زوجي يبلغ من العمر 33 سنة، لدينا ابنة عمرها سنتان ونصف، كان زوجي يعمل أستاذا للعزف على الكمان، وفي نفس الوقت كان يحيي السهرات الليلية مع فرقة خاصة، قبل سنة توفي والده بشكل مفاجئ، فتغيرت حالة زوجي بشكل كبير، إذ لم يعد يذهب إلى تلك السهرات، كما أنه لم يعد يحب العزف، المشكلة أنه لم يعد يريد أن يتدخل في أي قرار يخص مستقبلنا الأسري، ورغم أني تحدثت إليه كثيرا، وشرحت له أن الحياة يجب أن تستمر إلا أنه لا يجيبني، ولم يعد يهتم لا لأمري ولا لأمري ابنتنا، وكلما أردت أن أستشيره في أمر يقول لي: افعلي ما بدا لك، ولا يعارض على أي شيء قمت به، ولا يبدي ملاحظاته، إلى درجة أن الأمر يثير غضبي في كثير من الأحيان، وأضطر للدخول معه في شجارات لا يعيرها أي اهتمام، أرجوكم أفيدوني كيف أجعل زوجي يشارك في اتخاذ قرارات المنزل، وكيف أجعله يحمل عني المسؤولية من جديد؟ أم مروى *** نحوطريقة للتعامل الحكيم أختي الفاضلة : مثل هذه المسائل تمر كثيراً في الحياة، وهي ليست على درجة كبيرة من التعقيد، ودائما نقول: لايوجد شيء إلا وله حل، مسألتك مع زوجك تكمن في حالة الثقة بالنفس، وهذه المسالة، كما قلتُ، تواجه الكثيرين، وهي أمر طبيعي. النقطة الأولى؛ والتي يجب أن نتعرف عليها، هي أسباب انعدام الثقة بالنفس ....، فعلينا قبل كل علاج أن نضع أيدينا على موضع الداء، ثم نشرع في العلاج المناسب له. هناك أسباب كثيرة منها التالي: ـ تهويل الأمور والمواقف، بحيث يشعر بأنّ من حوله يركزون على ضعفه، ويرقبون كل حركة غير طبيعية يقوم بها. ـ الخوف والقلق من أن يصدر منه تصرف مخالف للعادة، حتى لا يواجهه الآخرون باللوم أو الاحتقار. ـ إحساسه بأنه إنسان ضعيف، ولا يمكن أن يقدم شيئا أمام الآخرين. من هنا نستطيع أن نقول: إن الثقة بالنفس عبارة عن قول، وعمل، واعتقاد، مثل الإيمان، فهو عبارة عن قناعات تستقر في القلب، وعن كلمات ينطق بها اللسان، وحركات تأتي بها الأركان. وشخصية الإنسان تتكون من معتقدات... فأنت وما تعتقد. مثال إيجابي: أنا واثق من نفسي. مثال سلبي: أنا فاقد الثقة بالنفس. بالتالي سوف تتأثر قدراتنا حسب معتقداتنا... بالمثال السلبي: ليست لدي القدرة على التصرف بكل ثقة، فأنا لا أعرف كيف أتصرف، (وهذا نتيجة الإعتقاد بفقدان الثقة بالنفس). أما بالمثال الإيجابي: ستكون لدي القدرة للتصرف بكل ثقة، وأعرف كيف أطبق هذا المعتقد، (بالتالي لدي القدرة). وسوف تنعكس هذه القدرة أيضا على الأفعال، حيث إنها تترجَم إلى إشارات عصبية في الجهاز العصبي، فتكوِّن أفعالاً على قدر قدراتك فقط. والمسألة سهلة الحل، إذ ليس عليك أختي الفاضلة إلا أن تجلسي معه بين الحين والآخر، وتغرسي فيه الشعارات الآتية: ـ تحدث براحة وبكل صراحة: لتكن طبيعيا، واجعل الكلمات تخرج من فمك بطريقه عفوية، لأن الأصل في الناس الذين تخاطبهم أنهم يتمنون لك النجاح. ـ ثق بنفسك ولا تخف لأن الخوف يخلخل الثقة. ـ سجل الانجازات في دفترك الخاص: حاولي أن تذكريه بإنجازاته، وأنه إنسان مميّز عن غيره في كثير من الأشياء، وهذا ما يجعل ثقتك به عالية، وهذا مايجعل قراراته صائبة دوماً. ـ علميه أن لا ييأسَ على ما فاته، وأن يخطط لحياته، شجعيه على أن لا يعيش ماضيه المؤلم، وأن يدع الماضي وينساه، ثم ينطلق نحو مستقبله. - حاولي أن تضعي له بعض الأسئلة المغلقة التي لاتحتمل إلا (نعم ) أو (لا)، كي تعززي فيه اتخاذ القرارت، بشرط أن تكون الأمور التي سيتخذ بها قراراً غيرَ مصيرية، كي يسهل عليه اتخاذ القرار. ابدئي أختي الفاضلة برسم الخط الإيجابي من جديد لحياة زوجك، واملئيها بالتفاؤل، فالدوافع النبيلة أكثر استيقاظاً في الإنسان الخيِّر. وإذا كان الأمر كذلك، فإن التوسل بالدوافع النبيلة والخيّرة في الناس ومخاطبتها، طريقة للتعامل الحكيم معهم، وجذبهم، والتأثير فيهم. فمثلاً إذا قلت لشخص ما: إنني أثق بك، وأصدق وعودَك، فإنه حتى لو كان ممن ليس كذلك، لا بد أنه سيحاول أن يحتفظ بتلك الصورة التي ارتسمت عندك عنه. وكما يقال: حينما تبني للإنسان قصراً من الزجاج في قلبك، فلن يحاول أن يرميه بحجر. وحينما تطلب من إنسان القيام بعمل، وتبدأ طلبك بأن تقول له: إنني أتوسم فيك الخير، وإني لواثقٌ من أنك لن ترد طلبي، فإنه سيقوم بالعمل لك. ولن يردك خائباً. وما من انسان إلا ويحب الخير في قرارة قلبه، والتعامل معه على هذا الأساس، لا بد وأن يثير الرغبة فيه فعلاً، وتتجه كل خلية من خلاياه نحو العمل الصالح. وأخيراً خاطبيه بكل ثقة وقولي له: ـ اطلبي منه أن يجلس مع نفسه ويصارحها، ويثق بأنه قادر يوماً بعد يوم، .... عليه أن يعلم بأنه إنسان منتج، وأنه لم يخلق عبثاً .... فالله عندما خلقنا لم يخلقنا عبثاً .... أفهميه أن له هدف وغاية سيؤديها في هذه الحياة، وله ابنة وأسرة ينتظرون منه الكثير، ويأملون فيه الخير الوفير. فامنحيه الثقة كي يملأ قلبه بالتفاؤل، وقولي له إنك إنسان تستحق أن تكون مميزاً في كل شيء. وفقك الله.