بينما بدأت أنفاس الطفل بيسان سالم تعود إليه بتدخل من جهاز التنفس الصناعي داخل مستشفى الشفاء بمدينة غزة، وإذ بالتيار الكهربائي ينقطع عن قسم العناية المركزة، ليدخل الطفل فوراً في حالة موت محقق، ولم يملك الأطباء أمامها سوى الضغط على صدره للحيلولة دون انقطاع الأكسجين عنه. وعلى مدار عشرة دقائق من انقطاع التيار الكهربائي ومحاولة المستشفى تشغيل مولدات الكهرباء، بقى الطفل بيسان تحت رحمة يد الطبيب بدلاً من الجهاز فيما يتقطع قلب والدته حرقة وخشية من أن يكون طفلها في احتضار لروحه. وأطلقت وزارة الصحة في قطاع غزة نداء استغاثة لإنقاذ حياة مئات المرضى الراقدين على أسرة العناية المكثفة, ومئات الأطفال الرازحين في حضانات المستشفيات التي باتت على المحك نتيجة الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي وفشل مولدات الكهرباء الرئيسية في معظم مستشفيات القطاع . إلى متى؟ وفي قسم العناية المركزة داخل مستشفى الشفاء تتجسد ذروة الكارثة الصحية الناتجة عن هذه الأزمة، والتي تصنف أغلب الحالات فيها بالموت السريرى أو الخطرة، ومشهد الطفل بيسان واحداً من المشاهد التي يشهدها القسم. وببالغ خوفها وقلقها على حياة طفلها الذي تعرض لحادثة سير منذ أيام ودخل على إثرها بحالة نزيف في المخ والكلى، تشكو والدة الطفل بيسان البالغ 6 سنوات من تخوفها على حياته. وتقول: وقت أن جئنا به إلى مستشفى وكان ابنى يلقط أنفاسه الأخيرة قطعت الكهرباء وأصبح الأطباء يركضوا من مكان إلى مكان عاجزين عن تشغيل الجهاز، لولا الطبيب صار أخذ بالضغط على صدره بيده ليعطيه نفس، وبعد أن احترق قلبي وشبعت صراخاً شغلوا مولد الكهرباء . وتتساءل الوالدة عن وضع طفلها، قائلة: إبنى لم يتعدى مرحلة الخطر والطبيب قال إن مخه وقلبه لا يتحملا وقف الأكسجين، فإلى متى ستبقى هذه النكبة، على الجميع أن يتصرفوا، لن أسمح أن تكون حياة طفلي مرهونة بهذه الأزمة وإلا سيموت . ازدحام ساحة المستشفى ووسط هذه الكارثة يشهد مستشفى الشفاء ازدحاما غير مسبوق لأهالي المرضى المستاءون من هذه الكارثة ولتخوفهم على حياة أبنائهم من أن تتعرض للخطر. المواطن محمود أبو حمد أحد أقارب الجريح فوزى أبو حمد الذي يرقد بقسم العناية المركزة في مستشفى الشفاء بسبب إصابته بقصف اسرائيلى قبل خمسة أيام، اندفع غاضباً يقول: لم نعد نتحمل الجلوس في بيوتنا ونفضل الوقوف في ساحة المستشفى لنرى ما الذي يحدث لمرضانا، الكل هنا يمكن أن يموت في أي لحظة . وتابع رأيت كيف أصبح المستشفى متأزم بسبب كارثة الكهرباء، حرام أن يموت المرضى والعالم ينظر إلينا، فليأتوا وليروا ماذا يحدث داخل المستشفيات لتحن قلوبهم علينا . حالات وفاة بأي لحظة رئيس قسم العناية المركزة بمستشفى الشفاء بغزة د0فوزى النابلسية أكد أن كافة الحالات المرضية داخل قسم العناية المركزة معرضة لأي لحظة إلى وفاة محققة بسبب انقطاع التيار الكهربائي واعتماد القسم على المولدات وما تبقى فيها من كميات وقود . وقال النابلسية في حديثه للشبكة الإعلامية الفلسطينية: إن أجهزة التنفس والمراقبة لإحدى الحالات توقفت أتناء انقطاع التيار الكهربائي وبصعوبة استطاع الأطباء السيطرة على الحالة ، محذراً من إمكانية تكرار الحادثة في الساعات القادمة بسبب قرب انتهاء كميت الوقود داخل المولدات. وأشار النابلسية إلى أن المستشفى قامت بتوصيل جهاز تغيير الكهرباء وتحويلها إلى المولدات في حالة انقطاع التيار الكهربائي، مشيراً إلى أن لحظية هذا الجهاز في نقل الكهرباء عبر المولدات تهدد حياة المرضى داخل القسم لأن خلايا اغلبهم لا تتحمل توقف الأكسجين لأكثر من خمسة دقائق . صراخ مرضى الكلى وتعالت صرخات المرضى داخل قسم الكلى بمستشفى الشفاء بسبب توقف محطة معالجة مياه غسيل الكلى المغذية لكافة الأجهزة في المستشفى نتيجة الفصل المتقطع والمستمر للتيار الكهربائي، الأمر الذي أحدث استنفاراً بين الأطباء أثار حالة من الهلع بين هؤلاء المرضى. وبدا المريض بالكلى بشير سمور البالغ 55 عاماً أكثر المرضى هلعاً وخوفاً حينما توقف الجهاز عنه عدة مرات مع انقطاع الكهرباء، والذي أخذ يصرخ خائفاًً : لا تتركوني أموت، أحضروا لي الطبيب، أريد الخروج من هنا . وبعد هدوء منه بتدخل الأطباء، قال سمور باكياً قدمي تشنجت من توقف الجهاز بين حين وأخر، أصبحت أشعر بأني أزيد مرضاً داخل المستشفى بسبب هذه الأزمة، ومن يدرى لعل الدور يأتي عليا ويعطل جهازي بشكل كامل . إلغاء قسم الكلى ويناشد رئيس قسم أمراض الكلى بمستشفى الشفاء د0نافذ أنعيم كافة الأطراف بالتدخل لوقف ما وصفه بالكارثة التي يحياها مرضى الكلى نتيجة انقطاع الكهرباء وتعطل أغلب الأجهزة. وقال أنعيم للشبكة الإعلامية الفلسطينية : محطة المعالجة لمياه غسيل الكلى أصابها عطل بسبب استمرار انقطاع التيار ويبدو أن مواتيرها عطلت، واستمرار هذا الوضع يعنى إلغاء قسم الكلى في المستشفى، فالمرضى بالعشرات يأتوا كل يوم وكل يوم يتعطل عدد من الأجهزة . وأفاد أنعيم هناك أكثر من 11 جهاز تعطل بسبب انقطاع الكهرباء، واضطررنا إلى تقليص ساعات الغسيل لكل مريض، لقلة الأجهزة وكثرة المرضى، لكن هذا يعرض حياة المرضى للخطر ويراكم السموم داخل أجسادهم .