرقابة المعنوية (إن كانت هناك رقابة أساسا) التي تمارسها ، حسب زعم البعض، كتغطية عن الفشل في وضع خطة إستراتيجية لتأسيس سينما وطنية نابعة من عمق ثقافة المجتمع المغربي. إذا كان البعض يرى في المهرجان الوطني للفيلم عرسا سينمائيا يحتفى فيه بالسينما و السينمائيين المغاربة وكذا بالإبداع السينمائي ، فان البعض الآخر لا يرى فيه إلا مسرحية عبثية تحاول إيهام الرأي العام بان السينما المغربية بخير. في حين أنها تمر بأزمة قد تعصف بها كليا. أزمة تتمثل في إغلاق القاعات وضعف الكتابة السينمائية بتطفل البعض على هذا الميدان، والمجاملة والإطراء في الكتابات النقدية على أي عمل سينمائي مهما كان مستواه الفني والتقني مادام مغربيا، وفي ظروف عمل الممثلين الذين يخضعون لمنطق الزبونية الذي يهمش أناسا و يرفع آخرين، وتتمثل أيضا في انعدام المصداقية في الدعم السينمائي الذي يكون سخيا اتجاه بعض المخرجين و شحيحا اتجاه آخرين، وفي غياب مراكز التكوين الحكومية الكبرى التي يمكن أن تضفي طابع العلمية و المهنية على المجال السينمائي وتسد الفراغ الحاصل فيه. على أن اكبر أزمة تتعرض لها السينما المغربية اليوم هي أزمة المضامين التي باتت تعيش استنساخا مهولا. فجل الأفلام المغربية اليوم لم تعد تجيد إلا لغة واحدة هي لغة التغريب والجنس و التهكم على قيم المجتمع ومظاهر التدين فيه. والمؤسف أن يوجد من يعتقد بأن نجاح الفيلم مرهون باستعمال هذه اللغة أو بعبارة أخرى بمدى درجة تأثير هذه التوابل على المشاهد. على أن ما يزيد في استفحال هذه الأزمة هو صمت معظم السينمائيين أمام هذه الأفلام الهجينة التي يستنكرونها في الكواليس.