ثمة تطور ذي طبيعة استراتيجية في مسار نزاع الصحراء المغربية، أدى لنقل الضغط الأممي والدولي الجاثم على المغرب إلى جبهة البوليساريو والجزائر، ليصبح كل منهما مطالبا بالتفاعل إيجابا مع القرار الأممي ,1813 وخاصة دعوته للواقعية والتوافق في المفاوضات القادمة حول القضية، وبعدها دعوة السفير الأمريكي بنيويورك للبوليساريو بالشروع في مفاوضات مع المغرب على أساس هذه التفاصيل أو تقديم مقترحه الخاص الشامل للحكم الذاتي الملاحظ أن الأطراف المباشرة لم تتقدم نحو اعتماد أي لغة تصعيدية ضد القرار خاصة من حيث إشارته إلى تجديد الدعم للمبعوث الشخصي فان فالسوم والذي استهدف بحملة شرسة من قبل الجزائر والبولساريو ، وهو موقف يفسر بكون ما شهدته مداولات مجلس الأمن كشفت أن ما صرح به فالسوم ليس مجرد راي شخصي بل موقف تسانده الدول الكبرى، وهو ما جعل قرار مجلس الأمن يشير بوضوح إلى لفظة الواقعية وهي التي أثارت جدلا بسبب من إحالتها على تصريح فالسوم الذي اعتبر أن خيار الاستقلال خيار غير واقعي، ثم جاءت أمريكا وفرنسا لتقدم تصريحات تتجاوز فيه مجرد وصف مقترح الحكم الذاتي بالحل الجدي إلى التصريح بأن حكما ذاتيا تحت السيادة المغربية هو الحل الوحيد الممكن، وهذا اعتراف غير مباشر بالسيادة المغربية، مما يمثل التزما يقيد حركة أية إدارة أمريكية قادمة بعد انتخابات نونبر المقبل. ماذا يعني كل ذلك؟ المؤكد أن الطرف الآخر في مأزق والموقف الرسمي المغربي لا يرغب في تعميقه وعيا منه بأن أي حل فعلي يقوم على مشاركة الجزائر في إيجاد مخرج للنزاع، وهو موقف استراتيجي يركز على ضرورة صيانة ما تحقق وعدم هدره في مواقف غير محسوبة، إلا أنه في الوقت نفسه يحتاج المغرب إلى الانتباه لطبيعة المسار العدائي الذي انخرطت فيه جنوب إفريقيا، والذي لا يمكن تفسيره بمجرد الإحالة على الموقف الجزائري، خاصة بعد تمكنها من تشكيل تحالف ضم إلى جانبها كوستاريكا وبنما مما أعاق التصويت على مسودة القرار في الاجتماع الأول من مجلس الأمن الثلاثاء الماضي، كما طرحوا موضوع حقوق الإنسان بالصحراء ليكون جزءا من القرار لكن تم إلغاءه، وفي الوقت نفسه الاستعداد لطرح مشروع فعال لفك العلاقة بين موضوع اللاجئين والصحراويين بمخيمات تندوف وبين موضوع الحل النهائي، واستثمار توجه مجلس الأمن نحو الانشغال بموضوع ظروف العيش بالمخيمات من أجل ذلك، وفق ما شهدته التجربة الفلسطينية في عملية التسوية، وما عرفته من تنظيم لعمليات عودة جزئية وتدريجية للاجئين في فترات من التسعينيات، ونعتبر أن مثل هذا المسار يتطلب تطويرا جذريا لعمل المجلس الملكي للشؤون الصحراوية، كما يقتضي الانكباب على تسريع مدى الزيارات العائلية والانخراط في عملية إحصاء للصحراويين بالمخيمات، وهي عناصر حاسمة في مساعدة الطرف الآخر للتحول نحو مبدأ الحل الوسط، وكل ذلك في انتظار الجولة الخامسة.