أن يقول وزير الخارجية المغربي : إن المغرب ملتزم بقرارات الجامعة العربية بمقاطعة إسرئيل، وان المغرب سيبقى حذرا من اي محاولة لتحويل الاتحاد من أجل المتوسط إلى بوابة للتطبيع مع إسرئيل فهو موقف يستحق أن يثمن، ذلك أن موقفا رسميا ومن مسؤول في حجم وزير الخارجية بشأن مقاطعة إسرائيل والحفاظ على التماسك العربي بخصوص هذا الموضوع، يعني أن رفض التطبيع مع إسرائيل هو أمر محسوم، وأن ما يتم من أشكال تطبيعية مع الكيان الصهيوني على العديد من المستويات هو خرق للموقف المغربي الرسمي فضلا عن كونه خروجا عن الإجماع العربي المعبر عنه في قرارات الجامعة العربي. وإذا كان الطيب الفاسي الفهري عبر عن موقف الرفض الرسمي للتطبيع، وحاول طمأنة الرأي العام من خلال الحديث الحذر المغربي من أي محاولة لجعل الاتحاد من أجل المتوسط بوابة للتطبيع، فإن انخراط المغرب في مشروع الاتحاد من أجل المتوسط سيكون امتحان لهذا الموقف يطرح أكثر من إشكال بخصوص قدرة المغرب على الوفاء بموقفه، إذ لم يعد الأمر يتعلق بمسار برشلونة الذي كان يسمح بإبرام اتفاقات ثنائية، وبتعاون إقليمي بخصوص بعض القضايا المشتركة دون أن يكون المغرب ملزما بالتعاون مع الكيان الصهيوني، وإنما أصبح الأمر يتعلق بصيغة جديدة فيها مؤسسات ورئاسة وأمانة عامة ومقر، بحيث يكون المقر والمسؤوليات محل تناوب بين الدول المشاركة، مما سيجعل موضوع الكيان الصهيوني بمثابة قنبلة قد تفجر الاتحاد في أي لحظة. صحيح أن الرئاسة اليوم هي بيد فرنسا، والرئاسة الثانية بيد مصر، وصحيح أيضا أن هناك حديثا عن احتمال أن يكون المقر في تونس، لكن كيف سيكون موقف المغرب لو صار الكيان الصهيوني في الرئاسة أو الأمانة العامة وهو أمر واقع بحكم أن الأكر يتعلق بمؤسسة وقوانين منظمة تفرض ذلك، بل كيف سيكون موقف المغرب لو كان مقر انعقاد الاتحاد من أجل المتوسط في إحدى دوراته هو دولة العدو؟، الجواب الذي يقدم اليوم أن ذلك مستبعد وأن هناك تطمينات حتى لا يقع الحرج، لكن عندما ننظر لتاريخ القضية الفلسطينية فإن الشك لا يرتفع بهذه التطمينات، وأقله أن الاتحاد سيكون عليه من الصعب التدخل في مواضيع تهم الحصار على الشعب الفلسطيني أو تدبير المساعدات الأوربية الخاصة به. رفض المغرب بمعية دول المنطقة وباستثناء ليبيا اعتماد سياسة الكرسي الفارغ، وهذا تعبير عن اختلال كبير في ميزان القوى بين دول شمال المتوسط وجنوبه من جهة، وتشتت واضح في الموقف العربي من جهة ثانية، وقبول بالأمر الواقع من جهة ثالثة، نعم قد يكون هذا المشروع فرصة لتجاوز اختلالات مسار برشلونة وتعزيز التعاون نخرط المغرب في جملة من القضايا كالبيئة والطاقة والهجرة والأمن والتنمية، لكن سيجد المغرب نفسه في وضعية صعبة إذا ما تطور الأمر نحو تطبيع فج ومستفز، وهو حضور اجتماع الاتحاد داخل دولة العدو الصهيوني، أو على الأقل رتحت رئاسته أو أمانته العامة.فهل ستكون له القدرة على الانسحاب ورفض التطبيع وما يقتضيه ذلك من إجراءات عملية، نتمنى ذلك، رغم أنه كان من الممكن استباق مثل ذلك، وإعلان موقف واضح مثل ما حصل في منتدى المستقبل عندما رفض المغرب مشاركة الكيان الإسرائيلي في ذلك، وتمت الاستجابة، أما مسألة استمرارية وجود إسرائيل باعتبارها كانت مشاركة في مسار برشلونة فنذكر هنا أن مشاركتها كانت في سياق عملية سياسية للتسوية في المنطقة وتبين منها أن إسرائيل كانت هي المستفيدة أما الشعب الفلسطيني فيعيش حالة حصار متصاعد، كما لا نرى حرجا في مراجعة الموقف إذا ما تبين خطأ الموقف القديم . ولذلك، فتثمين الموقف الرسمي بخصوص التذكير برفض التطبيع لا يعفي من طرح أسئلة حول أشكال الموقف التي سيعبر عنها المغرب لو سارت الأمور في اتجاه التطبيع، خاصة وأن الثابت أن أشكالا من التطبيع حدثت على أكثر من مستوى في المغرب دون أن يكون الالزام بقرارات الجامعة العربية مانعا منها، ودون أن يلعب هذا الحذر دوره في تحصين البلاد من خطورتها.