شهدنا خلال الأيام الأخيرة لغطا كبيرا من قبل بعض مكونات الحكومة الحالية وحتى من بعض أحزاب الأغلبية بخصوص الزيادة التي فاجأت المؤسسات الائتمانية ومؤسسات التمويل التي عرف نشاطها انتعاشا واضحا خلال السنوات الأخيرة قبل أن يصدم الزبناء الذين أبرموا عقودهم قبل فاتح يناير 2008. فبعد أن تفاجأ عشرات الآلاف من الموظفين وغيرهم من ارتفاع التكلفة بخصوص المبالغ المقتطعة ابتداء من يناير 2008, ومع التناقض الواضح بين مواقف مكونات الأغلبية المكونة للحكومة الحالية، نجد غموضا كبيرا يلف هذا الأمر خاصة فيما يتعلق بقدرة الحكومة على الدفاع عن قراراتها على أرض الواقع. وقد كان سوق السيارات قد انتعش بشكل ملحوظ بفضل هذه الوسيلة، وبعد أن انكمش نسبيا خلال 2007 عند الزيادة في هذه الضريبة من 7% إلى 10%، وهي الزيادة التي كان فريق العدالة والتنمية قد عارضها آنذاك بشدة، فإذا بنا نفاجأ في قانون المالية لسنة 2008 بمضاعفة هذا التضريب ورفعه إلى % 20 مما سيأتي لا محالة على ما تبقى من انتعاش هذا القطاع. فخلال مناقشة قانون المالية لسنة 2008 كان فريق العدالة والتنمية يؤكد وبشدة على عدم صواب اعتماد هذه الزيادة التي ستضر بالمتعاملين بهذه الوسيلة التمويلية، وعارض هذا الإجراء واقترح تعديلا في اجتماعات لجنة المالية وخلال الجلسة العامة للإبقاء على السعر المخفض 10% أو حتى تخفيض السعر إلى 7% كما كان سابقا، إلا أن الحكومة بتعنتها استعملت الفصل 15 من الدستور لتحول دون مناقشة هذا المقترح. وبعد أن دخل هذا الإجراء حيز التنفيذ نجد الحكومة نفسها منقسمة على ذاتها بهذا الخصوص. فبعد أن تفاجأ الوزير الأول لتطبيق هذه الزيادة على المستهلك أو الزبون وعبر عن امتعاضه لعدم التزام مؤسسات التمويل بما قال إنه تعهد من جانبها بعدم نقل العبء إلى الزبون، وهو ما لا يعقل ولا يعد منطقيا من الناحية المالية والمحاسبية لأن إشكال الضريبة على القيمة المضافة يكمن أساسا في تحمل المستهلك لعبئها في آخر المطاف، وأمر عباس الفاسي بالتالي بتصحيح الوضع خلال قانون المالية للسنة المقبلة 2009, وهنا نتساءل لماذا الانتظار حتى السنة القادمة؟ لماذا لا تأتي الحكومة بمشروع قانون يغير ويعدل المدونة العامة للضرائب وخاصة المادة 99 (تطبيق السعر المخفض من AVT بنسبة 10%)؟ بل إننا بمقابل هذا الموقف الذي عبر عنه الوزير الأول، نجد وزارة المالية وعلى لسان المدير العام للضرائب تعتبر الأمر مسألة طبيعية وتدخل في إطار الملاءمة الضريبية؟؟ فمن نصدق إذن استغراب الوزير الأول أم تأكيد الإدارة العامة للضرائب لصواب الزيادة. وحتى لو اجتمع وزير المالية مع مؤسسات التمويل لحل هذا الإشكال فإنه لا يمكن من الناحية العملية أن تتحمل هذه المؤسسات العبء الضريبي أو جزءا منه لأن ذلك يضر بها مباشرة. ووزارة المالية الآن عوض أن تحاول حل الإشكال بشكل طبيعي وتقوم بمعالجة هذا الاختلال عبر تغيير المدونة العامة للضرائب التي تم تعديلها بمقتضيات المادة 8 من قانون المالية 2008 (ولا حاجة بالتالي لتعديل قانون المالية نفسه وهو الأمر الذي تخشى منه الحكومة). وبالتالي فإن الأجدر بالحكومة ليس فقط التراجع عن هذه الزيادة وتعديل المدونة العامة للضرائب، وإنما أيضا بتصحيح الوضع السابق وإرجاع النسبة المطبقة إلى 7% كما كانت قبل 2007, فنحن نعلم أن الفئات العريضة من الشعب لا تستطيع اقتناء السيارة وأداء ثمنها دفعة واحدة، وإذا لجأت إلى القروض البنكية فإن التكلفة ترتفع بنسبة تفوق 25% وتصل أحيانا التكلفة الإجمالية للقرض إلى 35% وبالتالي فإنها تلجأ إلى هذه الوسيلة الوحيدة ذات التكلفة المخفضة. فكيف يعقل أن يطبق مثلا السعر المخفض 7% مثلا على السيارة الاقتصادية ولا يطبق على وسائل تمويل اقتناءها ؟ وكيف يعقل أن نسعى لتشجيع اقتناء السيارات الجديدة ونحن نرفع التكلفة المالية لوسائل اقتنائها ونأتي على ما تبقى من إمكانيات تمويلها؟.