نشرة إنذارية.. تساقطات ثلجية مرتقبة على المرتفعات التي تتجاوز 1500 متر    إياب ساخن في البطولة تبدأ أطواره وسط صراع محتدم على اللقب وتجنب الهبوط    كافي: يجب مناقشة التعديلات المقترحة على قانون مدونة الأسرة بعيدا عن التعصب لرأي فقهي    هذا نصيب إقليم الناظور من البرنامج الاستعجالي لتعزيز البنيات التحتية بجهة الشرق    المنتخب المغربي يشارك في البطولة العربية للكراطي بالأردن    الدحمي خطاري – القلب النابض لفريق مستقبل المرسى    رأس السنة الجديدة.. أبناك المغرب تفتح أبوابها استثنائيًا في عطلة نهاية الأسبوع    مديرية الضرائب تفتح شبابيكها نهاية الأسبوع لتمكين الأشخاص الذاتيين المعنيين من التسوية الطوعية لوضعيتهم الجبائية    غياب الطبيب النفسي المختص بمستشفى الجديدة يصل إلى قبة البرلمان    بيت الشعر ينعى الشاعر محمد عنيبة الحمري    العام الثقافي قطر – المغرب 2024 : عام استثنائي من التبادل الثقافي والشراكات الاستراتيجية    استخدام السلاح الوظيفي لردع شقيقين بأصيلة    إسرائيل تغتال 5 صحفيين فلسطينيين بالنصيرات    اكتشاف جثة امرأة بأحد ملاعب كأس العالم 2030 يثير الجدل    توقعات أحوال الطقس ليوم الخميس    الكونفدرالية الديمقراطية للشغل تصعد رفضها لمشروع قانون الإضراب    تعاونيات جمع وتسويق الحليب بدكالة تدق ناقوس الخطر.. أزيد من 80 ألف لتر من الحليب في اليوم معرضة للإتلاف    كندا ستصبح ولايتنا ال51.. ترامب يوجه رسالة تهنئة غريبة بمناسبة عيد الميلاد    "التجديد الطلابي" تطالب برفع قيمة المنحة وتعميمها    "الاتحاد المغربي للشغل": الخفض من عدد الإضرابات يتطلب معالجة أسباب اندلاعها وليس سن قانون تكبيلي    أسعار الذهب ترتفع وسط ضعف الدولار    صناعة الطيران: حوار مع مديرة صناعات الطيران والسكك الحديدية والسفن والطاقات المتجددة    بلعمري يكشف ما يقع داخل الرجاء: "ما يمكنش تزرع الشوك في الأرض وتسنا العسل"    "ال‬حسنية" تتجنب الانتقالات الشتوية    أسعار النفط ترتفع بدعم من تعهد الصين بتكثيف الإنفاق المالي العام المقبل    طنجة تتحضر للتظاهرات الكبرى تحت إشراف الوالي التازي: تصميم هندسي مبتكر لمدخل المدينة لتعزيز الإنسيابية والسلامة المرورية    الارتفاع يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    حلقة هذا الأسبوع من برنامج "ديرها غا زوينة.." تبث غدا الجمعة على الساعة العاشرة    الحبس موقوف التنفيذ لمحتجين في سلا    تدابير للإقلاع عن التدخين .. فهم السلوك وبدائل النيكوتين    وكالة بيت مال القدس واصلت عملها الميداني وأنجزت البرامج والمشاريع الملتزم بها رغم الصعوبات الأمنية    مقتل 14 شرطيا في كمين بسوريا نصبته قوات موالية للنظام السابق    سنة 2024 .. مبادرات متجددة للنهوض بالشأن الثقافي وتكريس الإشعاع الدولي للمملكة    الممثل هيو جرانت يصاب بنوبات هلع أثناء تصوير الأفلام    الثورة السورية والحكم العطائية..    