يؤشر موقف المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة والمكلف بالصحراء فالسوم تعبيرا عن تحول نوعي في القضية يتجاوز أن يكون انتصار مغربي، إن لم نقل أنه يتقدم على مشروع الحكم الذاتي الذي سبق للمغرب أن تقدم به منذ حوالي السنة، حيث كان موقفه صريحا في القول بعدم واقعية طرح البوليساريو للاستقلال، وأن الحل ينبغي أن يتجه للجمع بين الشرعية الدولية والواقع السياسي، وأن استمرار المأزق الحالي للقضية يرتبط بكون مصالح الدول مع كل من الجزائر أو المغرب جعلت قضية النزاع رهينة لهذه الحسابات تجاه كل من الجزائر أو المغرب، وهي مواقف كانت مفاجأة وغير متوقعة بشكل كبير. لقد أثارت هذه المواقف سيلا من التحليلات ركزت على أن التصريحات وضعت الكرة في الملعب الجزائري وأن البوليساريو ستكون مطالبة بأخذ هذا التطور النوعي بشكل جدي، وهو الشيء الذي لم يكن حيث استقوت في ذلك بوجود رئاسة مجلس الأمن بيد جنوب إفريقيا والتي ذهبت حد المطالبة بصياغة تقرير ثان تسحب منه آراء فالسوم، كما جرى الحديث من قبل البوليساريو عن أن فالسوم وقع بتقريره ذلك قرار استقالته، وهو ما يعني أن الطرف الآخر لم يستوعب الدرس جيدا، مختزلا الموضوع في مجرد آراء شخصية سينتهي أثرها بإنهاء مهمة فالسوم كمبعوث شخصي للأمين العام. الواقع أن فالسوم اختار نهاية مشرفة لمساره، ليس فقط بقوله الحقيقة للبولساريو أو للجزائر، وإنما بوضع مجلس الأمن أمام مسؤوليته وهي أن العبث الذي عرفته الجولات الأربع من المفاوضات تتحمل فيه الأممالمتحدة قسطها الوازن من المسؤولية هذا من جهة، وأن الدول الكبرى والمعنية بالقضية هي الأخرى متواطئة حول عدم دفع القضية نحو الحل المطلوب، وذلك حفاظا على مصالحها عند كل من الجزائر والمغرب، هذا من جهة أخرى. من هنا فاستقالة أو إقالة فالسوم ليست بذات قيمة مادام قد رفض أن يكون مجرد شاهد زور في مسرحية مفاوضات عاجزة عن مناقشة جوهر الموضوع، وفاقدة للأثر في دفع مسلسل تسوية النزاع. كيف حصل هذا التحول؟ تقف هنا عناصر أساسية، منها جدية المقترح المغربي حول الحكم الذاتي، ومواقف عدد من الدول المؤيدة له، وجمود الطرف الآخر، وهي العناصر التي نجد أن المضي فيها بالنسبة إلى المغرب شرط لاحتواء كل ضغط خارجي تسببه القضية والتأسيس لمرحلة جديدة.