اعترف المستشار الملكي مزيان بلفقيه بأن الأثر النوعي للإنجازات التي تمت في مجال إصلاح التعليم لم يلمس لحد الآن في الفضاءات التعليمية بسبب عدم تمكن المنظومة من تجاوز بعض اختلالاتها البنيوية لاسيما بالنظر إلى النسب المرتفعة للهدر المدرسي والتكرار وضعف جودة بعض التعلمات كالتحكم اللغوي وامتلاك المهارات في المواد العلمية. وقدم التقرير السنوي الأول للمجلس الأعلى للتعليم، والذي تضمن الحالة الراهنة للمنظومة الوطنية للتربية والتكوين وآفاقها بين يدي الملك محمد السادس، الأربعاء الماضي، بقاعة العرش بالقصر الملكي بالرباط. وفي كلمته، قال مزيان بلفقيه إن المجلس الأعلى للتعليم، بكل مكوناته التمثيلية والتخصصية، يتوخى أن يشكل هذا التقرير مساهمة موضوعية، بدعم علمي من الهيئة الوطنية للتقويم لدى المجلس، في تشخيص واقع المدرسة المغربية واقتراح مداخل العمل الكفيلة بتأهيلها ولاسيما في المحطة الحاسمة التي تجتازها اليوم في مسار إصلاحها. وأكد مستشار الملك في التعليم أنه تم قطع أشواط مهمة في تفعيل العشرية الوطنية للتربية والتكوين، وتم بذل جهود صادقة ومتوالية وفتح أوراش مختلفة في هذا الميدان الصعب كما تم إرساء اللبنات المؤسساتية والتدبيرية والبيداغوجية الجديدة للمنظومة التربوية. وأكد بلفقيه أنه تم الاقتراب من تحقيق تعميم التعليم بنسبة بلغت94 في المائة في الابتدائي مع تقلص فوارق التمدرس بين الوسطين القروي والحضري وبين الإناث والذكور، مشيرا إلى أن أزيد من ستة ملايين ونصف من المتعلمين يوجدون اليوم في المنظومة التربوية وذلك بزيادة مليون طفل مقارنة مع سنة2000 . وأضاف أن التقرير، وإسهاما في المخطط الاستعجالي الذي دعا الملك الحكومة بمناسبة افتتاح الدورة التشريعية الحالية إلى بلورته بتنسيق مع المجلس الأعلى للتعليم، يقترح، بالنسبة للأفق المنظور، ثلاثة أوراش نوعية بمبادئ موجهة جديدة كفيلة بتحقيق أثر أقوى وأكثر استدامة للإصلاح. وأوضح أن لورش الأول يتمثل في التفعيل الحقيقي للتعليم الإلزامي باعتبار المدرسة المكان الطبيعي والضروري لجميع الأطفال المغاربة البالغين سن التمدرس إلى غاية استيفائهم الخامسة عشر من العمر دون ميز اجتماعي أو جهوي أو مجالي وذلك بتركيز الجهود في السلك الابتدائي على ترسيخ المعارف والكفايات الأساسية والتصدي الحازم للهدر المدرسي، وفي السلك الإعدادي على توسيع العرض التربوي وتعزيز التأطير، وفي التعليم الأولي على تعميمه بمقومات الجودة في اتجاه تفعيل أفضل لتكافؤ الفرص. أما الورش الثاني، فيهمّ التعليم ما بعد الإلزامي ويهدف إلى إعطاء فرص متساوية لكل الشباب المغاربة من أجل تحقيق ذاتهم والتعبير عن قدراتهم وإمكاناتهم وإظهار نبوغهم سواء في الثانوي التأهيلي والتكوين المهني أو في الجامعة التي تعد الفضاء الأمثل لحفز الذكاء الجماعي والابتكار العلمي والإبداع الثقافي وتجديد النخب. وبيّن المستشار أن الورش الثالث يهم القضايا الملحة للمنظومة التي تستدعي الجرأة والحسم في إيجاد الحلول العاجلة والملائمة لها ويتعلق الأمر أساسا برد الاعتبار اللازم لمهنة التدريس وتجديدها والرفع من كفايات التحكم اللغوي وترسيخ الحكامة الناجعة والمسؤولة وتأهيل نظام التوجيه وملاءمته مع المتطلبات التنموية للبلاد. هذا ويذكر أن منظومة التعليم بالمغرب عرفت عدة انتقادات كان أهمها ما جاء في تقرير للبنك الدولي.