لم تسلم بيوت العديد من الجنود القاطنين بمدينة سيد إيفني من السرقة والنهب وترويع أسرهم، منهم من كان مرابطا على الحدود، وعاد إلى مدينته الصغيرة بعدما تناهى إلى علمه ما ألم بأسرته من ترهيب وترويع. جنود تركوا الحدود، وعادوا من أجل حماية فلذات أكبادهم، وحرمة مساكنهم، قدموا شكاياتهم لدى المصالح المختصة؛ مرفقة بصور يعززون بها ما حدث. التجديد التقت بعضا من هؤلاء، واستمعت إلى معاناة أسرهم ، مع التنبيه إلى أن بعضهم اختار أن نكتفي بذكر اسماء مستعارة لهم ولزوجاتهم؛ بحكم طبيعة عملهم. ليس من رأى كمن سمع في وقت كان فيه محمد يحرس الحدود المغربية في الجنوب؛ كانت زوجته سعاد بمدينة سيدي إيفني تواجه مصير اقتحام بيتها؛ صباح يوم السبت الماضي؛ دون شفقة ولا رحمة. لربما ذنبها الوحيد أنها تسكن بحي بولعلام بالمدينة. تحكي سعاد تفاصيل ذلك اليوم المشؤوم قائلة: بينما كنت نائمة رفقة أبنائي، سمعت باب منزلي وهو يكسر، لم أعرف ماذا حصل، حسبت أن لصا يريد التسلل إلى منزلي، فما كان مني إلا أن دخلت إلى غرفة أخرى، وأحكمت إغلاق باب المنزل، والتزمت الصمت، وأخذت أراقب من ثقب بباب الغرفة. خمسة رجال أمن يرتدون الزي الأزرق، فتشوا كل الغرف، كسروا كل الأواني، تحكي سعاد وهي تبكي، لم يتركوا شيئا صالحا، فتحوا باب الثلاجة، وأخذوا يرمون الأكل وهم لا يتوقفوا عن الكلام الساقط؛ الذي يستحيي المرأ من ذكره. تضيف سعاد بأسى ليس من رأى كمن سمع، مهما وصفت؛ لا يمكن نقل الحالة الصعبة التي عشتها، إن ما وقع شبيه بفيلم بوليسي، وحينها شعرت بمعاناة الأسر الفلسطينية والعراقية مع جنود الاحتلال. وتسترسل هذه المرأة الشابة؛ التي كان قدرها السكن في حي تعرض لتدخل أمني عنيف، في الحديث قائلة لم أجد بدا من الدعاء؛ حتى لا يدخلوا البيت الذي اختبأت فيه مع طفلي الصغيرين، فكرت في مواجتهم، لكن خشيت أن أتعرض لاغتصاب لا قدر الله، فتراجعت، وبعد حوالي ساعة من العبث؛ غادروا المنزل. لم تجد سعاد حلا سوى أن تتصل بزوجها هاتفيا، فأمر بعدم إصلاح ما أفسده زملاؤه، فتركت الوضع كما هو، مكتفية بوضع غطاء ثوب عوض بابها الخشبي الذي كسر، فذهبت عند الجيران رفقة طفليها من أجل المبيت عندهم، حتى أتى زوجها من الصحراء؛ من أجل حماية أسرته التي نالت حظها من الترويع والترهيب وتخريب الممتلكات. تقدم زوج سعاد بشكاية لدى المصالح العسكرية بسيدي إيفني، أول أمس، ضد ما أقدم عليه رجال الأمن، بعدما التقط صورا للحالة التي أصبح عليها بيته، من أجل أن يعزز شكايته. باغتوها في غرفة نومها عبد الله جندي كان هو الآخر مرابطا في الحدود، وجدناه بعدما عاد لتوه من السفر، بباب منزله يقوم بإصلاح ما أفسدته أيادي رفاقه في الدرب، وزوجته لم يهدأ روعها من الضغط النفسي الذي عاشته يوم السبت الماضي؛ بعدما اقتحم رجال الأمن بيتها، ولم تعرف ما الذي حل بها، خاصة وأن كسر الباب لم تشعر به، بل لم تنتبه إلا ورجال الأمن يلجون غرفة نومها. تحكي فاطمة، وهي التي لم تذق طعم النوم منذ خمسة أيام، قائلة لا علاقة لي بالأحداث لا من قريب ولا من بعيد، أنا زوجة جندي ذهب لحراسة الحدود، وتركني رفقة أبنائي الصغار، لم أشعر بشيء، حتى دخل غرفتي رجال الأمن فصدمت، ومن شدة ذلك التزمت الصمت. بدأ بعضهم يكسر الممتلكات، فانتبه أحدهم