غدا يوم القيامة لاينفع العبد مال ولا بنون ، ولا يكون أنيسه في القبر إلا عمله الصالح بعد أن يذهب الأهل والأصحاب، فبالعمل الصالح فاز الصالحون وإليه مطمع الفائزون ، والعمل الصالح يشفع لصاحبه في الدنيا والآخرة ، فثمرة العمل الصالح عاجلة وآجلة (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ) (فاطر: من الآية10)، وحتى يكون عملنا الصالح عملا متقبلا لا بد من إخلاص النية لله في أي عمل يعمله العبد . قال تعالى : ( ومَا أُمِرُوا إلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ) البينة : 5 ، وقال -صلى الله عليه وسلم- : إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئ ما نوى ولا بد في إخلاص العمل من أن يكون هذا العمل مما شرعه الله على لسان رسوله -صلى الله عليه وسلم- يقول تعالى : { قُلْ إن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ }آل عمران : 31. ومن الضوابط المهمة التي ذكرها أهـل السنة في شأن الأعمال الصالحة التي تقرب إلى الله تعالى : القصد . والمداومة قال تعالى : ( يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ اليُسْرَ ولا يُرِيدُ بِكُمُ العُسْرَ )البقرة : 185 ، وقال تعالى : ( وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ )الحج : 78 . وليعلم المؤمن أن المشقة ليست مقصودة في التكليف كما قرره علماء الأصول من أهـل السنة بل الأصل هو رفع الحرج والعنت عن الناس . فليس لأحد أن يقصد المشقة طالباً بذلك الأجر . قال الشاطبي -رحمه الله-(أصل آخر : وهو أن المشقة ليس للمكلف أن يقصدها في التكليف نظراً إلى عظم أجرها، وله أن يقصد العمل الذي يعظم أجره لعظم مشقته من حيث هو عمل ). وللحفاظ على المدوامة على العمل الصالح لابد من الإكثار من مُجالسة الصالحين والحرص على مجالس الذكر العامة كالمحاضرات والخاصة كالزيارات ، و الحرص على الفرائض كالصلوات الخمس فان في الفرائض خير عظيم ، وبعد ذلك يأتي الحرص على النوافل ولو القليل المُححبب للنفس ، ثم البعد كل البعد عن مفسدات القلب من أصحاب السوء و أجهزة التلفاز والاستماع للغناء والطرب والنظر في المجلات الخليعة ، كما أننا لايجب أن ننسى طلب العون من الله تعالى في ذلك كله (رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ).