كان من المضحك أن يصدر مجلس أمن الأممالمتحدة بيانا شفويا يدين فيه اعتداءات المستوطنين الصهاينة على المواطنين بالضفة الغربية بخاصة في مدينة الخليل، وكان من المضحك أكثر أن يُعرب بعض أقطاب الأنظمة العربية والسلطة الفلسطينية ترحيبا بالقرار ويعتبرونه خطوة بالاتجاه الصحيح. هذه هي أول مرة في تاريخ الأممالمتحدة يقوم مجلس الأمن بإداتة مجموعة من الزعران وقطاع الطرق الذين ترعاهم دولة وتدعمهم بكافة الوسائل والأساليب، ويعتبرهم أصحاب مسؤولية بدلا عن دولتهم. ناقش مجلس الأمن أمورا ذات علاقة بتنظيمات سرية ذات طموحات كبيرة وغير ملتصقة بدولة معينة، لكن الآن تصغر الدول التي تصف نفسها بالعظمى وتقرر صياغة بيان تافه لا قيمة له بشأن مستوطنين يعبثون ويعيثون الفساد بتوجيه من قياداتهم السياسية والعسكرية. بيان مجلس الأمن شفوي، وهو غير مسجل بأوراق الأممالمتحدة، وهو بلا قيمة وبلا مفعول وبلا فائدة. كان على مجلس الأمن أن يشير بالتهمة بوضوح لا لبس فيه إلى إسرائيل، وألا يكتفي بإدانتها، وإنما يقرر اتخاذ إجراءات رادعة ضدها. غض مجلس الأمن الطرف عن إسرائيل كدولة تصادر الأرض وتقيم المستوطنات وتسلح المستوطنين وتدعمهم في مواصلة اعتداءاتهم ضد المواطنين الفلسطينيين، وتكلم فقط ضد من يستلهم العدوان من دولته. لكن العلة ليست في إسرائيل وليست في مجلس الأمن، إنما في الذين لا يجدون في جعبتهم سوى الهرولة إلى الأممالمتحدة للشكوى. الأنظمة العربية أعجز من أن تقوم بخطوة تردع إسرائيل، بل إن هذه الأنظمة لا تملك إرادة سياسية لتقرر خطوات عملية تنفع العباد، وهي تفعل فقط وفق ما تؤمر من قبل الدول التي تحتل فلسطين وتستعمر الوطن العربي. يبدو العرب أمام العالم كطفل مدلل لامرأة نايطة لا تحسن التربية ولا تتقن الدلال، وكلما نكش أحد طفلها هرول إليها باكيا، فأسكتته بالشوكولاته. ولهذا يشكل العرب مادة للتندر في أروقة الأممالمتحدة. ممثلو الدول يتندرون على العرب الذين يملكون مئات المليارات ولا يملكون حيلة سوى الشكوى لعدوهم. أنظمة العرب لا تستحق أفضل من هذا القرار، والقرار يعبر عن قيمتها في الساحة الدولية. إنها أنظمة لا تدافع عن شعوبها، ولا تريد أن تفعل ذلك، وهي موجودة بفضل دعم أعداء الأمة، وهي لا ترتقي إلى مستوى تستحق فيه أي احترام. لقد تفل مجلس الأمن بوجه العرب، ويبدو أن بعضهم قد استطاب الأمر فوصفه بالإنجاز الذي يمكن أن يتطور إلى إنجاز أكبر في المستقبل. لو كان لأنظمة العرب كرامة، ولو كان للسلطة الفلسطينية النزر من الاعتزاز لخرجوا من مجلس الأمن برؤية جديدة وبتصميم مختلف، لكنهم يأبون أن يكون الإباء صديقا لهم. اعتداءات المستوطنين ستستمر، ودعم دولتهم لهم سيبقى قائما، وستبقى الأممالمتحدة عنوانا لهروب العرب. اسأل عن الصهاينة تجدهم في الميدان، واسأل عن قادة العرب تجدهم في الحانات، في طريقهم إلى المزيد من التهاوي.