اعتقال طالب آخر بتازة على خلفية احتجاجات "النقل الحضري"    كيوسك الخميس | مشاهير العالم يتدفقون على مراكش للاحتفال بالسنة الميلادية الجديدة    الإعلام الروسي: المغرب شريك استراتيجي ومرشح قوي للانضمام لمجموعة بريكس    الضرورات ‬القصوى ‬تقتضي ‬تحيين ‬الاستراتيجية ‬الوطنية ‬لتدبير ‬المخاطر    "البام" يدعو إلى اجتماع الأغلبية لتباحث الإسراع في تنزيل خلاصات جلسة العمل حول مراجعة مدونة الأسرة    مباراة ألمانيا وإسبانيا في أمم أوروبا الأكثر مشاهدة في عام 2024    "أرني ابتسامتك".. قصة مصورة لمواجهة التنمر بالوسط المدرسي    المسرحي والروائي "أنس العاقل" يحاور "العلم" عن آخر أعماله    الصين: أعلى هيئة تشريعية بالبلاد تعقد دورتها السنوية في 5 مارس المقبل    جمعيات التراث الأثري وفرق برلمانية يواصلون جهودهم لتعزيز الحماية القانونية لمواقع الفنون الصخرية والمعالم الأثرية بالمغرب    مصطفى غيات في ذمة الله تعالى    جامعيون يناقشون مضامين كتاب "الحرية النسائية في تاريخ المغرب الراهن"    التوجه نحو ابتكار "الروبوتات البشرية".. عندما تتجاوز الآلة حدود التكنولوجيا    هل نحن أمام كوفيد 19 جديد ؟ .. مرض غامض يقتل 143 شخصاً في أقل من شهر    الوزير قيوح يدشن منصة لوجيستيكية من الجيل الجديد بالدار البيضاء    دراسة تكشف آلية جديدة لاختزان الذكريات في العقل البشري    برلماني يكشف "تفشي" الإصابة بداء بوحمرون في عمالة الفنيدق منتظرا "إجراءات حكومية مستعجلة"    نسخ معدلة من فطائر "مينس باي" الميلادية تخسر الرهان    طبيب يبرز عوامل تفشي "بوحمرون" وينبه لمخاطر الإصابة به    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأستاذ مصطفى الرميد يروي لـ"التجديد".. لماذا رفـض أن يكون من مؤسسي العدل والإحسان؟ -3
نشر في التجديد يوم 18 - 02 - 2008


في الجزء الثالث والأخير من هذا الحوار يكشف مصطفى الرميد عن طبيعة العلاقة التي كانت تجمعه بالأستاذ عبد السلام ياسين وكيف عرض ياسين عليه أن يكون من المؤسسين للجماعة بالبيضاء، كما يميط اللثام عن تجربته الإعلامية من خلال جريدة السبيل ثم الصحوة ويكشف تفاصيل اللقاءات التي كانت بينه وبين وزير الداخلية إدريس البصري حول ملف الاعتراف بالحركة الإسلامية وتمتيعها بحقها الدستوري في تأسيس حزب سياسي وما قصة العلاقة مع الأستاذ عبد السلام ياسين؟ بقيت أتردد عليه ما بين سنة 1980و1981و1982 بمراكش إلى أن حضر المرحوم محمد البشيري عندي يوم أحد، وقد كان انتقل من مراكش إلى البيضاء، وطلب مني أن أسافر في صباح الغد إلى الأستاذ عبد السلام ياسين لأمر هام ومستعجل. وهل سافرت إليه؟ نعم، سافرت إليه، وبدأ يتحدث إلي بخصوص العلاقة الوطيدة بيني وبين مجموعته التي كانت تعتبرني واحدا منها، وأخبرني في هذا اللقاء أنه يعتزم تأسيس جماعة إسلامية بعد أن يئس من توحيد الجماعات الإسلامية القائمة على اعتبار أنه قبل هذه المرحلة كان لا يريد تأسيس جماعة خاصة به، وإنما كان يسعى لتوحيد الجماعات الإسلامية المتواجدة في الساحة آنئذ، وكنا في هذا السياق نرتب له لقاءات في الدار البيضاء، وكان من أهمهما اللقاءات التي تواصل فيها مع الأستاذ عبد الله إبراهيم والأستاذ المحجوب بن الصديق، وكان الذي توسط في عقد هذه اللقاءات هو الأخ إبراهيم أبو الهلال. وأذكر أن هذه اللقاءات كانت في شهر رمضان المبارك، وكانت تستغرق الليل كله، وأذكر أنها كانت حوالي ثلاث لقاءات، وهل عرض عليك الأستاذ عبد السلام ياسين مساعدته في تأسيس هذه الجماعة؟ أكد لي أنه يئس من إمكانية توحيد الجماعات الإسلامية العاملة في الساحة المغربية، وعرض علي أن أكون أحد المؤسسين، فطلبت منه مهلة للتفكير، ووجدت نفسي بين يدي رجل أكن له الاحترام الذي لا حدود له بحكم أني ما من ليلة كنت أبيت معه فيها في مراكش إلا واسمعه تاليا للقرآن ذاكرا لله عز وجل متهجدا بالليل، وما من يوم قضيته معه إلا وكان فيه صائما متعبدا، فشعرت بصعوبة الموقف خاصة واني أمام رجل من نوع خاص، إذ كنت أستحيي منه ولا أقوى على مناقشته، هذا في الوقت الذي كنت أتفق معه حول العديد من الآراء كما كنت أخالفه في بعضها. وما الموقف الذي انتهيت إليه؟ وكيف كان ردك على عرضه؟ نظرا لتجربتي في الشبيبة الإسلامية، فإنني لم أكن مستعدا لإعادة نفس التجربة. ولذلك، لم أتصل به، ولم أخبره بموقفي النهائي على اعتبار أن عدم الاتصال في حد ذاته يعتبر موقفا لا يمكن لأستاذ في حجم عبد السلام ياسين إلا أن يفهم دلالاته. وهل بقيت إسلاميا مستقلا؟ كنت ربطت في هذه الفترة الصلة بإخوة جمعية جماعة الدعوة الإسلامية بفاس، وأخص بالذكر الأستاذ الشاهد البوشيخي، وقد كانت له قدرة كبيرة على الإقناع، كما كنت على اتصال أيضا بالإخوة في الجمعية الإسلامية بالقصر الكبير من خلال الأستاذ محمد الدكالي، وإخوة جماعة التبين من خلال الأستاذ عبد الرزاق المروري رحمه الله وإخوة آخرين. لكني ارتأيت أن أمارس الدعوة من خلال فضاءات جديدة. ماذا تقصد بذلك؟ في هذه الفترة طلب مني ساكنة حي مطار أنفا، وكان أغلبهم يحضر إلى الحي الجامعي ويصلون الجمعة بمسجده، أن القي خطبة الجمعة بمسجد المطار، فحصلت على رخصة إلقاء الخطبة، وبدأت هذه المهمة الدعوية من جديد، وآثرت أن أبقي على علاقاتي الأخوية مع الجميع دون أن ألزم نفسي بالانتماء إلى أي تنظيم، فاخترت أن أمارس العمل الدعوي العام من خلال المساجد، وبقيت في هذه المهمة حوالي سنتين إلى أن قام ناضر الأوقاف بالدار البيضاء (الجاي) بإيقافي عن إلقاء الخطبة بإيعاز من رجال الاستخبارات. وهل غادرت هذه المهمة الدعوية؟ لم أغادرها، إذ بعد مرور حوالي سنتين، أي حوالي سنة 1986, استطعت أن أحصل على ترخيص لإلقاء الدروس بمسجد بحي سباتة (حي خالد) وأيضا بدرب مولاي الشريف، فبدأت ألقي درسين أسبوعيا يومي السبت والأحد، واستمر ذلك إلى غاية سنة 1990, إذ توقفت عن إلقاء الدرس، وتركت هذه المهمة، وتفرغت إلى العمل الإعلامي والعمل الثقافي، حيث أصدرت جريدة السبيل ثم الصحوة بعدها، كما بدأت ألقي المحاضرات في العديد من مدن المغرب. وكيف كان مآل الإخوة المستقلين الذين ربطت بهم الصلة بالجامعة؟ استفدت من تجربتي الدعوية، واقتنعت بأنه ليس هناك جماعة يمكن لها أن تحتكر الصواب أو الحق، وأن التعاون بين مكونات الساحة الإسلامية فضيلة كبيرة، ولذلك أوصيت الإخوة الذين كانوا على صلة بي، أن يلتحقوا بالجماعة العاملة في المدينة التي تعينوا فيها، وقلت لهم بالحرف: إذا التحق أحدكم بإحدى المناطق، ووجد إخوة من إحدى الجماعات الإسلامية فالصواب أن يلتحق بتلك الجماعة الموجودة وألا يعمل على شق الصف من خلال تأسيس جماعة غير موجودة بغض النظر عن الاختلافات والاختيارات وهل التزموا بهذه التوصية؟ نعم، فمن الإخوة من التزم مع الجماعة الإسلامية كالأخ سعيد شبار، ومنهم من التحق بجماعة العدل والإحسان وصار من قياداتها كالأخ أيت عمي، ومنهم من التحق بجماعة التبين، ومنهم من اختار الانتماء إلى جمعية جماعة الدعوة الإسلامية بفاس، ومنهم من انعطف إلى الطلائع.... وكيف جاءت فكرة التوجه إلى الواجهة الإعلامية وإصدار جريدة السبيل ثم الصحوة؟ لقد تطورت علاقتي بالإخوة الذين أسسوا فيما بعد رابطة المستقبل الإسلامي، وأصبحت وجهة نظرنا متطابقة في القضايا الأساسية مما جعلنا نبلور بعض المشاريع المشتركة، فاقترح علي بعضهم وأخص بالذكر الأستاذ الشاهد البوشيخي والأخ عبد السلام بلاجي والمرحوم عبد الرزاق المروري والأستاذ أحمد المشتالي وغيرهم تأسيس جريدة. وبعد نقاش لم يستمر طويلا ـ لأن الاقتناع بهذا المشروع كان قائما ـ أسسنا جريدة السبيل سنة 1990, وأذكر أن أول أعدادها تضمن ميزانية سنة 1990 وتحدث عن مخصصات نفقات الدولة مع تحديد نسبة كل قطاع حكومي، وقد برز ت فيها نسبة مخصصات القائمة المدنية (تعويضات الملك والأمراء) مما جعل الوزير الأول عبد اللطيف الفيلالي يتخذ قرارا بمنعها، فقمنا إثر ذلك بإصدار جريدة الصحوة في نفس السنة والتي استمرت إلى سنة 1996 إلى أن تم دمجها مع الراية ليصير منبر حركة التوحيد والإصلاح (وحدة حاتم والرابطة) هو جريدة التجديد. هل كانت الصحوة لسان حال رابطة المستقبل الإسلامي والمعبر عن توجهها السياسي والفكري؟ كان الشعار الذي يحكم خطنا الإعلامي هو: قد لا نستطيع قول الحق كله، ولكننا لا نقول باطلا وقد جعلنا من هذه الجريدة منبرا لكل مكونات الصحوة الإسلامية بدون تمييز نظرا لأن التنظيم الذي كان وراءها (رابطة المستقبل الإسلامي) كان تنظيما ينحو منحى سريا، وفي نفس الوقت كانت للعدل والإحسان مشاكل مع الدولة، ولذلك فقد أخذنا على عاتقنا الدفاع عن العدل والإحسان مما كان يجعل العديدين يعتبرون الصحوة منبرا للعدل والإحسان، والحقيقة غير ذلك تماما، إذ لم يكن أحد من العدل والإحسان يكتب فيها، ولكنهم كانوا يقتنونها يروجون لها. ولم تكن الصحوة تعبر بشكل مباشر عن مواقف رابطة المستقبل الإسلامي ولكن كان العديد من الإخوة في الرابطة يكتبون فيها وعلى رأسهم الدكتور أحمد الريسوني والمرحوم عبد الرزاق المروري والأستاذ عبد السلام بلاجي والأستاذ أحمد المشتالي والدكتور رضا بن خلدون و الأخوين الشيخي والأخ البورقادي والدكتور