ارتكزت التجربة الوحدوية على ثلاث مبادئ مرجعية: 1 المرجعية العليا للكتاب والسنة: أصبحت الحركتان منذ قرار إعلان الوحدة في حل مبدئي من كل الأوراق والمواثيق والقوانين وما تضمنته من تصورات وتوجهات وأنهما على استعداد كامل لمراجعتها وفحصها، وأن ما ليس قابلا للفحص والمراجعة هو مرجعية الكتاب والسنة، وأن الإطار الموحد ليس ملزما إلا بما في الكتاب والسنة، وأن كل ما دون ذلك موضوع للمناقشة والمراجعة، وعنينا بذلك أن ما يلزمنا هو ما نتوصل إليه بفهمنا العلمي المشترك إلى أنه من ثوابت مرجعيتنا الإسلامية مما لا يقبل مخالفته أو التنكب عليه مصداقا لقوله تعالى (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً )الأحزاب36 وعلى ضوء هذا المنطلق، كانت الوحدة فرصة لمراجعة نقدية قام بها التنظيمان الموحدان، فكانت الوحدة بالنسبة لأعضاء الحركتين امتحانا تربويا ونفسيا للقدرة على التجرد وامتحانا فكريا لمدى القدرة على التجديد والتجدد. 2 القرار بالشورى: انطلقت عملية النقاش الوحدوي من حوار فكري إلى حوار مؤسساتي كان يفضي إلى قرارات ملزمة وفق قاعدة التصويت بالأغلبية، بسلاسة كبيرة أثبتتها التجربة العملية. وقد ساهمت هذه القاعدة في التحرر من عدد من الإكراهات تعلق بعضها بأدبيات المشيخة، وتعلق بعضها الآخر بثقل المكتسبات السابقة. وكانت الشورى تتم في بعيدا عن كل الضغوطات، حيث كانت ترفض كل القناعات التي تساق خارج الحجة والإقناع وهو ما لم يكن سهل المنال لولا مجاهدات النفوس ومقاومات الأهواء والمألوفات. لقد اقتنعنا ونحن نعمل بالشورى التي أمر بها الله تعالى أننا إنما نقوم بتكليف شرعي وعمل تعبدي، لا يسعنا فيه إلا أن نمارسه بإخلاص وصدق ونزاهة وأن الإخلال بهذه الأخلاق، قد لا يقتصر ضرره علينا وحدنا ، بل يمكن أن يمتد إلى قضايا الأمة والمجتمع والجماعة . وبقدر ما شكلت تجربة الوحدة بركة من بركات الشورى وثمرة من ثمرات الالتزام بمنهجها شكلت مراحل التوحيد تمرينا من تمارين تنزيل مقاصد الشورى ومناسبة من مناسبات تربية القادة والأعضاء على أخلاقها ولا يمكن أن ندعي أننا لم نجد صعوبات في طريقنا إلى إتمام التوحد بل واجهتنا عدة آفات بعضها تغلبنا عليه تماما والبعض الآخر ما زلنا نكابد للتغلب عليه إن لم يكن في الحركة ففي التخصصات الموازية أو الشريكة. 3 المسؤولية بالانتخاب: لقد كان هذا المبدأ ترجمة عملية لمبدأ الشورى حيث تم اختيار المسئولين في جميع مستويات التنظيم حتى خلال المرحلة الانتقالية بالانتخاب، وأبرز مثال لتجسيد الممارسة الشورية في مجال انتخاب المسؤولين كان هو انتخاب الدكتور أحمد الريسوني رئيسا للحركة في ما يشبه الإجماع، وهو ما يعني أن التصويت كان متحررا من الولاءات والانتماءات التنظيمية السابقة.