اعتبر الدكتور سعيد شبار أستاذ الفكر الإسلامي والحضارة، والعقيدة والأديان المقارنة، بجامعة السلطان مولاي سليمان، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، بني ملال أن دوائر الاجتهاد والتجديد متعددة وليست واحدة، لكن تاريخيا تم إهمال دائرتين كبيرتين هما: دائرة العلوم الإنسانية ودائرة العلوم الطبيعية والكونية، وكان التركيز على دائرة العلوم الشرعية المحضة، وكأن الدائرتين الأوليين لا علاقة لهما بالشرع، حيث تم اختزال مفهومي الاجتهاد والتجديد في اصطلاح فني مدرسي ينتمي إلى علم الأصول والفقه متعلقا باستنباط الأحكام التكليفية الجزئية. ولئن كان هذا الأمر مسلما به في هذا المجال فإن دلالة المفهومين تمتد إلى النظر في آيات الآفاق والأنفس، وما يلزم فيهما من علوم مؤسسة لحضارة الأمة في هذا الاتجاه. والكل يفقه عن الله تعالى في آياته النصية والإنسانية والكونية. وأكد الدكتور شبار في حوار حي أجرته الرابطة المحمدية للعلماء أول أمس الأربعاء، أنه بالرغم من كون التجديد مطلب أساسي ومجالاته واسعة ويتطلب انخراط فعاليات كثيرة فيه؛ يبقى الشرط العلمي محددا أساسيا في التحقق بهذه الصفة، أما من يتطاول عليه بدون هذا الشرط فإن الاجتهادات الأخرى المتحققة به سيكون لها الدور الحاسم في دفعه إلى الظل والهامش. لكن لا ينبغي بحسبه أن يمنع التجديد أصلا بدعوى عدم الأهلية فهذا تعميم غير سليم. وحول كون التجديد والاجتهاد في الفكر الإسلامي ليس سوى رد فعل لما حققته الحضارة الغربية من تقدم خاصة على المستوى الحقوقي والاجتماعي، أشار الدكتور شبار إلى أنه أمام ضغط الفكر الغربي الحديث بمختلف تياراته وقضاياه، تكون الاستجابة أحيانا بالاستناد إلى مفاهيم أصيلة وذات وظيفة إجرائية، لكن لا يتعامل معها إلا بما يلبي حاجة هذا التحدي ويدفع التهمة التي يلصقها بالفكر الإسلامي، فكان الحديث عن الشورى والديمقراطية والاجتهاد والتجديد، والنهضة والتحديث، والوسطية والاعتدال، وغيرها حديثا لا يراعي البعد البنائي التأسيسي لهذه المفاهيم من داخل إطارها المرجعي الذي يزودها بالأصالة والاستيعاب، بقدر ما يراعي الإجابة السريعة عن التحدي وضروراته الظرفية، والمطلوب هو تجاوز هذا النوع من التعاطي مع مفاهيم كلية مؤسسة داخل الثقافة الإسلامية. فهو أشبه ما يكون بالسجال الإعلامي والسياسي وأبعد ما يكون عن البحث العلمي والمعرفي.