في الوقت الذي يحتدم فيه النقاش حول دور الدين ومكانته في الولايات خاصة بعد صعود اليمين المسيحي المتصهين بوصفه القوة الأكثر دعما للإدارة الأمريكية الحالية، فإنه لا يمكن اعتبار الدين مجرد عامل ثانوي في الولاياتالمتحدة على الرغم من قيامها على مبادئ علمانية، ونص دستورها على الفصل بين الدين والدولة صراحة. إذ ظل الدين موضوعا مثيرا للجدل في الحياة العامة الأمريكية منذ نشأتها وحتى اليوم. الحملة الانتخابية الرئاسية في الولاياتالمتحدة عكست مدى توسع تأثير الخطاب الديني. ويواجه المرشح الجمهوري جون ماكين تيارا قويا بعد اصطدامه بقساوسة سجلت عليهم مواقف متطرفة. ويوم الخميس 22 مايو رفض جون ماكين رسميا قبول الدعم الذي منحه اياه قس وصف الاسلام بانه دين المسيح الدجال وذلك بعد ان واجهته وسائل اعلام أمريكية بتساؤل عن تعامله بإسلوب الكيل بمكيالين مع رجال دين ادلو بتصريحات أثارت غضب اللوبي الصهيوني والطائفة الكاثوليكية. وكان ماكين قد رفض في وقت سابق تأييد قس اخر القى كلمات مناهضة للكاثوليكية. ونقلت محطة ايه بي سي ان القس رود بارسلي الذي اعرب عن دعمه لسناتور اريزونا في فبراير الماضي أكد ان النبي محمد صلى الله عليه وسلم هو الناطق باسم مؤامرة شيطانية. وقال ماكين في بيان نشر مساء الخميس الماضي اعتقد ان هذا النوع من الخطابات لا مكان له في امريكا، واعتقد انه حتى لو قدم لي هذا القس تاييده، فانا لا ابادله التاييد. في الواقع، انا ارفض هذا الخطاب وارفض تاييد القس. وكان ماكين قدم القس بارسلي في تجمع في مطلع العام في اوهايو على انه احد كبار قادة امريكا، وهو بوصلة اخلاقية ومرشد روحي. وقد رفض ماكين دعما قدمه له قس اخر هو جون هاجي المعروف بعظاته المناهضة للكاثوليكية ومثليي الجنس. ورفض المرشح الجمهوري تاييد هاجي بعد ان نشرت احدى عظاته على الانترنت اكد فيها ان قرار النازيين طرد اليهود من اوروبا كان بارادة من الله. واعتذر هاجي لاحقا من المجتمع الكاثوليكي على اقواله التي يسب فيها الكنيسة الكاثوليكية بعبارات نابية. وفي عام 2006 اثار القس هاجي جدلا واسعا عندما قال ان اعصار كاترينا الذي ادى الى مقتل حوالى 1500 شخص في جنوب لويزيانا، هو عقاب الهي لان نيو اورلينز شهدت مسيرة لمثليي الجنس. وتاتي هذه القضايا بعد حوالى شهر على قضية القس السابق لرعية باراك اوباما، جيريمايا رايت، الذي اتهم بالقاء كلمات مناهضة للولايات المتحدة. ويشار الى انه في الوقت الذي تطالب فيه بعض المجموعات السياسية حذف عبارة بأمر الرب من ميثاق الولاء للدولة، ينص البرنامج السياسي للحزب الجمهوري في ولاية تكساس للعام 2006 على أن أحد أهدافه هو تبديد أسطورة فصل الدين عن الدولة. والحال أن الرئيس الأمريكي بوش الذي يعتبر ماكين وريثه ما انفك يتعمد استخدام العبارات الحمالة للأوجه، والتي تتضمن رسالات دينية لأتباع مذهبه الإنجيلي في الولاياتالمتحدة، فعبارته إن منطقة الشرق الأوسط تمر بمرحلة تاريخية ومفصلية يتوجب على شعوبها الاختيار بين الديمقراطية والحرية وبين الاستبداد والتطرف قد تبدو بريئة للوهلة الأولى، إلا أن جمهوره اليميني المتطرف يدرك أن المراد بهذه العبارة الإشارة إلى التزام الإدارة الأمريكية بتطبيق حكم الله في الأرض، وتحقيق الرؤية التي نص عليها الإنجيل والعهد القديم ووردت في سفر الرؤية، أي تخليص منطقة الشرق الأوسط من قوى الشر الذي يعد شرطا أساسيا لعودة المسيح وخوض المعركة الأخيرة التي سينتصر فيها الخير على الشيطان، وبالتالي إقامة دولة الله على الأرض. وبعيد وقوع هجمات سبتمبر، لم يتورع بوش عن وصف انتقامه من مدبري الهجمات بأنها بمثابة انطلاقة الحرب الكونية ضد الشر، داعياً الأمة الأمريكية لاضطلاع بدورها التاريخي في الرد على هذه الهجمات وتخليص العالم من الشر، مؤكدا على أن الله يقف إلى جانب قوى الخير التي تمثلها الولاياتالمتحدة.