جاء في افتتاحية كتبها جورج مالبرينو في عدد لوفيغارو الباريسية ليوم الجمعة الماضي، الخامس عشر من فيراير,2008 ووزير الخارجية الفرنسي يستعد لزيارة المنطقة؛ تحليل يؤكد فشل الاستراتيجية التي اتبعها الأوروبيون لعزل حماس. لقد صمدت حماس لدرجة أفشلت استراتيجية دفعها إلى العزلة. هذا ما يعترف به طوني بلير في قرارة نفسه، ويكاد يصرح به بشكل غير مباشر. أما بيرنار كوشنير وزير الخارجية الفرنسي فقد قالها صراحة قبيل مغادرته باريس للقيام بزيارة للمنطقة في نهاية الأسبوع الأخير:طبعا يجب التحاور مع حماس. قبل سنة عندما استولت حماس على قطاع غزة وضع الأوروبيون سقف الشروط عاليا جدا، بتسطيرهم على ثلاثة شروط على حماس حتى يقبلوا التحاور معها. 1)التوقف عن العمليات الإرهابية-بمعنى التخلي عن المقاومة-.2)الإعتراف ب(إسرائيل).3) الإقرار بالاتفاقيات الموقعة بين هذه الأخيرة والسلطة الفلسطينية. وبعد حصار لا إنساني.بل إجرامي في حق شعب وحركة ترفض الانصياع. لم تتزحزح حماس عن مبادئها؛ ولا مواقفها قيد أنملة. واليوم وقبل أن يغادر وزير الخارجية الفرنسي باريس في إطار جولة بالمنطقة. أكد على ضرورة الحوار مع حماس كما هي ودون شروط. واعترف مستشار للرئيس الفرنسي من جهته. بالخطإ قائلا: لقد اخطأنا من دون شك عندما وضعنا تلك الشروط الثلاثة للقبول بالحوار مع حماس. لقد كان الأوروبيون كما الأمريكيون من قبلهم وهم يضعون تلك الشروط كمن يطلب من محاوره أن يتخلى عن جميع أوراقه قبل أن يدخل المفاوضات. أي أن يأتي وقد تنازل عن كل شيء. واليوم أصبح المشترِطون يضعون على أنفسهم السؤال الذي طالما تفادوه في صلف: هل ينبغي علينا أن نتحاور مع الإسلاميين للخروج من المأزق؟. ويجيب بيرنار كوشنر حاسما: طبعا يجب التحاور مع حماس. وهكذا؛ وبعد أن كان الرئيس ساركوزي يعلن بأعلى صوته:لن نتحاور مع أناس يقتلون. وبعد أن كان معارضو أي اعتراف بحماس من خلال الحوار معها يؤكدون أنه :من المستحيل التحاور مع حركة يدعو ميثاقها إلى تدمير دولة(إسرائل)؛ انتهى الجميع إلى أن حماس رقم لا مجال لتجاوزه. فالرئيس ساركوزي الذي سبق أن وصف حماس بكونها جماعة من أناس يقتلون كان يعرف جيدا أن حماس لم يسبق لها أبدا أن صدَّرت معركتها خارج أرض فلسطينالمحتلة؛ فهي حركة مقاومة للاحتلال، وفقط. وهذا ما دفع بفرنسا نفسها خلال فترة حكم جاك شيراك إلى أن ترفض إدراج حماس في لائحة المنظمات الإرهابية. وطبعا فإن أكبر المعترضين على أي اتصال بين الأوروبيين وخصومه الفلسطينيين في حماس هو الرئيس محمود عباس. لأن في ذلك تخلٍّ عن دعمه في دفع حماس لتتخلى له عن غزة، وتسفيه لشرطه الذى لا زال يردده في كل مرة: مرحبا بالحوار مع حماس شرط أن تتراجع عن انقلابها على الشرعية. وكأن حماس لم تأت إلى الحكومة بشرعية ما يقارب الثمانين في المائة من أصوات الفلسطينيين. فرنسا وبريطانيا ومعهما الأوروبيون الآخرون توصلوا أخيرا إلى أن أول خطوة في الطريق الصحيح لن تكون إلا بالحوار الفلسطيني-الفلسطيني.وأن على عباس أن يتخلى عن شرطه الذي لن تعيره حماس أي اهتمام بعد أن أفشلت شروط الأوروبيين الثلاثة رغم الضغوط.