يكشف عضو اللجنة التنفيذية في هذا الحوار أسباب عدم ترشحه في الاتنتخابات الجزئية بمراكش جليز، ويرجعها لأسباب موضوعية تتجلى في التقطيع الانتخابي الذي وصفه بأنه مدان، وفي عدم الأخذ بخلاصات المجلس الدستوري التي كانت تتطلب إجراء متابعات قضائية في حق المرشح الذي تم إسقاطه وتغيير السلطات التي تعاونت معه على إفساد العملية الانتخابية، وينتقد نظام اللائحة ويعتبر أنه بالصيغة التي حرفت عن مطلب الصف الوطني والديمقراطي صارت تشكل عاملا من عوامل شرذمة المشهد السياسي، ويدعو محمد الخليفة إلى العودة إلى مقترح الصف الوطني الديمقراطي بإعمال قاعدة أعلى المعدلات مع عتبة 5 بالمائة أو الرجوع إلى الاقتراع الفردي. ويناقش في نفس الحوار المؤتمر المقبل لحزب الاستقلال، وما يثار حول تغيير القوانين الداخلية للحزب من أجل تمكين عباس الفاسي من ولاية ثالثة، كما يناقش بتحليل مستفيض موقفه من حزب الهمة أو مما أسماه الحزب الأغلبي، وكذا توقعاته لنتائج انتخابات .2009 أثارت بعض وسائل الإعلام أنكم لم تترشحوا للانتخابات الجزئية بمراكش جليز وأن السبب في ذلك يعود إلى أنكم ترون أن هذه الانتخابات ستكون مزورة؟ أبدا، هذا غير صحيح، لقد قرأت مثلكم الخبر، واندهشت لأن أي تصريح من جانبي لم يقع لأي وسيلة من وسائل الإعلام. نعم قررت عدم الترشيح لأسباب موضوعية ولقناعات شخصية أساسية. لقد شاركت في الانتخابات منذ أربعة عقود، بقيت في مجلس النواب لمدة ثلاثين سنة كاملة، وكنا نقوم بدور كبير في تاريخ المغرب من أجل أن تحظى بلادنا بانتخابات نزيهة كما يقع في كل الديمقراطيات، ولقد كان نضالا مريرا، وأعتبر الثلاثين سنة التي قضيتها في البرلمان سنوات كافية، وإنني جد سعيد لما قدمته لوطني، فقد جعلنا من منصة البرلمان وسيلة أساسية لتعميق الوعي الديمقراطي ولفتح بوابات عديدة للنضال، واستطعنا أن نعبئ كل الفئات المهتمة من الشعبي المغربي من أجل المطالبة بحقوقها سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية، وأعتبر أننا استطعنا في العشرية الأخيرة أن نغير مفردات الخطاب السياسي في المغرب. وهو ما نرى نتائجه اليوم على مستوى وعي شرائحنا الشعبية، وهذا يشكل لنا مصدر فخر وأيضا قناعة بأن الأفكار الصائبة والأفكار التي لها مدلول في الميدان الوطني دائما تحلق بأجنحتها نحو المستقبل الأسعد للوطن. أما أني لم أترشح للانتخابات الجزئية فذلك كما سبقت الإشارة كان لسببين موضوعيين: 1 ـ التقطيع الانتخابي لمدينة مراكش يتسم بكثير من انتهاكات وحدة المدنية، ولم يراع أبدا بأن مدينة مراكش هي عاصمة أساسية من عواصم المغرب التاريخية وأنها أسهمت الإسهام الفعال عبر تاريخها في بناء حضارة هذا الوطن. التقطيع الانتخابي الذي تم في مدينة مراكش هو تقطيع مدان، وقد شعرت بهذا، ودافعت في اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال عن وجوب تغييره، وبالفعل كنا كاتبنا وزير الداخلية في الموضوع، ونبهناه إلى خطوة هذا