تخوف بلقاسم بوطيب الخبير البنكي في التمويل الإسلامي من أن ينعكس قرب إدخال التمويلات الإسلامية بفرنسا سلباً على حجم تحويلات الجالية المغربية المقيمة بذلك البلد، وذلك على خلفية إصدار مجلس الشيوخ الفرنسي بداية الشهر الجاري تقريرا حول التمويل الإسلامي، شدد فيه على أهمية إدراج هذا التمويل في المنظومة المالية الفرنسية لاستقطاب أموال الجالية المسلمة بفرنسا، وتقوية جاذبية سوقها المالية. وصرح بوطيب ل"التجديد" أن حجم تحويلات المغاربة بفرنسا قد يتراجع في السنوات المقبلة، إذا وجدوا مؤسسات إسلامية ببلد المهجر تلبي حاجياتهم وفق قواعد الشريعة الإسلامية، وإذا لم تفتح السلطات المالية المغربية مجالاً أكبر للتمويلات البديلة بالتخفيف من العبء الضريبي عليها، و"تتوفر الإرادة السياسية للترخيص لبنوك إسلامية كاملة". ويقدر عدد المغاربة في فرنسا حوالي مليون نسمة، وبلغت تحويلاتهم 23 مليار و353 مليون درهم في سنة 2007 محتلة ما نسبته 42 في المائة من مجموع التحويلات الخارجية والمقدرة ب 55 مليار درهم بحسب تقرير ميزان الأداءات الصادر عن مكتب الصرف. ونبه المتحدث نفسه على أنه في الوقت الذي تقام فيه ندوات ولقاءات شهرياً بأوروبا حول التمويلات الإسلامية، فإن بعض أوساط المثقفين بالمغرب، لاسيما اليسارية، تتعامل بتشنج ودون روح الحوار إزاء موضوع التمويلات الإسلامية ببلادنا، ومستدلاً على النقاش الذي احتضنه خلال رمضان مركز عزيز بلال بالرباط. وقد حاولت >التجديد< الاتصال أزيد من مرة ببنك المغرب؛ سواء في الإدارة المركزية بالرباط، أومديرية التفتيش البنكي بالدار البيضاء لأخذ رأيه حول هذه التطورات دون فائدة. وبخصوص تقرير مجلس الشيوخ الفرنسي، نبهت لجنة المالية ومراقبة الميزانية التي أصدرته، إلى وجود حالة من التناقض في التعاطي مع التمويل الإسلامي بفرنسا، إذ تأخرت البلاد في استيعاب هذه الآليات المالية الجديدة، في وقت فتح فيه أغلب البنوك الفرنسية فروعا لها في الشرق الأوسط، وتتعامل بالتمويلات الإسلامية للاستفادة من السيولة المالية المتوفرة هناك. وقال التقرير نفسه إن إدماج التمويلات الإسلامية بفرنسا >لن يتطلب تغييرا جذريا في القوانين المنظمة للمعاملات المالية<، بل سيستفيد من مكتسبين اثنين هما احتضان فرنسا لأكبر جالية مسلمة في بلد غربي، وتقدر بخمسة ملايين ونصف مليون مسلم؛ مقارنة ببريطانيا التي لا يعيش فيها سوى مليونين ونصف المليون، والمكسب الثاني هو الوضع التنافسي الذي عليه السوق المالية الفرنسية. وأكد التقرير أنه لا توجد ثمة عوائق قانونية ولا جبائية تقف دون تطوير التمويل الإسلامي بفرنسا، وأن بعض التشريعات بهذا البلد قريبة من المقتضيات القرآنية، مضيفا أن الأمر سيتطلب إصلاحات بسيطة لإزالة بعض التعارضات على المستوى القانوني والجبائي، لاسيما فيما يتصل بفتح حسابات ودائع تحترم مبدأ تقاسم الربح والخسارة. تجدر الإشارة إلى أن مداخيل تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج بلغت سنة 2007 ما مجموعه 55 مليار درهم مقابل 47 مليار و833 مليون سنة ,2006 وتعد التحويلات حالياً المصدر الثاني للعملة الصعبة بالمغرب بعد عائدات السياحة.