سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
عدنان عبد العزيز: المغربي يشتري الدواء بثمن مرتفع مقارنة بدول مثل تونس والتايلاند وإسبانيا مدير الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي قال إن الصندوق رفع تعريفة الاستشارات الطبية حوالي ستة أضعاف مما جعله قرارا تاريخيا
يرفض عبد العزيز عدنان, المدير العام للصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي، في هذا الحوار، أن يستعمل لغة الخشب. إذ انتقد على سبيل المثال أثمنة الدواء المرتفعة في المغرب مقارنة مع دول أخرى مثل تونس أو إسبانيا، كما انتقد أيضا ما أسماه الفوضى في سوق الأجهزة الطبية التي «لا تخضع لأي مقياس»، فأثمنة الأجهزة الطبية المستعملة في طب أمراض القلب مرتفعة جدا، تفوق 100 إلى 200 في المائة مما هو عليه الأمر في الواقع. وانتقد أيضا منتجي العلاجات الذين لا يحترمون الاتفاقات المبرمة. ومن جهة أخرى، يرى عبد العزيز عدنان أن الرهان الأساسي لإدارة الصندوق هو تسهيل المساطر، و تحسين خدماته, وتقريبها ما أمكن للمنخرطين في الصندوق. - قمتم مؤخرا في الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي بمراجعة التعريفات المرجعية للاستشارات الطبية. لماذا اعتبرتم هذه المراجعة قرارا تاريخيا؟ < بطبيعة الحال اعتبرناها قرارا تاريخيا لأنه بالرجوع إلى الوراء وبالضبط منذ خمس سنوات، كان الصندوق والتعاضديات يسيران التغطية الصحية في إطار اختياري. حينها كانت تعريفة المسؤولية بالنسبة للطب العام لا تتعدى 15 درهما والطب المختص 25 درهما، وكان الصندوق يؤدي 80 في المائة، أي كان يقدم للمؤمن (بفتح الهمزة) 12 درهما كتعويض لاستشارة الطبيب العام و20 درهما عند استشارة الطبيب المختص. والحال أن المؤمن عندما يذهب إلى الطبيب العام يؤدي 100 درهم على الأقل ويؤدي 200 درهم للطبيب المختص، بل إن هناك بعض الاختصاصيين يحددون ثمن الاستشارة الطبية في 250 درهما أو 300 درهم. وأنتم ترون الفرق الشاسع بين ما يؤديه المؤمن وما يحصل عليه كتعويض. عندما تم تفعيل التغطية الصحية الإجبارية، طلبنا ترخيصا من المجلس الإداري للصندوق لكي يرفع من تعريفة المسؤولية. وبالتالي اعتمد المجلس تعريفة تصل إلى 40 درهما بالنسبة للطبيب العام، و60 درهما بالنسبة للطبيب المختص. وعملنا بهذه التعريفة منذ دخول التغطية الصحية الإجبارية إلى حيز التطبيق إلى غاية 22 أكتوبر الماضي. وفي إطار التدرج في تحسين الخدمات، صادق المجلس الإداري في 22 نونبر 2009 على الرفع من التعريفة من 40 إلى 80 درهما بالنسبة للطبيب العام، ومن 60 إلى 150 درهما. وبالتالي، فخلال أربع سنوات، يكون الصندوق رفع تعريفة الاستشارات الطبية حوالي ستة أضعاف، مما يجعل القرار تاريخيا. - ألن يكون لهذه التعريفة المرجعية الجديدة أي انعكاس على التوازن المالي للصندوق واشتراكات المؤمنين؟ < خلال المجلس الإداري للصندوق، الذي انعقد في 23 يوليوز الماضي، ونظرا للتخوفات التي أبداها بعض الأعضاء، طلب المجلس من لجنة مكونة من وزارة المالية والصحة والوكالة الوطنية للتأمين الصحي والصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي إعداد دراسة معمقة حول تأثير التعريفات الجديدة على توازناته المالية. وحسب الدراسة، إذا ظلت التعريفة المرجعية التي تضم كل الخدمات الطبية وليس فقط الاستشارات الطبية التي تم الرفع من قيمتها عما هو عليه، وإذا استعملنا الفائض المالي الذي راكمناه والذي يتراوح ما بين مليارين و800 مليون و3 ملايير درهم، فإن الصندوق