التقطيع وأنه لا يمكن أن يكون تقطيعا بريئا أو أن يسهم في إجراء انتخابات نزيهة بعيدة عن أي تدخل، وقد أجابنا وزير الداخلية رسميا وأبقى الوضع على ما هو عليه، وشخصيا لم أكن أنو الترشح في الانتخابات السابقة في ظل هذا التقطيع، ولكنه تحت إلحاح من لا يمكن أن يرد لهم طلب، فقد قبلت أن أترشح بمثل هذا التقطيع الانتخابي، وأنتم تعلمون بأن الذي يملك سر التقطيع الانتخابي يملك الحسم في النتائج ويملك توجيه الانتخابات، وموقفي الذي أعلنه لكم بكل صراحة، فقد كنت قررت في الانتخابات السابقة أنني لا يمكن أن أشارك في انتخابات كيفما كان نوعها يبقى التقطيع الانتخابي بيد وزارة الداخلية وفي شكل مرسوم، إن التقطيع الانتخابي هو الأداة الأساسية لإجراء انتخابات نزيهة وشفافة ومقبولة من الجميع، وبالتالي ينبغي أن يكون مجالها هو التشريع وليس المراسيم، وينبغي أن تخضع لنقاش شعبي واسع ، وممثلو الأمة هم أجدر بمعرفة حقيقة الأوضاع في الميدان، وستكون أسرار التقطيع إذ ذاك معروفة ومكشوفة لدى الجميع. 2 ـ وهو أنني لا يمكنني أن أشارك في انتخابات جزئية طابعها العبث، إذ لا يعقل أن المجلس الدستوري في صفحة ونصف يصف الانتهاكات الجسيمة التي حصلت في الانتخابات السابقة، ويصف الخروقات التي شابتها، وتوزيع الأموال التي قام بها الشخص الذي أسقطه المجلس الدستوري بقراره، بل ويتحدث عن أن ذلك الشخص المعلن إسقاطه تعاونت معه أجهزة السلطة ووزعت معه الأموال، فهذه الحثيثيات التي بنى عليها المجلس الدستوري قراره وهذه الخلاصات التي وصل إليها لم أر لها أية انعكاسات لها على الأرض، فلم أر أي متابعات سواء لرجال السلطة في هذه الدائرة والذين كان يجب أن يغيروا تماما من أعلى إلى أسفل، وسواء بالنسبة للشخص المعني الذي أسقطه قرار المجلس الدستوري، إذ كان يجب أن يحاكم محاكمة علنية رسمية ما دام المجلس الدستوري قد أعلن ما أعلن عليه، ومن الغريب أن تجرى انتخابات يشارك فيها نفس الشخص، وتديرها نفس السلطات التي أشار المجلس الدستوري بما أشار. أما فيما يخص القناعات الشخصية، بكل صراحة لقد كنت من المدافعين عن الانتخابات باللائحة، وكنا سواء في حزبنا أو من داخل الكتلة، ندافع على عتبة 5 بالمائة على أساس أن تكون الانتخابات بأكبر المعدلات، ولكن بكل أسف، في النهاية لم نقرر هذا في الحكومة، وتمت المصادقة على أكبر البقايا وعلى عتبة 5 في المائة، ولست هنا تحت طائلة التكتم لأكشف أنني في آخر مجلس حكومي حضرت له في سنة ,2002 أعلنت أن حزب الاستقلال يتشبث بمطلبه في أن تكون العتبة هي 5 بالمائة وأن تكون الانتخابات بأكبر المعدلات، والآن بعد الممارسة، اتضح بأن كل الغاية من دفاعنا عن الانتخابات باللائحة لم تكن لها النتائج التي كنا نرجوها، بل إنها لم تسعفنا في القضاء على أي تشرذم في العمل السياسي، ولن نصل إلى أية عقلنة في المشهد السياسي في البلد، وبالتالي أصبحت لدي قناعة شخصية انطلاقا من واقع تجربتي في كل هذه العقود أنه يجب العودة