يرى عبد الرحمان بنعمرو،عضو هيئة دفاع المعتقلين السياسيين الستة، أن ملف المعتقلين السياسيين الستة على خلفية ملف ما يسمى بـبليرج ذو طبيعة سياسية، وتم استغلاله سياسيا من قبل وسائل الإعلام الرسمية، وذلك عبر نقل تصريحات وزير الداخلية شكيب بنموسى، وخالد الناصري، وزير الاتصال والناطق الرسمي باسم الحكومة. وأكد النقيب بنعمرو أن الطعن في قرار مرسوم الوزير الأول القاضي بحل حزب البديل الحضاري ما يزال معروضا أمام الغرفة الإدارية لدى المجلس الأعلى، كما أن ملف حزب الأمة ما يزال أيضا في مرحلته الاستئنافية أمام المحكمة الإدارية. ومن جهة أخرى تطرق بنعمرو إلى التجاوزات التي عرفها ملف المعتقلين السياسيين الستة؛ سواء في مرحلة البحث التمهيدي أوفي مرحلة التحقيق، حيث امتنع المعتقلون عن الإدلاء بأي تصريح لقاضي التحقيق ما لم يتم تسليمهم ودفاعهم نسخا من محاضر الشرطة القضائية، امتناع المعتقلين اعتبره بنعمرو غيرمؤثر لأن هيئة المحكمة ستستمع إلى المعتقلين، مؤكدا أن محاضر الشرطة القضائية هي للاستئناس فقط ولن تكون وسيلة للإدانة. انطلقت أولى جلسات محاكمة ملف ما يسمى بـبليرج أمس، ما تعليقكم على هذا الملف؟ إن ملف عبد القادر بليرج يتابع فيه حوالي 34 متهما، وأنا أنوب فيه على المعتقلين السياسين الستة، وهم مصطفى المعتصم ومحمد المرواني ومحمد الأمين الركالة وعبد الحفيظ السريتي والعبادلة ماء العينين وحميد ناجيبي. ومن خلال اطلاعنا على التهم الموجهة إلى وكيلي فهي اتهامات خطيرة، ونتمنى أن يكون القضاء عادلا غير منحاز ولا متأثر بكافة الضغوطات، ونتمنى كذلك أن يقول القضاء كلمته، فإنه يمكن القول إن الملف ذو طبيعة سياسية، استنادا إلى التعريف الفقهي للاعتقال السياسي. منذ انطلاق هذا الملف، والدفاع يؤكد أن الملف عرف خروقات وتجاوزات، أين يتجلى ذلك؟ لحد الآن مر الملف من مرحلتين، المرحلة الأولى: مرحلة البحث التمهيدي، عند الشرطة القضائية ومرحلة التحقيق، بخصوص المرحلة الأولى: عادة لا تتوفر الضمانات القانونية الكافية كي لا يكون هناك تغيير؛ سواء في التاريخ أوفي المتابعة أو في الحجج، وهذا حدث عبر المحاكمات السياسية التي عرفها المغرب منذ الستينات. وتتمثل خروقات البحث التمهيدي، في أن المتهمين يحقق معهم في ظروف قاسية وفي أماكن سرية، ولا يحضر معهم المحامي ولا كتابة الضبط، فهذه هي أخطر المراحل التي تصنع وتفبرك فيها الملفات، سواء من حيث الوقائع أومن حيث ظروف البحث، فقد تقع إكراهات أوتهديد وأحيانا تحدث وافيات ، لذلك دأب الدفاع على المطالبة بأن تتوفر ضمانات قانونية، كما هو الحال في بعض الدول الديمقراطية، من قبيل حضور الدفاع في هذه المرحلة، حتى تتوفر للمتهم الظروف الكافية لاستجوابه، ولا يكون أي نوع من أنواع الضغوط، لأنه في هذه المرحلة، لايهد المعتقل بالتزوير فقط، بل بالتعذيب والتجويع وبالبحث المستمر في أماكن ليست قانونية، وقد يحقق معهم أفراد ليسوا من الشرطة القضائية، بل تابعين لأجهزة أخرى موازية، وبعد ذلك تصدر محاضر تنسب إلى الشرطة القضائية. ومع الأسف فإنه في الدول غير الديمقراطية تصبح المعارضة السياسية نوعا من الجرائم، ويقع تصفية المعارضين بطرق شتى، منها اصطناع المحاضر، أما في الدول في الدول الديمقراطية فلا تعرف شيئا اسمه تهم سياسية وأخرى غير سياسية، لأن الكل سواسية أمام القضاء. هل المعتقلين السياسين الستة تعرضوا أيضا لهذا النوع من البحث التمهيدي، وتعرضوا خلالها للتعذيب أوالتزوير أوما شابه ذلك؟ هذا ما سيصرحون به أمام المحكمة، فهم لم يعتقلوا في ظروف عادية حسب ما صرحوا، لأن الاعتقال كان من منازلهم دون أن تتوفر حالة التلبس، كما وقع تفتيش منازلهم وحجزت مجموعة من الكتب لا علاقة لها بالموضوع. ومن الأكيد أن ظروف إجراء البحث التمهيدي، سواء حصل فيها تعذيب أولم يحصل، وهذا ما سيصرحون به أمام هيئة المحكمة، لم تكن ملائمة، يكفي أن تكون قد تمت في أماكن سرية وغير معروفة وغير رسمية، خاصة أن مدة الحراسة النظرية في هذه المرحلة قد تدوم 12 يوما. المؤكد في هذه المرحلة أنهم قد وقعوا على محاضر كثيرة، وقد لا يكون سمح لهم بقراءتها لأنه عندما يتم البحث من قبل الشرطة القضائية؛ ينبغي أن يتاح لهم قراءتها بتروي حتى يعرفوا مضمون ما سيوقعون عليه. ماذا عن خروقات مرحلة التحقيق؟ بخصوص الخروقات التي عرفتها مرحلة التحقيق الإعدادي من قبل قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف بسلا؛ فتتجلى في حرمان الدفاع من تسلم نسخ من وثائق الملف، وهذا ما دفع موكلنا للامتناع عن الجواب على أسئلة قاضي التحقيق، لأنه عندما يعرض المتهم على قاضي التحقيق فينبغي أن يكون مطلعا من قبل على تفاصيل ما نسب إليه في مرحلة البحث التمهيدي، وللإشارة؛ فالمعتقلين السياسيين الستة عندما عرضوا على قاضي التحقيق أبدوا استعدادهم للإجابة على كل أسئلة قاضي التحقيق، لكن شرط أن يتمكنوا من نسخ الملف هم ودفاعهم. ومن الخروقات أيضا رفض قاضي التحقيق طلبات الاستماع إلى شهود لهم صلة بالقضية، مثل شكيب بنموسى، وزير الداخلية، وخالد الناصري، وزير الاتصال والناطق الرسمي باسم الحكومة، الذين أدلوا بتصريحات معينة فيها خرق لسرية التحقيق عبر وسائل إعلام عمومية، كما لم يستجب قاضي التحقيق إلى طلب الدفاع الداعي إلى حضور أحمد حرزني، رئيس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، ليؤكد ما جاء على لسانه في برنامج تلفزي من أن المعتصم صرح له بوقائع معينة لها علاقة بالملف، وهذا رفض غير مبرر، لأنه إذا كان من حق النيابة العامة أن تتهم، ومن حق قاضي التحقيق أن يتهم بما شاء، فمن حق الدفاع أيضا أن يواجه ذلك بحجج مضادة، وهذا مبدأ من مبادئ الفقه والقانون. أما مرحلة استئناف قرارات قاضي التحقيق أمام الغرفة الجنحية بمحكمة الاستئناف بالرباط (ملحقة سلا) فكانت هناك خروقات من عدة جوانب، أولها رفض الغرفة طلبنا أيضا بالحصول على صور من وثائق هذا الملف، كما رفضت طلبنا المتمثل في ضم الملف، رغم أن ذلك منصوص عليه في القانون، إلى جانب ذلك رفضت أيضا طلبات السراح المؤقت، رغم أن كلا من المعتصم والمراوني والركالة والسريتي وماء العينين والناجبي اعتقلوا في غير حالة التلبس، و يتوفرون على كافة الضمانات القانونية. ومن الخروقات أيضا رفض إدارة السجن الزيارة الجماعية لموكلينا، فقد كان كل واحد من هيئة الدفاع يتوفر على رخصة زيارة جماعية، وتم ذلك مرة واحدة فقط، أما بعدها فقد حرمنا من زيارتهم بشكل جماعي، وطلب منا زيارة كل واحد على حدى، مع أنه من الناحية القانونية بإمكان الدفاع إذا كان ينوب على مجموعة من المتهمين أن يلتقيهم دفعة واحدة، وهذا خرق قمنا بالاحتجاج عليه لدى إدارة السجون في عهدها الجديد فلم تجبنا على ذلك، علاوة على تجاوزات الإعلام الرسمي الذي انتهك السر المهني عبر نقله تصريحات وزير الداخلية ووزير الاتصال حول الملف، ولذلك ماله من تأثير على قرار المحكمة. ما هو تأثير امتناع المعتقلين السياسيين الستة عن أجوبة قاضي التحقيق؟ ليس هناك أي تأثير، فقاضي التحقيق تابعهم بالتهم التي اقترحتها النيابة العامة، سواء صرحوا أولم يصرحوا ، فمن الناحية القانونية لا تأثير لهذه المرحلة ، إذ إنهم أمام هيئة المحكمة سيواجهون بنفس الوقائع، خصوصا أنه يتبادر إلى الذهن بالمغرب في الملفات السياسية، أن الشرطة هي التي تتحكم وتصنع إطار الملفات من حيث التواريخ والأماكن وإصدار التهم، ويتبعها في ذلك قاضي التحقيق والنيابة العامة، وقد يتبعها في ذلك القضاء إذا تحمل القضاء مسؤوليته. لكن في هذه الحالة سيجد القاضي أمامه البحث التمهيدي فقط، فما تأثير الاعتماد عليه؟ حسب مسطرة القانون الجنائي المغربي، فإنه لا يعتمد على محاضر الضابطة القضائية، وإنما يستأنس بها، ولا تصبح حجة لإثبات التهم، فإذا اعتمد القضاء على هذه المحاضر فسيكون حكمه باطلا، لذلك عليه أن يبحث عن حجج مؤيدة للتصريحات المنسوبة إلى المتهمين الستة في مرحلة البحث التمهيدي، وإلا فيتحتم عليه الحكم بالبراءة. ما مصير الطعن الذي تقدمتم به بخصوص قرار حل حزب البديل الحضاري؟ ما يزال الطعن في قرار مرسوم الوزير الأول القاضي بحل حزب البديل الحضاري معروضا أمام الغرفة الإدارية لدى المجلس الأعلى، خاصة أن حل الحزب لم يكن في محلة من الناحية القانونية، فقد تم بموجب مرسوم بناء على وقائع لا وجود لها، ولا تتوفر في مثل هذه الملفات، فالوقائع المعتمد عليها لم تثبت بعد، ونحن نتساءل كيف حصل هؤلاء على محاضر الضابطة القضائية، مع أنها في مرحلة ينبغي أن تطلع عليها النيابة العامة وقاضي التحقيق والدفاع فقط، فتم حرمان هذا الأخير من الحصول على المحاضر، في الوقت الذي تم تسريب وقائعها إلى الخارج وإلى الصحافة الأجنبية والصحافة الوطنية. وماذا عن حزب الأمة؟ مازال ملف حزب الأمة في مرحلة الاستئناف؛ بعدما قضت المحكمة الإدارية بإبطال تأسيسه، رغم أن الداخلية توصلت بالملف الكامل، ويتوفر على كل الوثائق المطلوبة، ومع الأسف؛ فالقرار كان سياسيا وليس قانونيا. من خلا ل الاطلاع على المحاضر المنجزة من قبل الضابطة القضائية ظهر أن تم التركيز على مرحلة تاريخية معينة، وهي مرحلة 1992 و,1993 في حالة ما إذا كانت مجموعة ما قامت بتخطيط لارتكاب أفعال إرهابية معينة، أوكانت تفكر في ذلك، ولم ينفذوا أي شيء، فهل يمكن متابعتهم قانونيا؟ أعتقد أن المشرع المغربي تحدث عما يعرف بالتقادم، فإذا ارتكب شخص جريمة معينة، ومرت عليها مدة معينة تسقط هذه الجريمة عن طريق التقادم، بالنسبة للجنايات 20 سنة والجنح التأديبية 5 سنين والجنح الضبطية سنتين، أما إذا كان الشخص فكر في القيام بعمل ما وبدأ في التفكير له دون تنفيذه، فهذه المسألة فيها نقاش من الناحية القانونية، لأن شروط الجريمة معروفة، وهي تتكون من أركان مادية ومعنوية ينص عليها كل فصل من فصول القانون الجنائي، أما إذا لم تتوفر هذه الأركان ووقائع مادية فلا يمكن الحديث عن الجريمة، ولا تتم فيها المتابعة من الناحية القانونية. برأيك هل تم استغلال الملف سياسيا؟ الملف بطبيعته سياسي، وأعتقد أنه قد يكون استغل سياسيا، فمجرد تدخل وزير الداخلية ووزير الاتصال والناطق الرسمي باسم الحكومة، وقبل أن يقول القضاء كلمته، وحل حزب البديل الحضاري وإبطال تأسيس حزب الأمة، فهذا كاف للقول بأن الملف سياسي، إضافة إلى تدخل الإعلام الرسمي في الملف، فنتمنى أن يتحمل القضاء مسؤوليته، وهذه المحاكمة ستكون امتحانا للقضاء، وحتى لوسائل الإعلام الحرة، وسنرى هل ستنساق وتتأثر بدعاية الدولة، أم ستكون محايدة في الموضوع؟