انها زيارة عقود تجارية وصفقات سياسية وتجاهل للمبادئ، هكذا يصف العديد من المراقبين زيارة الدولة التي يقوم بها الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي منذ الاثنين لتونس والتي تستمر ثلاثة أيام، خاصة بعد ان أشاد خلالها بما سماه جهود تونس في مجال حقوق الانسان. وهكذا تكون مخاوف العديد من المدافعين عن حقوق الانسان في تجاهل الرئيس الفرنسي لخرق سلطات تونس لحقوق الانسان مقابل عقود تجارية قد تجسدت. وهكذا تم توقيع اتفاقات وعقود تجارية ضخمة بمئات الملايين من الدولارات، واعلن مصدر في الرئاسة الفرنسية ان شركة الطيران التونسية تونس اير وشركة ايرباص الاوروبية وقعتا اتفاقا مبدئيا لشراء 13 طائرة بقيمة مليار يورو. وقال المصدر ان هذا الاتفاق يتعلق بطلب نهائي لشراء عشر طائرات من طراز اي 320 وثلاث طائرات من طراز اي 350 مع خيارات حول طائرتين من طراز اي 320 وطائرة واحدة من طراز اي 350 اضافية. واوضح المصدر ايضا ان الدولة التونسية اوكلت الى شركة الستوم بناء معمل حراري في الغنوش بقيمة تصل الى حوالى 360 مليون يورو. وبالاضافة الى ذلك، تم التوقيع على اتفاق اطار في المجال النووي المدني شبيه بالاتفاقات التي وقعتها فرنسا بالاحرف الاولى خلال الاشهر الماضية مع ليبيا والامارات العربية المتحدة والهند. ويفتح هذا الاتفاق الطريق امام عمليات بيع محتملة لمفاعلات نووية بتكنولوجيا فرنسيا لتونس ولكن ليس قبل 10 او 15 سنة، حسب الاليزيه. كما وقع البلدان اتفاقا اطلق عليه اسم ادارة متفق عليها لتدفق المهاجرين. بالاضافة الى الشق المتعلق بقمع الهجرة غير الشرعية، سيفتح هذا الاتفاق سوق العمل الفرنسي امام العمال التونسيين وكذلك تسهيل حركة مرور الاشخاص بين البلدين خصوصا من خلال اعطاء عدد كبير من تأشيرات الدخول الفرنسية لما بين عام وخمسة اعوام. وكان الرئيس الفرنسي قد قام بعد الاستقبال الرسمي بمطار تونسقرطاج الدولي، بجولة في العاصمة التونسية التي اكتست أبهى حلل الزينة ووشحت بأعلام البلدين واللافتات المتضمنة عبارات الحفاوة والترحيب بالرئيس الفرنسي. وجدد الرئيس التونسي دعمه للمشروع الفرنسي الاتحاد من اجل المتوسط الذي ستطلقه في13 يوليو دول الاتحاد الاوروبي ال27 وجيرانها في الجنوب معربا عن الامل في ان تستضيف تونس مقر امانته العامة. ومن ناحيته، اشاد ساركوزي بالجهود التي تبذلها تونس على طريق الدفاع عن حقوق الانسان معتبرا ان فضاء الحريات يتقدم. وقال اليوم، فضاء الحريات يتقدم. انها اشارات مشجعة اريد ان اشيد بها. واوضح ان هذه الاشارات وهذه الاصلاحات تندرج في اطار مسار ضيق وصعب لكنه اساسي، وهو مسار الحريات واحترام الافراد. هذا المسار لا يستطيع اي بلد ان يدعي انه اجتازه بشكل كامل. كما اشاد الرئيس الفرنسي بالحرب التي يشنها نظيره التونسي على ما يسميه الارهاب. وقال اريد ايضا ان اشيد، السيد رئيس الجمهورية، بحربكم الحازمة على الارهاب، هذا العدو الحقيقي للديموقراطية. واضاف ثقوا جيدا ان الحرب على الارهاب التي تشنونها هنا هي بالنسبة لفرنسا مهمة جدا. لانه من يتخيل انه في حال قام غدا او بعد غد نظام من نوع طالبان في احد بلدانكم بشمال افريقيا ان اوروبا وفرنسا ستكونان في امان؟. وتتهم المنظمات غير الحكومية التونسية التي تدافع عن حقوق الانسان نظام الرئيس بن علي الذي يحكم تونس منذ عشرين عاما بتبرير عدد من انتهاكات حقوق الانسان بداعي التصدي للارهاب. وبعد ان اعربت عن خيبتها لعدم استقبالها من قبل وفد نيكولا ساركوزي خلال زيارته لتونس في يوليو 2007 اعلنت المنظمات غير الحكومية التونسية انها تنتظر اشارة قوية من الرئيس الفرنسي حول هذه المسألة التي وعد بان تكون احدى اولويات سياسته الخارجية.