إلى الانتخابات الفردية فالانتخابات الماضية التي عشنا تجربتها بكل أناة وحكمة وتبصر، لاحظت فيها كما لاحظ غيري كثيرون أن نزول لوائح قوية من أحزاب لا تملك في المدينة أكثر من عشرين شخصا، لكنها أعدت لوائح بأشخاص زج بهم في ميدان لم يكن لهم من قبل وجود فيه. إن من حق هؤلاء أن يشاركوا، لكن ليس بالشكل الذي يسهم في تبخيس الأحزاب ودروها في تعميق الوعي بقضية الديمقراطية. إن هذه الصورة التي ارتسمت على الانتخابات الماضية لا تعطي أية إشارة على أن نظام اللائحة قام بما كان مطلوبا منه، فالمفترض في هذا النظام أن يصوت المواطن على لائحة تضم مناضلين في حزب ينتظمهم توجه سياسي واحد، وبرنامج سياسي معلن، في حين أن الواقع الذي شاهدناه هو أقرب إلى العبث منه إلى عقلنة المشهد السياسي. ولذلك، فلن أقبل مستقبلا في انتخابات تكون باللائحة سواء في الجماعات المحلية والتشريعية في ظل القوانين الحالية المؤطرة للعملية الانتخابية. من المعروف في تاريخ المغرب السياسي أن حزب الاستقلال تصدى أكثر من مرة لـالحزب الأغلبي، لكن يبدو اليوم أن موقفه غامض ومتردد بخصوص حزب الهمة والذي يبدو من جميع محطاته أنه إخراج جديد للحزب الأغلبي؟ حزب الاستقلال لم يتخذ أي قرار إلى الآن فيما يخص نشأة الحزب الأغلبي بالمغرب، هذا الحزب الذي شغل الناس لمدة سنة كاملة، وقع الحديث عنه كحركة أكبر من الأحزاب، وكجمعية ليس لها شبيه في البلاد، وسالت عنه بحور من المداد في الصحف، وسمعنا لتصريحات من هناك وهناك أنه لن يخرج أي حزب من هذه الحركة، لكن كان الأمر كما توقع كل متتبع من أن الحزب الأغلبي يتشكل في المغرب. فالحزب الأغلبي في المغرب منذ فجر الاستقلال لم ينشأ بنفس الطريقة، فقد كان دائما يظهر بتشكل جديد لأنه في كل مرحلة تقع محاولة من أجل ألا يجيء الحزب الأغلبي بنفس الطريقة التي سبق وأن تم إخراجه بها حتى وصلنا إلى ما وصلنا إليه من وجود العديد من الأحزاب الإدارية. المعطى الأساسي للحزب الأغلبي بالمغرب كما هو راسخ الآن في أذهان كل الطبقة السياسية التي عاينت ميلاد الكثير من ألوان الحزب الأغلبي في المغرب، المعيار الأساسي المحدد لنقول له إنه يعبر عن الحزب السري أي للذين يسيطرون على مراكز القرار ويسيطرون على الريوع الاقتصادية في البلاد، المعيار الأساسي الذي يجعلنا نسمه بكونه حزبا أغلبيا هو قرب منشئه أو منشئيه من مركز القرار ومركز السلطة. وفي تاريخ المغرب ابتداء من سنة 1958 مرورا بنشأة الفديك، ومرورا عما تفرع عن انتخابات ,1977 وتعريجا على الانفصالات التي وقعت داخل الحزب الأغلبي، دائما يظهر أن المعيار هو المعيار لم يتخلف منه شيء. شخصيا أرى أنه من حق أي شخص أن ينشئ حزبا سياسيا أوجمعية، وأعتبر الأمر حقا طبيعيا، فمن حق أي شخص إلى جانب أشخاص آخرين أن يؤسسوا كيانا سياسيا للدفاع عن مصالح أساسية في البلاد أو حتى مصالح فئوية لفئة من فئات، لكن كل ما يقرب مشهدنا السياسي من أن يكون فيه حزب من الأحزاب قريب من مركز القرار فهذا ينبغي أن نبتعد عنه، ولن يستطيع أحد سواء تكلم أو سكت أن يخرج من أذهان النخب المغربية ولا من أذهانه المتتبعين الواعين ولا حتى من أذهان الذين لهم متوسط من الوعي أن هذا الحزب ليس حزبا للسلطة، إنما الذي أتألم له هذه المرة: أن هناك مناضلين لا نشك في نضاليتهم غطوا على خروج هذا المولود الذي تشكل من خمسة أحزاب كونت على الدوام توالدا للحزب الأغلبي في المغرب. وهذا يتطلب منا أن نقول فيه رأينا بكل صراحة: إن ما يمكن أن يأخذ المغرب إلى نقاشات كنا نعتقد أنها انتهت مع التعاقد الذي تم بين الحسن الثاني رحمه الله وبين الصف الوطني الديمقراطي يجب أن نقطع معه باعتباره جزاء من أساليب الماضي التي طوينا صفحته. أفهم من ذلك أن عودة السلطة لصيغة الحزب الأغلبي هو استدعاء لأساليب الماضي وقطيعة مع تجربة الانتقال الديمقراطي؟ شخصيا أرى أن هذا هو التحليل الأقرب إلى صيرورة الأشياء وإلى النزاهة الفكرية وإلى الأحكام الموضوعية. وكيف تفسر غموض موقف حزب الاستقلال اتجاه هذا الحزب الأغلبي كما تسمونه؟ شخصيا، آخر لقاء حضرته في اللجنة التنفيذية كان يوم أداء حكومة عباس الفاسي لليمين القانونية لأنني وجدت أنه لم يعد هناك دور لنا كأعضاء في اللجنة التنفيذية. الانتخابات الجماعية لـ 2009 على الأبواب، هل تتوقعون أنها ستأتي بجديد في اتجاه تغيير المشهد السياسي ورسم خريطة سياسية جديدة في المغرب؟ هذه الانتخابات ستكون حاسمة لأنها تتعلق بكل الانتخابات الجماعية في جميع أرباع الوطن، وهي أساسية أيضا لأنها تتعلق بانتخاب ثلث مجلس المستشارين، وفي اعتقادي أنه لا يمكن أن نتصور أن حزبا أغلبيا في المغرب تأسس من أجل ألا يحصل على أغلبية أساسية في المدن المهمة في المغرب وعلى نسبة محترمة في ثلث مجلس المستشارين، وإلا لن يكون له الزخم الذي سيصل به إلى انتخابات ,2012 وأعتقد أن أفعال العقلاء تصان عن العبث. ولقد علمنا التاريخ أن مثل الأحزاب تكون في النهاية الشق الأكبر للخريطة السياسية المغربية أو تشكل على الأقل القوة السياسية الأولى في البلاد، وتحليلي الذي أميل إليه أن هذا سيتم على مرحلتين: مرحلة 2009 و مرحلة ,2012 وإلا لا يمكن أن نفهم أبدا كيف أن ثلاثة أشخاص صعدوا في جهة من الجهات، وقبل مضي سنة، أصبح لهم الفريق البرلماني بغرفتيه وأصبح لهم وزراء من هيئتهم وبعد تأسيسهم لحزب سيتوقف مدهم أو سيتوقف طموحهم ليقفوا عند ما وصلوا إليه، فمثل هذا التصور لا تقبله طبيعة العمل السياسي بل لا تقبله حتى الطبيعة البشرية. ألم يأخذ حزب الاستقلال بهذا التحليل خصوصا وهو المستهدف الأول بالحزب الأغلبي على اعتبار أنه يتصدر الخريطة السياسية؟ في الماضي كان الصف الوطني الديمقراطي في حالة ما إذا خرج شخص مقرب من مركز السلطة يؤسس الحزب الأغلبي، كان هذا الصف يعلن النفير داخل الوطن من أجل أن يتنبه الشعب المغربي أن هؤلاء لم يأتوا من أجل بناء الديمقراطية ولا من أجل تبديد العزوف السياسي، ولا أنهم جاؤوا بأفكار جديدة من أجل الإسهام في إقلاع المغرب، وإنما جاؤوا ليكونوا القوة الأولى التي تستعمل من أجل إبقاء الحالة على ما كانت عليه الشيء الذي نعيش اليوم نتائجه الوخيمة للأسف. أعتقد أن ما يميز الصف الوطني الديمقراطي في تعاطيه مع هذا الحزب الأغلبي اليوم أن لكل مسؤوليه تصريح من نوع خاص، بحيث لا تكاد تجد موقفا موحدا للقيادة اتجاه هذا الحزب. العدالة والتنمية في عمق الصف الوطني ولكن هناك ملامح تقارب بين الاتحاد الاشتراكي وحزب العدالة والتنمية بخصوص الموقف من هذا الحزب الأغلبي؟ لكن هناك من يقول من داخل الاتحاد الاشتراكي بأن حزب الهمة ليس هو الفديك وليس هو الحزب الأغلبي وإنما هذه قوة جديدة تريد أن تسد فراغا موجودا في الساحة السياسية. وأعتبر أن حزب العدالة والتنمية نتيجة لتصريحات الآخر بمحاربته وإقصائه، نضج عنده موقف مبدئي موحد اجتمعت عليه كل قياداته، أما بقية الأحزاب المشكلة للصف الوطني والديمقراطي، فلا تكاد تجد وحدة على مستوى الموقف، وإنما هي مواقف متباينة لقيادات داخل الحزب الواحد. ألا يمكن لنتائج انتخابات 2009 حسب توقعكم أن تقرب بين مكونات الصف الوطني الديمقراطي الإسلامي؟ دعني أقول لك إنني حينما أقول الصف الوطني الديمقراطي أعتبر حزب العدالة والتنمية في عمق الصف الوطني، فلم يعد مقبولا من أحد بعد المؤتمر السادس لهذا الحزب أن يجعله خارج الصف الوطني الديمقراطي، فحزب العدالة والتنمية بمؤتمره السادس لم يترك لأحد مجالا للسبق، وهو اليوم بأدائه في الصف الوطني الديمقراطي بكل جدارة واستحقاق. والذي أٍرجوه هو أن نجنب المغرب انتخابات يمكن أن يتحدث عنها الجميع إذ ذاك بأنها رجوع إلى الوراء، وأرجو أن تكون انتخابات نزيهة وشفافة حرة وديمقراطية، فإذا كانت الانتخابات بهذه الصفة فإنه لن يفتح أي نقاش حول من فاز بالأغلبية ومن لم بقي صار يمثل الأقلية، لكن إذا لم نستطع أن نضمن صفة النزاهة والمصداقية لهذه الانتخابات فإن الرؤية لن تكون فقط ضبابية ولكن بكل أسف ستكون هناك مقامرة بالمستقبل بكل ما تعني كلمة مقامرة من معنى. واعتبر أن انتخابات 2009 إذا لم تستطع أن تخرج المغرب من هذا الواقع المؤلم الذي يعيش فيه فإنها ستكون أكثر من نكسة .2007 حزب الاستقلال.. ومفاجآت مؤتمر أكتوبر القادم يعقد حزب الاستقلال مؤتمره في الآخر من أكتوبر نهاية الشهر القادم، ويثار داخل أروقة الحزب أن بعض الجهات تدفع في اتجاه تعديل القانون الداخلي للحزب لتمكين السيد عباس الفاسي من ولاية ثالثة، ما هو موقفكم؟ آخر عهدي بالحديث مع الأمين العام للحزب أنه كان مصمما على ألا يرتكب خطيئة الترشيح لولاية ثالثة لتغيير القانون من أجل تجديد ولايته، وكنا على سبيل المقارنة والمقايسة نقول إنه إذا طلب الأمين العام تعديل القوانين الداخلية للحزب من أجل تمكينه من ولاية ثالثة فسيكون أشبه بالرؤساء والحكام الذين تشتد الانتقادات ضدهم من طرف شعوبهم ونخبهم لأنهم لم يقنعوا بالولايات التي يحددها دستور