نفذ سكّان مدينة سيدي إفني إضرابا عاما، الخميس 12 يونيو 2008، احتجاجا على ما تعرض له بعض المواطنين، نساء ورجالا، من تعذيب وتعنيف وانتهاكا لحرمات منازلهم، وأقد جميع سكان المدينة بطريقة عفوية على أسماه يوم حداد على إغلاق كل المحلات والمتاجر بشتى أنواعها وأغلقت المقاهي والأكشاك، بل انضم إلى مساندتهم أصحاب سيارات الأجرة الصغيرة والكبيرة. هذا، ونظم سكان المدينة وقفة احتجاجية سلمية أمس الخميس، بحي سيدي بولعلام، وردّد المحتجون الذين كان يرتدي العديد منهم اللباس الأسود، النشيد الوطني، كما رفعوا شعارات طالبوا من خلالها بالإفراج عن المعتقلين، وكذا الاستجابة لمطالبهم في إنشاء وحدات صناعية بالمدينة، وتحسين الوضع الاجتماعي والاقتصادي لساكنة سيدي إفني، وفكّ العزلة عنها والتهميش. وحسب مصادر متعددة، فإن السلطات المحلية مارست ضغوطا شديدة على العديد من التجار من أجل ثنيهم على عدم خوض الإضراب، إذ أكد أحد التجار لـالتجديد أن قائد المقاطعة الثالثة قام باستدعاء العديد من التجار بشكل فردي، وأحيانا جماعي، من أجل مطالبتهم بعدم المشاركة في الإضراب، ومخبرا إياهم أن كل من لم يفتح متجره سيتعرض بعدها للحرمان من ممارسته التجارة. إلا أن هؤلاء التجار رفضوا الانصياع لأوامر السلطات، وأجاب العديد منهم قائد المقاطعة، حسب المصادر ذاتها، بأنهم أحرار ولديهم الحق في أن يفتحوا ويغلقوا متى شاؤوا. واعتبر (م ن)، صاحب سيارة أجرة أن من واجبه كمواطن أن يتضامن مع الساكنة على ما تعرضوا له على يد رجال الأمن من انتهاك بيوتهم، مضيفا بالقول إن كان تدخل القوات من أجل رفع الحصار على الميناء، فهذا ليس مبررا من أجل اقتحام البيوت وسط المدينة، وتعذيب الرجال والنساء بمخفر الشرطة. إلى ذلك، عقدت السلطات الأمينة يوم الخميس 12 يونيو 2008، على إثر الوقفة الاحتجاجية التي نظمها السكان، لقاء مع أربعة من ممثلي سكان حي بولعلام بمقر مفوضية الشرطة بحي بولعلام، وقال عبد السلام اشتوك عضو لجنة الحوار، إن المسؤولين الأمنيين قدموا لهم خلال اللقاء، وعودا بعدم التدخل الأمني عند تنظمي مسيرات احتجاجية سلمية، وكذا عدم اعتقال الشباب الفارين إلى الجبال أثناء عودتهم. غير أن التجديد علمت أن شابا من الفارين إلى الجبال، تم اعتقاله قرب جماعة تيعزى ، ولم يتسنّى لـالتجديد أن التأكد من هويته بعد، ويقول السكان إنه في حالة حصول ذلك، فإن السلطات الأمنية تكون قد خالفت وعدها للجنة الحوار، ويتوقع أن تشهد مدينة سيدي افني غدا الجمعة وقفات احتجاجية بكل الأحياء، خاصة بأحياء بولعلام وحية لالة مريم وحي لبرابر. ومن جهة أخرى، رفضت مصالح الأمن بمدينة سيدي إيفني استقبال شكايات المواطنين، يطالبون فيها باسترجاع ممتلكاتهم التي نهبت وبجبر الضرر من جراء ما تعرضوا له من انتهاكات، مست أسرهم وعائلاتهم.