لن يعرف أي عجز مالي إلى غاية 2019 أو 2020 بغض النظر عن ارتفاع الموارد المالية. بالتالي، فتوقعاتنا تشير إلى أن الصندوق لن يعرف عجزا أو صعوبات مالية، خاصة أن قيمة الاشتراكات ستعرف في السنوات المقبلة ارتفاعا يفوق السنوات الماضية، لأن الدولة خلقت حوالي 22ألف منصب شغل جديد تقريبا، وهو ما سيؤثر إيجابا على الاشتراكات، فضلا عن سياسة التحصيل التي أصبحت مضبوطة أكثر مقارنة بالسنوات الماضية، خاصة مع الجماعات المحلية والمؤسسات العمومية. وخلافا لما كان عليه الأمر قبل تطبيق التأمين الإجباري عن المرض، الآن تعطي الدولة النموذج لأنها تدفع نهاية كل شهر للصندوق اشتراكاتها، والمبلغ الإجمالي السنوي يفوق مليار و200 مليون درهم كواجب الدولة بصفتها مشغلا. - لماذا تم استثناء طب الأسنان من التعريفة المرجعية الجديدة؟ < تم استثناء علاجات الأسنان لأن بعض أعضاء المجلس الإداري ارتأوا أن تواكب سلة العلاجات في الصندوق سلة علاجات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. فصندوق الضمان الاجتماعي أدرج في سلة علاجاته تعميم التعويض عن العلاجات العادية واستثنى علاجات الأسنان. بالموازاة، ونظرا للتخوف من الانزلاقات المالية التي قد يتعرض لها التأمين الإجباري عن المرض، طلبت اللجنة المختلطة أن يترك اعتماد التعريفة الوطنية المرجعية لعلاجات الأسنان إلى غاية القيام بدراسة اكتوارية ستعرف نتائجها في شهر مارس، حينها سيكون لدينا تصور كامل ومتكامل وسنعود إلى المجلس الإداري لدراسة ما إذا كانت هناك إمكانية لاعتماد التعريفة الوطنية المرجعية، مع العلم أننا سنفتح جولة جديدة من المفاوضات مع منتجي العلاجات لأن الاتفاقية الوطنية تمتد من شتنبر 2006 إلى شتنبر 2009، وعليه، يجب أن نعيد النظر في العديد من التعريفات ليس فقط في اتجاه الزيادة من قيمتها، بل لخفض بعضها لأنها تفوق تلك المعتمدة ببعض الدول الأوربية. - يطرح تساؤل حول ما إذا كانت هناك إرادة فعلية وحقيقية لتطبيق هذه التعريفات المرجعية الجديدة. < المشكل لا يوجد لدى الصناديق المكلفة بالتأمين الإجباري عن المرض، ولكن المشكل هو مع بعض منتجي العلاجات الذين لا يحترمون التعريفة المرجعية. فعند المفاوضات التي جرت مع منتجي العلاجات والاتفاق المبرم معهم، كان الجميع قد التزم باحترام التعريفة المرجعية. ومع ذلك، ضبطنا أكثر من 40 مخالفة موثقة تبين عدم احترام منتجي العلاجات لذلك الاتفاق وأحلناها على الوكالة الوطنية للتأمين الصحي قصد اتخاذ الإجراءات اللازمة. نعم، قد تكون بعض الخدمات الطبية ليست في المستوى التعريفي الذي يخول لمنتجي العلاجات ضبط مصاريفهم. ونقول لمنتجي العلاجات إن الصندوق مستعد لمراجعتها، ولكن بالمقابل لابد لمنتجي العلاجات من احترام القانون. - أسعار الدواء في المغرب مرتفعة جدا، كيف تتعاملون مع هذا الإشكال؟ < كما قلت، يتطلب التوازن المالي اعتماد إجراءات مواكبة، ومن بينها مراجعة السياسة الدوائية أو سياسة أثمنة الأدوية. ولا بد أن نعترف أنه، ولأول مرة، اهتمت وزارة الصحة بالموضوع وانكبت على دراسته من أجل اتخاذ الإجراءات الضرورية، كما أن هناك تقريرا للجنة برلمانية حول إشكالية الدواء تمت خلاله دراسة نموذج التايلاند ونيوزيلاندا وتونس والبرتغال وإسبانيا. وقد أفضت النتائج إلى أن الفرق شاسع بين المغرب وتلك البلدان. فالمغربي يشتري الدواء بثمن مرتفع مقارنة بما هو معمول به في تلك البلدان، في حين أن قدرته الشرائية ليست مرتفعة مقارنة بمواطني البلدان التي ذكرتها. بالنسبة للصندوق، نتوفر على صيدلية