بلدهم ويريدون أن يغيروا الدساتير من أجل تمكينهم من ولاية أخرى إضافية، وكنا نطرح هذه المقايسة على سبيل التنذر، ولحد الساعة لم يصرح الأمين العام بأي تصريح يستفاد منه أنه رجع عن قناعته ولا عن موقفه، وأعتقد بأن الموضوع فيه نوع من التشويش على مسار الرجل، وبأن تغيير القانون فقط في هذه النقطة التي أخذت منا الكثير في المؤتمر الماضي بعد أن قرر الأستاذ محمد بوستة عدم ترشيحه من جديد، وعكفنا على تغيير القانون في هذه النقطة بالذات، وقررنا أن نعطي بذلك المثل على أن حزب الاستقلال لا يقبل أن تكون فيه ولاية الأمين العام لأكثر من مرتين حتى تكون الأمانة العامة للحزب متداولة بين الإخوة الذين يستحقون أن يكون أمناء عامين. لا أعتقد أن الأمين العام للحزب لحد الساعة غير قناعته في هذا الموضوع. وبطبيعة الحال فحزب الاستقلال مثله في ذلك مثل جميع أحزاب الدنيا، هناك من يروج لأشياء ليس فقط خدمة لمبادئه ولكن لأسباب تتعلق بطموحات مشروعة أو غير مشروعة. المفروض الآن والمؤتمر على وشك الانعقاد أن تكون اللجنة التحضيرية قد أنهت ترتيبات المؤتمر، أليس في أجندة اللجنة القانونية تغيير بعض فصول القانون الداخلي للحزب؟ عادة في مؤتمرنا تكون هناك لجنة لإعداد القوانين، وبكل صدق لم أشارك في اللجنة التحضرية ولا في أي لجنة من لجان المؤتمر، ولكن كمتتبع، لجنة القوانين، تناقش الفصول ولا تقدم عليها أي تعديلات، وبطبيعة الحال، يهيمن على اللجنة التحضيرية أو على الذين يحضرون اجتماعات اللجنة التحضيرية واللجان المتفرعة عنها موضوع الفصل 52 وهذا يرخي بظلاله على كل أعمال اللجنة التحضيرية ويجعل ترتيبات المؤتمر تتم في ضبابية تامة.، لأن المؤتمر ليس فقط تحضير قرارات وتوصيات، ولكنه تسابق وتحقيق تطلعات مناضلين من حقهم الوصول إلى قيادة الحزب والتواجد في هيئاته القيادية. لعلكم تابعتم ما جرى من خلاف داخل حزب الاتحاد الاشتراكي بسبب التنافس على القيادة وبسبب خط الحزب السياسي، ألا يمكن لمؤتمر حزب الاستقلال أن يعرف نفس المصير؟ لا أعتقد أن حزب الاستقلال، وأمينه العام يشغل حاليا منصب الوزير الأول، سيطرق هذا الموضوع أو سيكون محل نقاش، ولن يطرح حتى أداء الحزب في الحكومة، وإذا ما طرح فإنني أتصور أن التعبير عن الإيجابيات سيكون هو الغالب، ولذلك أعتقد أنه لن يحدث لحزب الاستقلال شيء مما وقع للإخوة في الاتحاد الاشتراكي في مؤتمرهم الثامن، هذا بخصوص مسألة وجود الحزب داخل الحكومة، أما بخصوص الخلاف على القيادة، فأتصور أنه إذا غير الأمين العام موقفه، وعبر عن رغبته في أن يضيف لنفسه ولاية ثالثة سواء أعلن عن ذلك بنفسه أو عن طريق الغير، فإن الأمر سيكون محل نقاش ساخن ليس في ذلك من شك. هل يمكن أن يصل هذا النقاش إلى درجة الخلاف ؟ لا أعتقد أن الأمر يمكن أن يصل إلى هذه الدرجة، ولكن المبدئيين في الحزب ممن يريدون للحزب أن تظل له صورته الناصعة عند الشعب المغربي سيعبرون عن آرائهم بمختلف الطرق وبمختلف الوسائل.