لم تستوعب نيشان في افتتاحيتها الأخيرة صدمة تقرير مجلس الشيوخ الفرنسي الذي يؤاخذ على فرنسا العلمانية تأخرها في إدماج البنوك الإسلامية ضمن نظامها البنكي، واعتبرت التفكير في آثار ذلك على تحويلات العمال المهاجرين المغاربة بفرنسا والتي بلغت 23 مليار درهم في 2007 أفكارا مغلوطة، رغم أن تقرير مجلس الشيوخ يقدم مبرر استقطاب المدخرات المالية للمسلمين كأحد أسباب التسريع باعتماد المعاملات المالية الإسلامية، بل ورغم أن الاستناد في توقع هذا التهديد اعتمد علي خبير بنكي دولي اعتمدت عليه نيشان نفسها في تحليل أسباب فشل التمويلات البنكية الإسلامية بالمغرب، لكن كل ذلك لم يشفع في نظر المجلة وانزلقت في خطاب لا علمي وشعبوي وبمعجم تشهيري. فإلى أي شيء تدعونا نيشان؟ وقبل ذلك كيف قدمت الخبر الصادر في التجديد؟ يداية فقد لجأت نيشان إلى تشويه ما صدر حيث اعتبرت كلمة التهديد تحمل معنى أنه بمجرد توفر خدمات بنكية إسلامية في فرنسا، ستنقلب فورا عادات الادخار والسلف لدى المغاربة القاطنين هناك، إن تحويلات هؤلاء المليون شخص نحو المغرب ستتوقف بين عشية وضحاها بمجرد تملق الفرنسيين بخصوص نزعتهم الإسلامية المفترضة وأن 23 مليار درهم ستمشي في رمشة عين، ذلك أن هذا التشويه والكذب في حق التجديديخفي في العمق عجز كاتب الافتتاحية أو خوفه من مناقشة التحدي الحقيقي الذي سيواجهه الاقتصاد الوطني بسبب التوجه الفعلي للدول الأوروبية وفرنسا على رأسها إلى اعتماد النظام البنكي الإسلامي، وعوض التنبيه على هذا المشكل القادم اختارت نيشان التشهير بمن ينبه عليه أولا واعتماد نظرة ضيقة تحت وهم الدفاع عن العلمانية رغم أن فرنسا العلمانية التي اعتمد عليها كاتب الافتتاحية في الإشادة بنموذجها، لم ير مجلس شيوخها في التوجه نحو البنوك الإسلامية خطرا على العلمانية. وفي الوقت الذي سار فيه الخبير البنكي في التمويل الإسلامي، بلقاسم بوطيب، والذي اعتمدته التجديد لمناقشة المستجدات الفرنسية عبر،إلى التعبير عن تخوفه من أن ينعكس قرب إدخال التمويلات الإسلامية بفرنسا سلبا على حجم تحويلات الجالية المغربية المقيمة بذلك البلد، وبدل مناقشة الموضوع وتبديد تخوف الخبير البنكي بلغة المال والاقتصاد العلمية، اختارت نيشان إخراج الموضوع من طبيعته الاقتصادية والمالية لإغراقه في نقاش إيديولوجي عقيم يفضي بالمغرب إذا ما سمع اقتراحه العجيب إلى اختيار سلوك النعامة عندما تدفن رأسها في الرمال وهي ترى الخطر قادما. رغم ذلك إذا ما تتبعنا مضمون النقاش الإيديولوجي لكاتب افتتاحية نيشان، نقف على الرغبة في تشويه الرأي الآخر ولو اقتضى ذلك مناقضة قواعد الاستدلال العلمي، حيث تسائل هل سبق أن أقيم أي استطلاع رأي حول هذا الموضوع ضمن سكان فرنسا، الذين يقال عنهم إنهم مسلمون؟ ليجيب أبدا بل ويدفع في توقع تراجع تدين مغابرة الجيل الأول والثاني، وحجته أن الإيمان ليس إرثا وفي فرنسا لا يخلق الواحد متدينا، فكل ذلك مجرد فرضيات وتخمينات تسفهها العديد من المعطيات أقلها ما شهدته فرنسا بسبب قضية منع الحجاب والمشاركة المغربية المكثفة في انتخابات مجلس الديانة الإسلامية، وأخرها ما كشفته يومية النيويورك تايمز من إقدام المحجبات من أبناء المسلمين من اللجوء إلى المدارس الكاثوليكية لصيانة حقهم في الحجاب والتدين. لكن المثير هي خاتمة افتتاحية نيشان ف تحويلات المهاجرين أول مصدر دخل في المغرب، وعايشين منو الملايين ديال عباد الله، حتى لهادي ما تلعبوش بها، الله يحفظكم أ الإخوان...، ذلك أن من يدفعنا للتلاعب بها هو من يرفض حتى التفكير في ما يهددها بل والتشهير بمن فكر في ذلك فهل العلمانية تقبل ذلك؟