إلى صورة زوجي على الحائط، فقال لرفاقه هذا منزل جندي، فرد عليه أحدهم، وليكن حتى بيت كولونيل. همجية تدخل رجال الأمن جعلت أسرة عبد الله تعيش حالة نفسية صعبة، خاصة ابنته الصغرى التي لم تعد تستطيع النوم؛ بفعل الكوابيس التي تشهادها كل ليلة. يقول عبد الله باستنكار شديد: لقد قدمت شكوى لدى المصالح المختصة؛ ضد من أقدموا على هذه الافعال، وأنتظر إنصافي مما لحقني، ليضيف؛ أنا أتفهم طبيعة عملهم، لما تأتي الأوامر ينبغي تنفيذها، ولكن القانون معروف، لا تقدم لنا أوامر بتخريب الممتلكات ولا بالاعتداء على منازل لا علاقة لها بالأحداث . ويختم قائلا لما وصلني الخبر؛ كدت أجن، فأخذت أتساءل: أنا هنا أعاني من أجل الوطن، وأسرتي تنتهك حرمتها بمدينة سيدي إيفني سلب ممتلكات! بحي للا مريم تقطن رقية الضرير، وهي زوجة لجندي مغربي، هو الآخر مقر عمله بالصحراء المغربية، حيث الوضع لا يسمح باصطحاب الأسرة. ذهبت رقية في اليوم الموالي للأحداث يوم الأحد إلى بيت والدتها المسنة بحي بولعلام؛ من أجل الاطمئنان على أحوالها، خاصة أنه تعرض للمداهمة، هاتفها زوجها طالبا منها العوة إلى بيتها والاستقرار فيه، فلم تجد بدا من تنفيذ طلبه. بينما كانت رقية في طريقها إلى منزلها؛ باغتتها سيارة لرجال التدخل السريع، فأخذت تصرخ، حاولوا أخذ ابنتها الصغرى 11- سنة- فأخذت تصرخ، فسرقوا لها محفظة نقودها التي كانت تحتوي المفاتيح، و500 درهم، وبطاقة تعريفها الوطنية، وبعدما استرجعت انفاسها؛ أخذت هاتفها كي تتصل بأحد أفراد أسرتها، فهاجمها رجل أمن وأخذوا هاتفها النقال. تقول رقية إن الكلام الساقط الذي قالوه لي لا يمكن أن ينسى أبدا، إنه لحظات عصيبة عشتها في ذلك اليوم الأسود، ولا أنسى أنهم أسقطوني أرضا؛ بعدما حاولت منعمه من أخذ ابنتي الصغرى. اتصلت رقية بزوجها الذي لم يتردد في السفر من أجل العودة إلى سيدي إيفني، فقدم هو الآخر شكاية لدى المصالح العسكرية؛ من جراء ما تعرضت له أسرته من انتهاك. تصف رقة الحالة النفسية التي توجد عليها ابنتها الصغرى قائلة بعدما عاد والدها من الصحراء؛ قالت له الحمد لله أنه يمكنني الآن أن أنام باطمئنان، وبمجرد ما لمحته يرتدي بذلته العسكرية من أجل الخروج؛ قالت له لقد كرهت هذه البذلة، ألا يمكنك أن تخرج دونها. إجازة زوج رقية الضرير حوالي أسبوع، وهي تفكر في إمكانية أن ترافقه من أجل العيش في إحدى المدن القريبة من الحدود، حيث مقر عمله، لأنها لم تعد ترغب في البقاء هناك. نماذج كثيرة من بيوت الجنود التي تعرضت إلى أضرار كبيرة، ومنها حالة أحد الجنود الذي له رتبة مرموقة، الذي تعرض بيته إلى السطو والسرقة، حيث كان هو غائبا رفقة زوجته إلى أكادير، وكان ابنيه فقط بالبيت. تقول زوجته بعدما اقتحموا بيتي وكسروا أبوابه، سرق لي رجال الأمن من البيت سرتلة من الذهب؛ قيمتها مليون وألف سنتيم، وثلاث خواتم ذهبية، ومبلغا ماليا قدره 8200 درهم، ودملجا من الفضة تذكارا تركته لي والدتي رحمها الله. وأضافت الزوجة أن زوجها وضع شكاية هو الآخر في الموضوع، كما حمل صورته إلى المسؤولين في الجيش بالمدينة، بعدما شعر بعدم احترام مهنته، والاعتداء على حرمة مسكنه، والسطو على ممتلكات بيته، كما حمل صورا تعبيرية توضح فظاعة ما حدث؛ لعلها تكون دليلا على بشاعة ما حصل.