فريد الأنصاري وغيرهم. وقد تميزت هذه الجريدة التي كانت تصدر مرة كل شهر بافتتاحياتها القوية والجريئة خاصة تلك التي تناولت القضية الدستورية بطريقة لم يعهدها الإسلاميون والإعلاميون، كما تميزت بصفحتها الأخيرة التي كان الأخ الشاعر والأديب الدكتور فريد الأنصاري يكتب فيها ركنه المتميز عابر سبيل وقد كانت هذه الصفحة تتميز بالنقد اللاذع للأوضاع السياسية والاجتماعية بأسلوب أدبي رفيع، والحقيقة أني لن أنسى أبدا الأخلاق الرفيعة التي كان يتميز بها الأخ فريد الأنصاري، إذ كان كلما أحضر مقالا إلا وطلب مني رأيي في الموضوع، وكان شفاه الله يستجيب لكل الملاحظات التي أقدمها له، وينزوي جانبا، ويحقن مقاله بتلك الملاحظات بصياغة أدبية أروع من الأولى، وكنت أفاجأ لهذه الروعة من الجمال والإبداع في أسلوبه الأدبي الممتع. وما طريقة الاشتغال التي كنتم تعتمدونها في إصدار جريدة الصحوة؟ خصصت لهذه الجريدة غرفة في مكتبي الذي كان بطريق مديونة، وبدأنا نشتغل من هذا المكتب. أستاذ مصطفى الرميد، هل انتميت إلى الرابطة؟ أم بقيت مستقلا متعاونا مع هذا التنظيم الإسلامي؟ كنت عضوا في الرابطة، وقد كانوا يشرفونني برئاسة اجتماعات مجلس الشورى آخرها الاجتماع الذي تقرر فيه توحيد الرابطة مع حاتم لكني لم أكن أنتمي إلى التنظيم على اعتبار أنني أتحمل مسؤولية الجريدة التي كان لها مواقف جريئة، ولم أر وإياهم من المناسب أن يكون لي موقع في التنظيم مما قد يضر الحركة والعمل الإسلامي على السواء. المسار المهني في مهنة المحاماة لا يمكن فصله عن الدفاع عن الحركة الإسلامية في محنها وابتلاءاتها، نريد أن نتعرف على الدور الذي قمت به كمحام من اجل الدفاع عن الحركة الإسلامية؟ يشهد الله أني لم ألتحق بمهنة المحاماة طلبا للغنى، وإنما سبب ذلك كما أشرت المضايقات التي تعرضت إليها بعد التحاقي متطوعا بشعبة الدراسات الإسلامية بكلية الآداب بعين الشق، وأيضا لما رأيت غيابا شبه كامل للإسلاميين في هذا القطاع مع أن الحاجة إلى تواجدهم كانت من أوكد الحاجات والضرورات، وأذكر أنني التحقت بمكتب أحد المحامين متمرنا اشترطت عليه ألا يكلفني بأي ملف قضيته محرجة بالنسبة إلي من حيث المبادئ الذي أومن بها بحيث كان شعاري ولا يزال رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيرا للمجرمين ولم تمض عشرة أشهر حتى أصبح غير قادر على الوفاء بهذا الشرط، وهكذا تعبت في البحث عن مكتب يتحملني وشرطي حتى وجدت مكتبا اشترطت عليه شرطي وشرطت على نفسي ألا أتوصل بأي تعويض مادي في المقابل، وكنت أعيش على الأجر الذي كانت تتقاضاه زوجتي بصفتها معلمة، وكان لا يتجاوز وقتها 1400 درهم في الشهر، وكنت كلما دعيت إلى الدفاع في فضية فيها مخدرات أو سرقة أو شبه ذلك إلا ورفضت مؤمنا بأن مع العسر يسرا، وهو الذي تحقق بفضل الله تعالى بعد حين. وكيف سخرت مهنة المحاماة في أحد جوانبها للدفاع عن قضايا الحركة الإسلامية؟ من أجل الدفاع الحركة الإسلامية دخلت مهنة المحاماة، وقد كان إخوة العدل والإحسان في حاجة إلى مؤازرتي، فلم ابخل عليهم بذلك حيث التحقت بالأستاذ عبد اللطيف الحاتمي الذي كان متخصصا في الدفاع عن قضايا هذه الجماعة، وهكذا طفنا مدنا عديدة للدفاع عنهم، وحتى قبل الوحدة طلب مني الأستاذ عبد اله بنكيران أن أسانده في قضية صحافة في أكادير وكان مديرا مسئولا عن الجريدة، فلم ابخل عليه ولم أتردد في مساندته. وهل كان لكم من دور دعوي في قطاع المحاماة؟ مع بداية التسعينات بدأنا ننظم حلقات دراسية بين الفينة والأخرى لعشرات من المحامين دون أن أسعى إلى تنظيم معين لأنني كنت أعتقد أنه لا حاجة إلى ذلك إلى أن أصبح لإخوة العدل والإحسان وجود داخل المهنة والذي اعتمدوا فيه آلية التنظيم، فحينذاك لم أجد بدا من أن أعتمد نفس الآلية. وهل لا زلت تدافع عن قضايا العدل والإحسان أمام المحاكم؟ تتبعت في المرحلة السابقة جميع قضاياهم بدون استثناء سواء تعلق الأمر بقضية الأستاذ عبد السلام ياسين أو بمجلس الإرشاد أو غيره، لكن في المرحلة الحالية، أصبح لجماعة العدل والإحسان محاموها فلم تعد الحاجة قائمة للمساهمة في ذلك. وهل كانت قضايا العدل والإحسان هي القضايا الوحيدة التي رافعت من اجلها بخصوص مناصرة الحركة الإسلامية؟ لم تكن هي القضايا الوحيدة، فقد ناصرت الإخوة في حركة النهضة التونسية سنة 1991 حيث سافرت مرتين للدفاع عنهم، كما ناصرت الإخوة المعتقلين في الجبهة الإسلامية للإنقاذ. تفاصيل لقاءات ومصطفى الرميد بوزير الداخلية إدريس البصري متى كان هذا اللقاء؟ وما موضوع النقاش الذي دار بينك وبين وزير الداخلية إدريس البصري؟ كان اللقاء الأول تعارفيا، وقد تناولنا فيه قضايا عامة، لكن حدثت بعد ذلك لقاءات كان التركيز فيها من طرفي على الحاجة إلى إنصاف الإسلاميين وتمتيعهم بحقوقهم المشروعة، وفي المقابل كان إدريس البصري يركز على بعض القضايا من مثل الموقف من الملكية وإمارة المؤمنين وغيرها. وإلى ماذا انتهت هذه النقاشات؟ بعد نقاشات طويلة، طلب مني إدريس البصري أن أعد له تقريرا عن هذه الموضوعات، ونظرا لأني كنت لا ألتقي به إلا بعد تشاور مع الإخوة في قيادة الرابطة إذ كنا نقوم بتقييم اللقاءات التي تجري بيني وبين إدريس البصري واحدا واحدا، فقد اجتمعنا أنا والدكتور أحمد الريسوني وعبد الرزاق المروري رحمه الله وعبد السلام بلاجي وأحمد المشتالي ورضا بن خلدون، وأنجزنا بشكل جماعي ذلك التقرير. ولكن الأمر لم يكن يتعلق فقط بموقف الرابطة من الملكية وإمارة المؤمنين، وإنما كان يتعلق بمواقف الحركات الإسلامية العاملة، ما الحل الذي قدمتهوه لهذه المشكلة؟ كنا في البدء عرضنا الأمر عليهم وطلبنا منهم أن يكتبوا بأنفسهم عن موقفهم من هذه القضايا، لكنهم اعتذروا عن ذلك، وأكدوا ثقتهم فينا، ولما انتهينا من كتابة التقرير سلمناه لهم، إذ توصلت به جماعة العدل والإحسان عبر الأستاذ محمد البشيري رحمه الله، وتسلمه الإخوة في حركة الإصلاح والتجديد عبر الأخ محمد يتيم، وتسلمه الإخوة في حركة الاختيار الإسلامي عبر الأخ محمد المرواني. وما مصير هذا التقرير؟ نشرته بعد ذلك في جريدة الصحوة باعتبار أن مضامينه هي مضامين علمية وسياسية إسلامية رأينا أن يستفيد منها عموم قراء الجريدة، وليس فيه أي معطيات ذات طبيعة سرية تتطلب التكتم. وكيف تلقت وزارة الداخلية هذا التقرير؟ أخبرني إدريس البصري بعد إعفائه من مهامه أن الملك الحسن الثاني كان قد طلب منه إنجاز تقرير عن الإسلاميين قبل أن يتخذ قرارا بإدماجهم في العمل السياسي المؤسساتي، وأكد لي أنه بعد أن حاورني وبعد أن استجمع معطيات أخرى تقدم إلى الملك أخبره بأنه يمكن أن يسمح للإسلاميين بالمشاركة السياسية، ويعني بذلك التيار الإسلامي الذي كنت أمثله، وكان ذلك بعد الوحدة (حركة التوحيد والإصلاح) وقد سأله الملك الحسن الثاني رحمه الله عن عدد المقاعد المحتمل فوزهم بها في الانتخابات التشريعية ,1997 فأخبره بأنها بين 10 و14 مقعدا، فأذن له بذلك، وأشار إلى أن ذلك كان هو السبب في وقوع بعض الارتباكات (التزوير) في انتخابات .1997 وهل اقتنعت الدولة بعد هذه الحوارات التي أجريتها مع وزير الداخلية بالسماح للإسلاميين بتأسي حزب سياسي خاص بهم؟ كل المعطيات كانت تقول بأن الموقف الرسمي كان يسير في اتجاه توفير الأجواء الملائمة لتأسيس حزب ذي خلفية إسلامية إلى أن جاءت مفاجأة المؤتمر الاستثنائي للحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية والذي بوأ إخواننا من حركة التوحيد والإصلاح مركز القيادة فيه، فوجدت الدولة أن هذا الحل ملائما. الأستاذ الرميد، هل يمكن أن تحدثنا عن مسار تشكل التجربة السياسية عنكم؟ بعد خروجي من الشبيبة الإسلامية واحتكاكي بأغلب العاملين في الساحة الإسلامية اقتنعت اقتناعا تاما بحاجة العمل الإسلامي إلى الخروج إلى الهواء الطلق وإلى مخاطبة الناس مباشرة، وإلى العمل على تأطيرهم بالأطر التنظيمية القانونية، وكما سبقت الإشارة، فقد اشتغلت إماما بالحي الجامعي وفتحت حوارات مع الطلبة ليل نهار وكنت أحس بمفعولها وأثرها الجيد مما أغراني في مرحلة لاحقة بإلقاء دروس في المساجد ومحاضرات في العديد من المدن، إلى أن أسست جريدة باتفاق مع إخوة آخرين. وكنت أدعو بشكل صريح إلى تمتيع الإسلاميين بحقوقهم الدستورية في تأسيس الجمعيات والأحزاب السياسية، وأذكر أني كتبت مقالا أنتقد فيه موقف وزارة الداخلية الرافض لتأسيس حزب التجديد الوطني الذي كانت حركة الإصلاح والتجديد أسسته في الوقت الذي بدا لقادة هذه الحركة عدم الاحتجاج على رفض الترخيص لأسباب خاصة. وحدث أن جريدة الصحوة أثارت اهتمام بعض الهيئات الديبلوماسية ومن ضمنها السفارة الفرنسية حيث اتصل بي السكرتير الأول للسفارة في سنة 1994, وطلب اللقاء بي، وبعد التشاور مع الإخوة في الرابطة تم الاتفاق على مراسلة وزارة الداخلية لإخبارها رفعا لأي التباس أو تأويل سيء. وقد توصل وزير الداخلية إدريس البصري بالمراسلة، فبعث إلي من يخبرني بان وزارة الداخلية لا ترى مانعا في ذلك. وبعد مدة تم اقتراح اللقاء بوزير الداخلية وهو ما تم بالفعل.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.