يبلغ إجمالي مقتنياتها من الأدوية المكلفة 356 مليون درهم، وتسلم هذه الأدوية مباشرة ودون مقابل للمؤمنين. لكننا لاحظنا أن الفرق بين أثمنة شراء هذه الأدوية والأثمنة المعمول بها في السوق يتراوح ما بين 1 و3 أضعاف، بمعنى أنه إذا كان مثلا ثمن الدواء بصيدلية الصندوق هو 200 درهم، فإن ثمنه بالسوق يصل إلى 250 أو 300 درهم. هذا الفرق جد شاسع. وهناك أدوية قد تصل قيمتها إلى عدة ملايين من السنتيمات. وبالتالي فلو كنا نشتري الدواء بالأثمنة المعمول بها في السوق، ربما سيكون العجز المالي للصندوق واضحا في السنوات القليلة القادمة. ولذلك من الإجراءات المواكبة التي طلبناها من وزارة الصحة والتي ستعمل على تفعيلها حسب المعطيات المتوفرة لدينا، هو اعتماد أثمنة الصندوق كأسعار مرجعية للأدوية المكلفة. وهو ما وافقت عليه إحدى شركات الأدوية المعروفة التي تحتكر لوحدها حوالي 53 % من مشتريات الصندوق. أنا جد متفائل بخصوص تخفيض أثمنة الأدوية. وبالتالي يمكن تخفيض أثمنة الأدوية، كما يمكن اللجوء إلى الدواء الجنيس لتمكين شرائح مهمة من المواطنين من الاستفادة من الأدوية بأثمنة في المتناول. بموازاة إعادة النظر في أثمنة الأدوية التي تمثل نفقاتها 47 % من ميزانية الصندوق، أرى أنه من اللازم إعادة النظر في الأجهزة الطبية. هناك فوضى في هذا المجال، إذ لا يعرف مصدر الجهاز الطبي إن كان من صنع صيني أو برازيلي، وإن كان هذا الجهاز جاء من بلد يحترم الجودة والسلامة، فلا يوجد إطار قانوني يحدد هذا المجال باستثناء دورية غير إلزامية لوزارة الصحة. أما أثمنة الأجهزة الطبية، فلا تخضع لأي مقياس. فعلى سبيل المثال، كانت أثمنة الأجهزة الطبية المستعملة في طب أمراض القلب مرتفعة جدا، تفوق 100 إلى 200 في المائة عما هو في الواقع. وبفضل تجربة الصندوق تم تخفيض تعريفة الخدمات المتعلقة بطب القلب إلى 40 في المائة، وهناك بعض الأجهزة الطبية التي تم تخفيضها بنسبة 150 في المائة، مما يبين هوامش الربح التي يستفيد منها البعض. - يتوفر الصندوق على 7 فروع فقط. ما هي استراتيجية الصندوق من أجل تقريب خدماته من المؤمنين، خاصة في المناطق النائية والبعيدة؟ < نتوفر على 7 فروع بالدار البيضاء والعيون ومراكش وأكادير وفاس ووجدة وطنجة، وفي آخر هذه السنة سنفتتح فرعين: واحد في بني ملال والآخر بالقنيطرة. سنستمر في سياسة فتح الفروع لتقريب الخدمات من المؤمنين، خاصة في المناطق التي فيها كثافة من المؤمنين ومنتجي العلاجات لتدبير التحملات. هناك أيضا بعض المناطق مثل ورزازات التي يجب تغطيتها لأنه لا يعقل أن نفتح فروعا فقط في المدن الكبرى وعلى الشريط الساحلي ونتناسى بعض المدن مثل الرشيديةوالحسيمة وزاكورة. - لماذا لم تفكروا في فتح صيدليات في جميع الفروع التي يتوفر عليها الصندوق؟ < الفصل 44 من القانون 65-00 يمنح الصندوق ثلاث سنوات ابتداء من 2005 إلى 18 غشت 2008 للاستمرار في تدبير صيدلية. الآن نحن خارج القانون، لأن الإجراءات التي طلبناها لم يتم الاستجابة لها لحد الساعة، ولذلك نحن مضطرون لتدبير هذه الصيدلية، لأنه من السهل توقيفها، لكن انعكاسات القرار على المؤمنين لن يكون سلبيا بل كارثيا، خاصة أننا نتعامل مع عدد كبير من المؤمنين يعالجون من أمراض مزمنة ومكلفة. ولهذا عند اعتماد الإجراءات التي ستقوم بها وزارة الصحة من أجل تقليص أثمنة الأدوية وتوفيرها إما في المصحات أو الصيدليات أو المستشفيات العمومية، إذ ذاك سنغلق صيدلة الصندوق، والمؤمن أينما يوجد في السمارة أو الحسيمة سيعثر على الدواء في أقرب صيدلية أو لدى منتج العلاجات، المشكل هو هامش الربح المطبق على ثمن الدواء. ومن الأمور التي أثرناها هو أننا قلنا إن الصندوق لن يتحمل زيادة تفوق الأثمنة التي يشتري بها الأدوية حاليا. ولذلك طالبنا بأن تكون الأثمنة التي يشتري بها الصندوق هي الأثمنة المرجعية، حتى إذا حصل الصيدلي على هامش معقول من الربح فلن يشكل ذلك عبئا ماليا كبيرا على المؤمن. - ما هي المشاريع أو البرامج التي يشتغل عليها الصندوق والتي تهم بشكل أساسي المؤمنين؟ < لدينا وضوح في الرؤية يجسده مخطط العمل الاستراتيجي. فلتعزيز النجاعة والشفافية، اعتمدنا نظاما معلوماتيا متطورا ومساطر جديدة لتدبير نظام التأمين الإجباري عن المرض وقمنا بتحديث العلاقة مع المؤمنين ومنتجي العلاجات عبر وضع تسع خدمات على الموقع الالكتروني، الذي يزوره أكثر من 500 ألف شخص كل شهر.كما نقوم بإرسال كشوفات مفصلة حول تعويضات المؤمنين والأداءات لفائدة منتجي العلاجات، إضافة إلى التحسيس والوقاية من الأخطار الصحية الناتجة عن بعض السلوكات. أظن أنه حان الوقت لكي تتضافر الجهود تحت إشراف وزارة الصحة لتعزيز الوقاية من الأمراض المكلفة وطويلة الأمد التي تثقل نفقاتها كاهل المواطنين والأجهزة المدبرة للتأمين عن المرض، ولعل النتائج الجيدة التي حصلنا عليها بشراكة مع جمعية للا سلمى لمحاربة داء السرطان في ميدان الوقاية من سرطان الثدي والتدخين لتأكيد على ضرورة أن نضع اليد في اليد لتعزيز التوعية والسلامة الصحية لما فيه مصلحة المواطنين. وفي إطار تعزيز الولوج إلى الخدمات، خاصة بالنسبة للمؤمنين المصابين بأمراض مزمنة، نقوم الآن بتحمل كل تحليل بيولوجي يفوق ثمنه 66 درهما وحصص الليزر وفحص شبكة العين. من جهة أخرى، قمنا بجهود مكثفة لتقليص الآجال. فعلى سبيل المثال، أصبح الأجل بالنسبة لمنتجي العلاجات يتراوح بين شهر وشهرين إلى درجة أن رئيس الجمعية الوطنية للمصحات الخاصة قال في مراسلة إلى الوكالة الوطنية للتأمين الصحي، إنه ولأول مرة توصلت الجمعية إلى نتائج إيجابية كانت تطالب بها منذ عشرين سنة. غير أن الجديد الذي أحبذ أن أكشف عنه هو أنه لأول مرة قدمنا للمجلس الإداري ميزانية مبنية على مؤشرات، وطالبنا أن يقيم عمل الصندوق بناء عليها. ومن بينها مؤشر أجل استرجاع مصاريف المؤمنين. فالهدف الاستراتيجي الذي نحاول أن نصل إليه هو 21 يوما بالنسبة للمؤمنين أو منتجي العلاجات، في حين أن المشرع حدد هذا الأجل في ثلاثة أشهر بالنسبة للمؤمن وستة أشهر بالنسبة لمنتجي العلاجات. في الواقع وصلنا إلى هذا الهدف منذ مدة، حيث إن بعض التعاضديات أصبحت تعوض المؤمنين في أقل من شهر. كما قمنا بتبسيط المساطر. فعلى سبيل المثال، كان يتعين على المريض الذي يقوم بتصفية الدم أن يحضر 17 وثيقة. الآن، أصبحت هذه الوثائق أقل من أربع، وأصبحت المسطرة مبسطة جدا، هذه من المسائل الملموسة التي من شأنها أن تعطي بعض المصداقية للتأمين الإجباري على المرض، لأني لا أخفيك أن الصندوق كان محط تساؤلات من قبل البعض حول قدرته على تدبير التأمين الإجباري وعلى تقليص أجل دراسة الملفات. ولله الحمد، فقد بلغنا هذه الأهداف. ولعل النتائج المحصلة حاليا وثقة الدولة في الصندوق هي التي جعلتها توكل للصندوق تدبير التغطية الصحية لفائدة ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان وتفكر في مشروع تكليف الصندوق بالتغطية الصحية للطلبة، وهو المشروع الذي تنكب عليه الحكومة. ونحن نهيئ أنفسنا على مستوى النظام المعلوماتي أو التدبيري أو الموارد في حالة ما طلب منا تدبير هذا الأمر.