وأكدت العديد من المواطنين لـالتجديد أنهم توجهوا لمقر الشرطة بالمدينة من أجل وضع شكاياتهم غير أنهم رفضوا ذلك. إلا أن مسؤولا أمنيا نفى حصول ذلك، قائلا في تصريح لـالتجديد أن مفوضية الشرطة تلقت أربعة شكايات ضد مجهول، مشيرا إلى أنهم في الشرطة لا يمكنهم رفض استقبال الشكايات طبقا للقانون، لأنه في حالة رفضها يمكن اللجوء إلى النيابة العامة. لكن وزير الداخلية شكيب بنموسى في جوابه على أسئلة الفرق النيابية بمجلس النواب، أول أمس الأربعاء، أكد أنه خلافا لما ادعته بعض الجهات من حصول حالات اغتصاب وسرقات لأمتعة السكان أثناء تدخل القوات الأمنية، فإن وزارة الداخلية لم تتوصل لحد الآن بأية شكاية رسمية في الموضوع وفي غياب هذه الشكايات فإن الأمر يبقى مجرد ادعاءات لا تستند إلى وقائع أو أدلة ملموسة. ونفى بنموسى أن تكون قوات الأمن قد لجأت إلى استعمال الأسلحة النارية، مؤكدا في الوقت ذاته استعمال القوة في بعض الأحيان من طرف رجال الأمن ضد فئة قليلة من الأشخاص كانوا عازمين على مواجهة قوات الأمن، على حدّ قوله، وأضاف بنموسى في أنه نجاح قوات الأمن في فض الاعتصام أمام الميناء لجأ عدد من المحرضين على القيام بأعمال الشغب إلى المدينة، وإلى المرتفعات المجاورة وقد تعقبتهم قوات الأمن من أجل اعتقالهم، واضطرت لاقتحام بعض المنازل تنفيذا لأوامر النيابة العامة التي تم التدخل الأمني تحت سلطتها المباشرة. وأكد وزير الداخلية أن الأحداث برمّتها شهدت اعتقال 182 من المحتجين أطلق سراح أغلبهم بعد توقيع التزام بعدم خرق القانون وتكرار ما وقع بضمانة من أفراد عائلاتهم، بينما تم تقديم 10 أشخاص للعدالة. أما نجيّة مزوز(أستاذة) فأكدت في تصريح لـالتجديد أنها توجهت مرارا وتكرارا لدى مصالح الأمن بسيدي إيفني، من أجل وضع شكايتها فرفضوا فتح شكاية في الموضوع. وتعرض منزل مزوز إلى السطو والسرقة حددته في مبلغ مالي قدره 5 آلاف درهم وهاتف نقال وسلسلتان ذهبيتان وخاتمان ذهبيان وعطور نسائية. وخلّف جواب شكيب بنموسى وزير الداخلية على أسئلة مجلس النواب أول أمس استياء كبيرا لدى الساكنة، إذ اعتبره العديد منهم، في حديثهم لـالتجديد تزييفا للحقائق وحجب للشمس بالغربال، مطالبين إياه بزيارة المنطقة من أجل الوقوف على ما خلفه التدخل الأمني موثقا بالصور والأدلة. في السياق ذاته، قال مراسل التجديد بأكادير، إن ولاية أكادير شهدت استنفارا أمنيا غير مسبوق، زوال أول أمس الأربعاء، حيث اصطف رجال الأمن تحسبا لأي تطور في أحداث سيدي إفني، ونقلت التجديد عن شهود عيان أن الطرق المؤدية إلى قلب مدينة أكادير، وبالضبط ولاية أكادير الكبرى، تشهد تفتيشا لكل مشتبه فيه. كما شهدت جامعة ابن زهر بالمدينة، فورة غضب في صفوف الطلبة المنحدرين من سيدي إفني، وفي تصريح لأحد الطلبة الباعمرانيين رفض الكشف عن اسمه، اعتبر ما وقع بالمدينة هو مكافئة من الدولة لمقاومي أيت باعمران الذين حملوا البارود في وجه المستعمر الإسباني بتهميش منطقتهم واعتقال أبناهم والاعتداء على نسائهم على حدّ قوله.